البنك المركزي ..خطوات لتعزيز استدامة قطاع التأمين وحماية حقوق المواطنين
أثبت البنك المركزي الأردني مرة أخرى قدرته الفائقة على إدارة الملفات الاقتصادية الحيوية بمهارة كبيرة، حيث عمل على تحقيق توازن دقيق بين تحقيق مصلحة المواطنين وضمان استدامة شركات التأمين من خلال التعديلات الجديدة التي تمس هذا القطاع المهم وهذه الإجراءات لم تكن مجرد رد فعل على الظروف الاقتصادية الراهنة المتقلبة، بل كانت تجسيدًا لرؤية بعيدة المدى تهدف إلى تحقيق توازن بين حماية حقوق المواطنين وضمان استدامة قطاع التأمين في المملكة.
فمن خلال التعديلات يسعى البنك المركزي إلى تبسيط الإجراءات وتعزيز الشفافية، مع مراعاة المصلحة العامة وتخفيف الأعباء المالية عن المواطنين هذا التوجه يعكس حرص البنك على تحقيق استقرار اقتصادي يحسن حياة الناس ويسهم في تعزيز الثقة بين المواطن وقطاع التأمين، ما يفتح أمام الجميع أفقًا جديدًا من العدالة والفرص المتكافئة.
البنك المركزي منذ توليه ملف قطاع التأمين في شباط 2016 عمل على إحداث تعديلات على نظام شركات التأمين تضمن استمراريته ونموه إضافة إلى ذلك، كان صارمًا في اتخاذ القرارات التي تضمن أيضًا حماية المواطنين وأموال المساهمين، وكذلك في شركات التأمين من خلال هذه التعديلات ومن خلال تصفية عدة شركات لم تعد قادرة على القيام بواجباتها، في حين كانت تستقبل بوالص التأمين وتستخدم أسلوب التأخير في دفع التعويضات.
خبراء أكدوا في حديثهم لوكالة الأنباء الأردنية (بترا) أن نجاح البنك المركزي في إدارة الملفات الاقتصادية الحساسة يعكس قدرته الاستثنائية على تحقيق توازن بين الاستقرار المالي وحماية حقوق المواطنين، ما يعزز الثقة في المؤسسات المالية ويعكس رؤية اقتصادية مستدامة تسهم في دفع عجلة النمو والازدهار في الأردن.
الخبير المالي وجدي المخامرة أشاد بقرار البنك المركزي الأردني بعدم الموافقة على رفع أقساط التأمين الإلزامي في هذا التوقيت الصعب، الأمر الذي يعكس حرص البنك على حماية المواطنين في ظل الأوضاع الاقتصادية الراهنة، ويؤكد التزامه بالعدالة والمساواة بين جميع الأطراف. في الوقت الذي يعاني فيه المواطن من ضغوط مالية كبيرة، كان القرار خطوة هامة للحفاظ على استقرار السوق وعدم تحميل الأفراد أعباء إضافية قد تؤثر على قدرتهم الشرائية.
وأكد أن البنك المركزي اتخذ قراره بعدم الموافقة على رفع الرسوم لحين إجراء دراسة أفضل للقطاع، حيث يحتاج هذا القطاع إلى تحسين في حوكمته، مع تعزيز الشفافية والمصداقية في التعامل مع العملاء، مشيرًا إلى أن مصاريف الشركات العالية تمثل جزءًا كبيرًا من أرباحها، ما يتطلب إعادة النظر فيها لتحسين الكفاءة وتقليل الأعباء على المواطنين.
ويطرح المخامرة أيضًا فكرة دمج شركات التأمين الصغيرة لتكوين شركات أكبر وأكثر قوة من الناحية المالية، وبالتالي معالجة مشكلة الشركات التي تعاني من خسائر كبيرة بسبب ضعف رأس المال.
ويرى أن الدمج سيسهم في تحسين الوضع المالي للقطاع ويقلل من المخاطر التي يتحملها المواطن، وبالتالي يسهم في تحسين البيئة التأمينية في الأردن.
