الصادرات الوطنية.. فرص واعدة وتحديات تعرقل التوسع

 

صناعة الأردن تدعو إلى إعادة الدعم المالي للصادرات الوطنية

البشير: يجب إعادة النظر في ملف الضرائب ومعالجته

 

الأنباط - مي الكردي

 

تواجه الصناعات المحلية واقعًا اقتصاديًا شائكًا على الصعيدين الداخلي والخارجي، ابتداءً من ارتفاع الكُلف التشغيلية وليس انتهاء بثقل الملفات الضريبية عليها.

للصادرات الوطنية فرص واعدة في الأسواق العالمية، لكن كثرة الصعوبات والتحديات تثبط تنافسيتها، الأمر الذي ساهم في تركز 80 % من هذه الصادرات في 14 سوقًا رغم إمكانية الوصول إلى 164 سوق عالمي.

ورغم ذلك استطاعت الصادرات الوطنية أن تحقق نموًا بنسبة 5.8% في 2024، مقابل مواصلة المستوردات نموها بنسبة 4.5%، ليسجل العجز التجاري زيادة بنسبة 3.2% مقارنة بعام 2023، نقطة فارقة حققتها الصادرات المحلية أمام نظيرتها يعكس جهودها الجبارة، مُسجلة نقطة جذب قوية نحو امتداد عالمي واعد لها يرتقي بها إلى مستويات جودة وكفاءة منتجاتها.

وبينت غرفة صناعة الأردن وعمان، أنه بالرغم من تقدم الصادرات الأردنية ونموها خلال السنوات الماضية لا يعكس ذلك المستوى المأمول للصادرات الأردنية بشكل عام والصناعية بشكل خاص، مُشيرةً إلى أنها تعاني من معيقات، أبرزها التركز السلعي بأكثر من 80% للصادرات الوطنية ضمن 14 سوقًا، رغم وصولها لأكثر من 146 سوق حول العالم، إضافة إلى التركز السلعي في المنتجات.

ولفتت إلى أن الصادرات الوطنية تمتلك حجم فرص كبيرة ومتوفرة لتنويع السلع والدول للصادرات الأردنية إلا أنها غير مستغلة، ووفقًا لدراسات مركز التجارة الدولي – خارطة إمكانات التصدير – يمتلك الأردن فرص تصدير غير مستغلة للعديد من الأسواق العالمية تقدر بحوالي 6 مليار دولار، من مختلف منتجات الصناعة الأردنية وفي ظل نفس الحجم القائم من الإنتاج.

وذكرت الغرفة جملة من المعيقات التي تواجه الصناعة بشكل عام وتحدٍ من تنافسية الصادرات الصناعية بشكل خاص، أبرزها كلف الإنتاج العالية التي تصل مقارنة مع منافسينا لأكثر من 25%، الأمر الذي يعيق تنافسية المنتج الوطني وقدرته على حجز مكانة في الأسواق العالمية، مبينة اعتماد بعض القطاعات الصناعية الفرعية إلى استخدام الطاقة بشكل كثيف وتعتبر مدخل إنتاج رئيس يؤثر على تنافسيتها ويحد قدرتها على التصدير.

وأوضحت أن عمليات ترويج المنتج الوطني تعاني من ضعف، وتتعرض إلى مجموعة من المتطلبات والتعقيدات التي تفرضها بعض الأسواق وخاصة الأوروبية على المنتجات الوطنية، وإلى إجراءات بعض الأسواق وشهادات تسجيل المنتجات التي تحتاج وقتًا وكلفًا إضافية، لافتة إلى ارتفاع كلفة الشحن وغيرها التي تؤثر على حركة التصدير ووصولها للمستوى المأمول والمرجو.

وأشارت الغرفة إلى ضعف الاستفادة من الاتفاقيات التجارية نتيجة بعض المعيقات والمتطلبات الفنية للدول المستقبلة وفرضها شروط "لا نقابلها بالمثل"، مضيفةً محدودية التشبيك الفعال وعمليات التسويق والترويج داخل الأسواق العالمية التي تحتوي على فرص تصديرية واعدة، رغم جودة وكفاءة المنتج الأردني مقارنة بالمنتجات العالمية الأخرى.

وأشارت إلى المعيقات التي تعيق التنوع السلعي والجغرافي، ذات الصلة بمتطلبات وشروط وطنية، على غرار ضرورة وجود نظام تتبع وطني لمنتجات اللحوم والألبان والأجبان والذي يضيع فرص كبيرة في أسواق الاتحاد الأوروبي والأمريكي، فضلًا عن إعاقة بعض دول الجوار دخول المنتجات الوطنية إلى أسواقها من خلال فرض قيود وإجراءات إدارية غير جمركية.

