أحمد الضرابعة يكتب : الأردنيون: بين التهميش والمقاومة
أحمد الضرابعة
قبل يومين، نشرت مؤسسة تُعنى بالعمل الصحافي إعلانًا ينضح بالعنصرية والتمييز، ضد المواطنين الأردنيين، حيث اشترطت على من يريد أن يتقدم لفرصة تدريبية في مكاتبها في الأردن، ألّا يكون أردنيًا!
إذا نظرنا إلى ذلك ضمن سياق كُلي، سنجد أن هناك قوة سياسية نافذة، تستغل ضعف رأس مالنا الوطني، وتحاول فرض الرؤية التي تخدمها، والتي تُؤدي في المحصلة إلى تغريب الأردنيين في بلدهم، والنظر إليهم كحمولة بشرية لا مكان لها في مجالاتها الحيوية التي تُنشئها لخدمة قواعدها الاجتماعية التي يُراد تحويلها إلى قوة عاملة نشيطة ومُسيّسة، يمكنها التأقلم مع أي مشروع مستقبلي يُتاجر بما يخصّها، بدءً من القضايا الكبرى، وليس انتهاءً بالمشاعر والمآسي المرتبطة بها، وتدفع الأردن فاتورته، وبالتالي، فإن الخسارة تكون مزدوجة، بالنسبة للذين يتكسّبون من هذا النهج، وأولئك الذين يتعرّضون للاستبعاد والإقصاء نتيجة له، وعليه، فإن الجهود يجب أن تنصب على كيفية الإطاحة بهذا النهج الذي ترتبط به "نخب" سياسية، وجهات إعلامية، ومؤسسات اقتصادية، وكيانات اجتماعية تتعرض للاستغلال، في حال أردنا أن نُحسن النية.
هل علينا أن نقلق ؟
نعم، لأن ما يحدث ليس مجرد سقطات وأخطاء عابرة، وإنما قطع أحجية عند تركيبها، نجد أننا أمام لوحة مليئة بالرموز والإشارات الدالة على وجود نوايا مضمرة لتهميش الهوية الوطنية الأردنية، وإضعاف القوى الشعبية التي تعبر عنها، والعبث في ميزان المكونات الاجتماعية بما يؤدي لتبديل أدوارها، ونقلها من خندق إلى آخر، وهذا يستدعي من الأردنيين بذل قصارى الجهد لمقاومة أي مشروع يحاول رُعاته اللعب على "التناقضات"، بما يؤدي لعزلهم، أو نزع قدراتهم على التأثير في معادلتهم الوطنية
كيف نقاوم ذلك النهج ؟
نقاومه، فقط عندما نقرر بناء مشروع وطني أردني متكامل، يعتمد على ركائز أساسية تدعم التنمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وإسناده برأس مال قوي ملتزم بواجبه الوطني والأخلاقي، ويضمن تحوّل الأردنيين إلى كتلة سياسية - اقتصادية تعي ذاتها، ومصالحها، وما يدور حولها، وما تريد أن تكون عليه في المستقبل، وقادرة على الدفاع عن ذاتها في الصراع الذي فُرض عليها، وتعزيز الهوية الوطنية الأردنية، وعدم السماح بالقفز عنها، أو إعادة تعريفها بما يخدم أجندة المتسللين إلى معادلتنا السياسية الوطنية.