بدوره، أكد أستاذ المالية في كلية الاقتصاد في جامعة آل البيت، الدكتور عمر الغرايبة، أن حزمة التعديلات التي أصدرها البنك المركزي الأردني على التعليمات الناظمة لأعمال التأمين الإلزامي للمركبات من بداية عام 2025 تعد خطوة استراتيجية تعكس التزام البنك المركزي الأردني بتعزيز الشفافية، وتهدف إلى تعزيز ودعم حقوق المستهلكين من جهة، وتحسين جودة خدمات التأمين الإلزامي وضمان استدامة شركات التأمين من جهة أخرى، مما يساهم في زيادة الثقة بالمؤسسات المالية الأردنية ويصب في مصلحة الاقتصاد الوطني.
وأشار إلى أن المحاور الرئيسية التي تركز على تعزيز ودعم حقوق المستهلكين تمثلت في تثبيت قسط التأمين الإلزامي مع منح خصم بنسبة 15% للسائقين الملتزمين بقواعد المرور، وتسريع إجراءات التعويض بإجبار شركات التأمين على تسديد المبالغ الصغيرة (حتى 3 آلاف دينار) خلال خمسة أيام عمل فقط، مما يقلل من العبء المالي على المواطنين، وإتاحة إصلاح المركبات الحديثة (التي لا يزيد عمرها عن ثلاث سنوات) لدى الوكالات المعتمدة أو مراكز الإصلاح الموثوقة.
وبين الغرايبة أن هذه التعديلات تحفز شركات التأمين على توفير بيئة تنظيمية تضمن استدامة القطاع المالي للشركات، من خلال تقليل الفجوة الناجمة عن تثبيت الأقساط لفترة طويلة رغم ارتفاع تكاليف الإصلاح، وتعزيز ثقة المواطنين بالشركات عبر إلزامها بالشفافية والنزاهة، ما يدعم العلاقة التفاعلية بين المستهلك والشركة.
وتوقع أن تنعكس هذه التعديلات بشكل إيجابي على الاقتصاد الوطني بتعزيز السلامة العامة من خلال تحفيز السائقين على الالتزام بقواعد المرور للحصول على الخصومات والحوافز المالية، وتقليل النزاعات القانونية بتسريع إجراءات التعويض مما يقلل من الأعباء القضائية المتعلقة بحوادث السيارات، وتحسن إدارة المخاطر المالية في قطاع التأمين، والذي يساهم في تعزيز الثقة وجذب المستثمرين للاستثمار في هذا القطاع، مما ينعكس بشكل إيجابي على استدامة شركات التأمين وخلق فرص عمل. وبالتالي، زيادة مساهمة هذه الشركات في الناتج المحلي الإجمالي.
وأشار إلى أن هذه الحزمة من التعديلات التي أصدرها البنك المركزي الأردني تعد خطوة في غاية الأهمية لأنها تتماشى مع أفضل الممارسات العالمية في سوق التأمين، وتقدم رؤية عملية تؤدي إلى تحقيق التوازن بين حماية حقوق المواطنين من خلال التأكيد على أن المواطن يحصل على حقوقه في التعويض بشكل سريع وعادل، واستدامة الشركات عبر مواءمة الأقساط التأمينية مع ارتفاع التكاليف التشغيلية وضمان تقديم الخدمات بجودة عالية. إضافة إلى ذلك، تهدف هذه الحزمة من التعديلات إلى تقليل حالات التلاعب والممارسات غير العادلة من قبل الشركات.
وأضاف الغرايبة أن هذه التعديلات جاءت نتيجة للتحديات المالية المرتبطة بارتفاع تكاليف الإصلاح وقطع الغيار عالميًا، مع استمرار معاناة شركات التأمين الأردنية في ظل تقديم خدماتها بأقساط ثابتة لمدة 14 عامًا كما أنها ضرورة ملحة لتحسين كفاءة وشفافية الإجراءات لتسريع عمليات التعويض، إضافة إلى أن هذه التعديلات تعزز السلامة المرورية وتضمن الاستدامة المالية وتشجع شركات التأمين على تحسين خدماتها دون تحميل المواطنين أعباء إضافية غير مبررة.
(بترا)