ولفتت الغرفة إلى الجهود التي تعمل على معالجة هذه التحديات ضمن محاور وأولويات رؤية التحديث الاقتصادي، من حيث الكلف، مُضيفةً إلى إطلاق الاستراتيجية الوطنية للتصدير واستهدافها بشكل أساسي تنويع سلة المنتجات سلعيًا وجغرافيًا.

وأكدت أهمية خفض كلف الإنتاج والإسراع في مد المدن والتجمعات الصناعية بالغاز الطبيعي، لما يحملهُ من إنعكاسات واضحة على خفض الكلف وبتالي زيادة أعداد وأحجام الاستثمار في منتجات جديدة ومتنوعة ورفع القدرة على المنافسة واستغلال كافة الفرص المتاحة.

كما ودعت غرفة الصناعة إلى رفع جاهزية التصدير للاستفادة من الفرص التصديرية غير المستغلة التي تمتلكها المنتجات الأردنية في الأسواق العالمية، من خلال تفعيل نظام التتبع الوطني للمنتجات الزراعية والغذائية والتي تمتلك فرصًا عدة في الأسواق الخارجية وخاصة في الأسواق الأوروبية والأمريكية.

وأكدت أهمية دعم الاتصال بسلاسل التوريد العالمية من خلال استحداث آليات وتقنيات التجارة الإلكترونية، وتحسين عمليات النقل والخدمات اللوجستية، واستغلال المزايا التنافسية للأردن باعتباره مركزًا للوصول إلى الأسواق العالمية والذي يوفر إمكانية الدخول إلى أكثر من مليار ونصف مستهلك حول العالم.

وأشارت إلى ضرورة زيادة مخصصات الترويج والعمل على إعادة الدعم المالي للصادرات الوطنية بما يعزز تنافسيتها، والعمل على ضمان تنفيذ الاستراتيجيات الوطنية المعنية بالتصدير والاستثمار، وما ورد من مبادرات ضمن رؤية التحديث التي من شأنها رفع القدرات التصديرية من خلال زيادة تدفق الاستثمارات، تخصيص وتوجيه القدرات والإمكانات بالشكل المطلوب وتنفيذها بالشكل الأمثل بالشراكة المثلى مع القطاع الخاص، ما سينصب في رفع مستوى نمو الصادرات الصناعية والحفاظ على زخمها المطلوب.

بدوره، أوضح المحلل الاقتصادي محمد البشير، أن الصناعات المحلية تُعاني من كلفة الإنتاج التي تبدأ بضريبة المبيعات على مستويات الإنتاج والخدمات اللوجستية والمخرجات، كلفة الطاقة المرتفعة على المنتج والمستهلك، كلفة الاقتراض "الفوائد المرتفعة"، ارتفاع كلفة الضمان الاجتماعي "بنسب معينة" على السلع والرواتب سواء كانت رواتب صناعية أو رواتب إدارية.

وبين أنه بعد أن أصبح الأردن عضوًا في منظمة التجارة العالمية أصبحت السلع المستوردة تُشكل تهديدًا للسلع الأردنية ومنافستها أصبحت أصعب، مُشيرًا إلى أنه بعد العدوان على غزة تغير "مزاج" المستهلك الأردني وقاطع العديد من السلع المستوردة الأجنبية خاصة الغذائية، الذي بدوره منح تقدمًا لاستهلاك السلع الأردنية رغم منافستها من السلع الأجنبية، مؤكدًا أنها استطاعت أن تحقق نموًا.

ودعا البشير إلى ضرورة إعادة النظر في ملف الضرائب ومعالجته، مبينًا أن السيادة الضريبية أصبحت للضريبة غير المباشرة (ضريبة الإنتاج أو الضريبة الخاصة)، والتي تعتبر المورد الحقيقي للخزينة التي تساهم في ضريبة الدخل ، مؤكدًا على ضرورة أن يتم تقليل مساهمة ضريبة المبيعات لصالح ضريبة الدخل، لافتًا إلى أن ضريبة المبيعات تشمل ضرائب الطاقة والكهرباء "التشغيلية" مضافة إليها نسبة 16%.

وأكد البشير أهمية معالجة ملف الخزينة من خلال إخضاع السلع عالية "النخبة" مرتفعة الكلفة إلى تخفيض ضرائب المبيعات عنها من أجل تشجيع المواطنين وعمليات الإنتاج ما يسهم في نسبة نمو أفضل وتخفيض للكلف.

وأوضح أن الصادرات الأردنية تتخللها نسبة نمو لكن ما زالت تعاني من الفجوة في الميزان التجاري، حيث من الصعب خفض نسبة المستوردات ويجب العمل على رفع نسبة الصادرات، من خلال الوصول إلى الأسواق ومنافسة السلع الأجنبية، داعيًا إلى تخفيض الكلف من خلال الإصلاح الضريبي على وجه الخصوص.