Authors

الخذلان ...

{clean_title}
Alanbatnews -


بين جلد الذات والقيام بالواجب هناك هامش دقيق جدا ، هذا الهامش يعلق به الكثيرون ، ما لا تستطيع القيام به ، مهما جلدت ذاتك لأجله لن تستطيع القيام به ، لن يحدث جلد الذات أي تغيير ، ولنأخذ مثلا حال الأمة في ظل الإستعمار ، ان أي تصرف مهما كان بسيطا محكوم بنتائج ، وهذه النتائج قد تصل إلى إعدام إذا وجد غلاف رصاصة فارغ لدى الشخص في ظل الإستعمار ، وهذا ما حدث في فلسطين والأردن وغيرها في ظل الإستعمار الإنجليزي ، معظم السياسات التي يمارسها الكيان اليوم هي سياسات مارستها الحكومات الإستعمارية والبريطانية سابقا في دولنا. 

في ظل هذه الظروف ما هي السبل لجعل الإستعمار يدفع فاتورة بالغة لإستعماره ، ويسعى للتخلص من هذا الإستعار ، للأسف لن تكون إلا في ظل فاتورة بالغة جدا وخطيرة على الطرف المحتل ، وإلا لن يجد سبيلا لتحرير نفسه بالورود ، طبعا هناك فرق كبير بين الإنسان تحت الاحتلال والإنسان الذي تمارس عليه هيمنة ساسية غربية أو ظروف إستعمار ثقافي سياسي إجتماعي ، ولكن هذه الظروف وطريقة التعامل هي التي تحدد هل هذا الشعب قابل للإستعمار أم غير قابل للإستعمار ، قابل للإستعمال ام غير قابل للإستعمال كما يقول د المسيري. 

ما قام به غاندي على خلاف بين المؤيدين والمعارضين لسياسته ، هو حرمان الإستعمار من الفوائد التي يسعى إليها ، فهو سعى لمقاطعة كل المنتجات التي تساهم في بقاء المستعمر ( بكسر العين ) ، وحركة المقاومة السلمية السلبية قد تؤدي نتائج كبيرة في ظل العدد الكبير للهنود مثلا ، وفي ظل إعتماد الإنجليز على الإستفادة القصوى من هذا الإستعمار عبر تسخير المجموعات البشرية الكبيرة في الزراعة والإنتاج والصناعة ولاحقا في الشراء بعد ذلك ، فالإنجليز سعوا لإنشاء مستعمرات يستغلونها من ناحية الموارد والقوى البشري والأرض ، وبعد ذلك يتم بيع ما تم إنجازه لهذه الشعوب المستعمرة ، عبر الإحتكار والإحتقار والإجبار فهذه الشعوب مجبرة على شراء الأزر الذي زرعته في أرضها وقدمته للمستعمر بالسعر الذي يحدده هو ، وكذا الصوف والقطن والمنسوجات والمنتجات الزراعية والصناعية  ، الإنجليز فرضوا أنفسهم على دورة الحياة في هذه المجتمعات وفي الإدارة لهذه المجموعات البشرية المستعمرة ، فهي إدارة للقطيع لتحقيق أكبر عائد مادي للإنجليز على حساب قوت الشعوب وعمله وأرضه . 

هنا إيقاف الحركة الإقتصادية بحد ذاته يعتبر كارثة بالنسبة للإنجليز ، وسوف يقاومونه بكل السبل حتى الأكثر وحشية ، وهذا ما حدث عبر سلسلة من المذابح مات فيها أعداد كبيرة من الهنود . 

