عالم تحت قبضة الخوف

عالم تحت قبضة الخوف
محسن الشوبكي 
خبير امني واستراتيجي 

العالم اليوم يعيش تحوّلاً جذرياً في قواعد السياسة. لم تعد الدبلوماسية مرنة ولا التسويات ممكنة، بل حلّ منطق الإكراه محل فن الممكن. القوة العسكرية والتقنية تُستخدم لفرض واقع لا يقبل النقاش، فيما الاقتصاد تحوّل إلى سلاح يطوّق الشعوب ويكسر إرادة الدول عبر العقوبات والحصار والاحتكار.

الجماهير بدورها لم تعد طرفاً فاعلاً، إذ تُدار عبر خطاب تعبئة يزرع الخوف من العدو الخارجي، وبسياسات داخلية تجعل المواطن يخشى الفوضى أكثر من الاستبداد. هذا الخوف المنظم يحوّل الإنسان من مشارك في القرار إلى باحث عن الحماية، ويضمن صمته مقابل تأمين احتياجاته الأساسية.

المشهد يتقاطع مع ما ورد في الاستراتيجية الأمريكية 2025 التي وضعت التفوق العسكري والاقتصادي وحرب المعلومات في صلب أدواتها لإعادة تشكيل النظام الدولي. وهو ما يؤكد أن ما نعيشه ليس أزمة عابرة، بل إعادة ترتيب لموازين القوى على قاعدة الإجبار لا التفاهم.

المستقبل يبدو هشاً، فالمواجهات ستظل غير مباشرة، والتكتلات المغلقة ستتوسع، لكن الضغط المعيشي قد يفتح فجوات غير متوقعة حين يعجز الخوف والشعارات عن سد جوع الناس. عندها يصبح الاستقرار العالمي مجرد قشرة رقيقة فوق صراع دائم ومستتر، عالم تحت قبضة الخوف.