وفي المقابل من يملك ان يطلق رصاصة أو أن يعكر السلم المجتمعي للمحتل ولم يفعل لم يقاوم المحتل ، أو أن يجعله يتصرف تصرف يظهر حقيقته لكل الفئات ولم يفعل لم يقاوم المحتل ، وتتعدد وسائل المقاومة بحسب الإنسان وموقعه ، ما سعت إليه بريطانيا في فلسطين هو ضبط الحركة لتفريغ المناطق والسيطرة عليها عبر خطة خبيثة ، قامت على تمكين اليهود ومدهم بالوسائل السياسية والإدراية والاسلحة والمعدات ، وعدم السماح للطرف الأخر بالحصول على أي شي حتى عبوة رصاصة فارغة كانت تسبب إعداما ، وبعد ذلك التسلل الخبيث لمنع قيام موقف فلسطيني قوي وموحد تجاه تفريغ الأرض واحلال اليهود مكان أهلها ، حتى وصل اليهود إلى النقطة الحرجة التي أصبحوا فيها قوة عددية وعسكرية على الأرض وفي هذه اللحظة خسر اصحاب الأرض . 

لن أخوض في النوايا ، النتائج هي المهمة بالنسبة لشعوب ، فأنا أؤمن تماما أن الخيانة والغباء لهما نتيجة واحدة عندما يتعلق الأمر بالأمة أو الوطن ، لن يشفع التاريخ لأولئك الذين كانت أخطاؤهم سببا في احتلال او خسارة أو قتل الشعوب ، والمحاولات العربية والانجليزية سواء عن طريق الأمير فيصل بن سعود الذي أكد للثوار في فلسطين أن هناك تعهد بريطاني لوالده بالحفاظ على الأرض العربية في فلسطين والحفاظ على التواجد العربي فيها ، وأنه من المناسب انهاء الثورة والأضراب وعودة الحياة المدنية في ظل الإستعمار ، أو عن طريق تشرتشل نفسه الذي أكد شخصيا هذا الكلام للثوار والقيادات الشعبية في فلسطين وسعى للهدوء ، حتى يتمكن لاحقا من تنفيذ خطته التي اعدها سابقا وهي تفريغ الأرض بهدوء من أهلها ، وتقديمها لقمة سائغة لليهود ، لقد استطاع الاستعمار الإنجليزي توظيف حسن النية والسياسي والثائر وسيء النية والخائن والعميل لتحقيق هدف واحد هو ما يريده الإستعمار .

واذا لم نفعل مثلما فعل سنخسر المعركة ، اذا المعركة معركة وعي ، وقد تخدم عدوك وتساعد في قتل اخوانك وزيادة أمد الاحتلال وهزيمة الأمة وأنت لا تدري ، إذا الخذلان مرتبط بما تقدر عليه وما هو موقعك ، والسعي بكل الوسائل للفهم والوعي لأنهما أفضل الأسحلة في هذه المعركة.

ولا يجوز بحال اطلاق الخذلان بعمومه ، ولكن قد يكون الإنسان متخاذلا وهو يدعي ويرفع الصوت ويتهم الأخرين بالخذلان ، وشهدنا الكثير من هؤلاء فالقوم في السر غير القوم في العلن ، فمن يستطيع الكتابة ونصرة القضية ولا ينصرها بكلمة أو مشاركة أو تعبير ، لنشر الوعي وتحديد الوسائل المناسبة للمقاومة والإذاء والتأثير على العدو ، ومن يستطيع التبرع ولا يتبرع ، ومن لا يقاطع تلك الشركات التي تدعم جهارا نهارا وبكل وقاحة الكيان ، ومن ومن ومن لا يفعل فهو متخاذل وان زعم وصرخ واعلن وصرح واتهم الأخرين بأنهم متخاذلون .

هناك دور لكل واحد منّا  في نصرة أمته وقضايا أمته ، أمر يقدر عليه فإن قصر فيه ، فهو قصر في نصرة هؤلاء وهو متخاذل ، أما من سعى وبحث ونصر ونشر وساهم وقاطع ولم يدخر جهدا في جعل هذه القضية وكل قضايا الأمة قضاياه فهو غير متخاذل . 

إبراهيم أبو حويله ...