الزيتاوي: للمجتمع دور مهم بدمج ذوي الاعاقة

تحديات تعرقل اندماج ذوي الإعاقة في سوق العمل

سعيلتأهيل 240 مدرسة لدمج ذوي الإعاقة

11.2 % نسبة الأشخاص ذوي الإعاقة في الأردن

الأنباط – شذى حتاملة

تعزز التشريعات دور ذوي الإعاقة في المشاركة الفعالة لبناء وتطوير المجتمع في شتى المجالات، سعيًا لتحقيق الاستفادة من خبراتهم وقدراتهم في القطاع العام لكن التحديات والعقبات تعيق اندماجهم في سوق العمل بشكل فاعل.
الأشخاص ذوي الإعاقة جزء لا يتجزأ من المجتمع، إلا أنهم يواجهون العديد من التحديات والمعيقات التي تعيق اندماجهم في المجتمع وتؤثر على ممارسة حياتهم اليومية وأداء عملهم ومنها البنية التحتية، والتي تحد من تنقلهم بسهولة في الأماكن العامة والمرافق.
كما تفتقر بعض المؤسسات وأصحاب العمل إلى الخبرة الكافية في طريقة وكيفية التعامل مع الاشخاص ذوي الإعاقة مما يوثر على دمجهم في بيئة العمل، إضافة إلى نقص الوعي المجتمعي بحقوق هولاء الأشخاص، لذا يجب تكثيف جهود جميع الجهات للتوعية والتدريب لدمج هذه الفئة في المجتمع بشكل كامل، بما يضمن لهم حياة متكافئة مع الآخرين وبالتالي زيادة الإنتاجية.
شقيقة الموظف "ع ج"، وهو من الأشخاص ذوي الإعاقة ويعاني من إعاقة عقلية بسيطة إلى متوسطة، تروي أنه يعمل كنادل في أحد المطاعم المتخصصة في الوجبات الجاهزة منذ ثلاث سنوات، وتوضح أن هناك العديد من التحديات التي يواجهها في سوق العمل، حيث يعاني من صعوبة في التواصل وفهم ما يدور حوله، مما يعرضه للاستغلال من قبل بعض الزبائن وزملائه في العمل، على سبيل المثال، يقوم البعض بأخذ هاتفه لاستخدامه أو سحب رصيد منه لشراء حاجات دون دفع مقابل مادي، كما يتم استغلاله من قبل زملائه بتكليفه بأعمال إضافية تفوق قدرته، دون مراعاة لظروفه كونه من ذوي الإعاقة.
وتشير إلى أن مكان العمل بعيد عن منزله، حيث يعمل بهدف الاندماج والاختلاط في المجتمع، ورغم التحديات، فإنها تصر على أنه يذهب يوميًا إلى العمل باستخدام وسائل النقل العامة، وهو ما يكلفه 170 دينارًا شهريًا ، في البداية، كان من الصعب عليه الاندماج في سوق العمل، حيث كان يحتاج إلى تدريب مستمر، لذلك تم تعيين مدرب خاص لمتابعة أدائه بشكل دوري.
وتؤكد أن إدخال الأشخاص ذوي الإعاقة إلى بيئة العمل يتطلب تهيئة العاملين في تلك البيئات بشكل مناسب، حيث يجب توعيتهم بنوع الإعاقة وكيفية التعامل معها بشكل صحيح، مع ضرورة تجنب نظرة الشفقة أو استغلال الأشخاص ذوي الإعاقة، كما يجب تدريبهم على كيفية التفاعل مع الزبائن وتقديم المساعدة لهم بشكل لائق، مما يسهم في دمجهم بشكل فعال في بيئة العمل.
أما ولية أمر "م ب"، وهو يعاني من طيف التوحد منذ سن الثانية، فتقول إنه لم يكن قادرًا على النطق في البداية، ولكن بعد مراجعة أخصائي، بدأ في التحدث، ثم تم إدخاله في مركز للتوحد، وبعد خروجه من المركز، تم دمجه في مدارس المعارف لمدة عام، ثم انتقل إلى مدارس الأكسفورد في الصف السابع للطلاب ذوي صعوبات التعلم، لكنه لم يتمكن من إتمام دراسته هناك.
وأضافت أنه تم تعليمه مهنة تتناسب مع حالته الصحية، حيث اكتسب مهارات في الحاسوب، ولكنه لم يجد دورات تدريبية مخصصة للأشخاص ذوي صعوبات التعلم في هذا المجال، لافتة إلى أنه رغم ذلك أظهر إبداعًا في استخدام الحاسوب، بعد ذلك تم نقله إلى أكاديمية حيث كان يساعد معلمًا في التعامل مع الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة ، كما تم نقله إلى جمعية تهتم بالبحث عن وظائف تتناسب مع حالته، وتم توظيفه في مطعم، ولكن بسبب طبيعة العمل والشفتات الطويلة، لم يتقبل البعض وجوده، حيث كانت ساعات العمل مرهقة بالنسبة له.
وأكدت أنه مهتم بالتصوير والحاسوب، إلا أنه لا توجد دورات تدريبية أو اهتمام كافٍ لتطوير مهارات الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة في هذا المجال، داعية إلى التركيز على الجوانب العملية أكثر من النظرية، مع توفير فرص أكبر لتطوير قدراتهم.
الناطق باسم المجلس الأعلى للأشخاص ذوي الإعاقة، رأفت الزيتاوي، يرى أن التحديات التي تواجه الأشخاص ذوي الإعاقة في الأردن تنحصر في ثلاثة عناصر رئيسية، أولها البنية التحتية، حيث العديد من المباني والمرافق العامة غير مهيأة لاستقبال الأشخاص ذوي الإعاقة، مضيفًا أن هناك معيقات أخرى تتعلق بالتواصل مع هؤلاء الأشخاص، إذ تفتقر معظم الجهات الخدمية إلى الخبرة الكافية للتواصل معهم بطريقة حقوقية، ثالثًا التحديات المتعلقة بتمكين الأشخاص ذوي الإعاقة من الوصول إلى المعلومات.
وأشار الزيتاوي إلى أن المجلس الأعلى للأشخاص ذوي الإعاقة يعمل وفقًا لقانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، والذي ينص على ضرورة دعم مؤسسات الدولة لهذه الفئة، كما يفرض القانون على كل مؤسسة دمج الأشخاص ذوي الإعاقة في كافة المجالات، لافتًا إلى أن العديد من المؤسسات تفتقر إلى الخبرة في هذا المجال، لذلك يقدم المجلس الإرشاد والمساعدة لتلك المؤسسات، ويقوم بإرسال مهندسين ذوي خبرة لتأهيل الأماكن العامة لتكون مهيأة للأشخاص ذوي الإعاقة.
وتابع أن المجلس يتعاون مع وزارة التربية والتعليم لتأهيل 240 مدرسة لدمج الأشخاص ذوي الإعاقة، حيث تم تجهيز 95 مدرسة لتكون مراكز اقتراع نموذجية، كما وضع المجلس شرطًا للحصول على الاعتمادية للمستشفيات والمراكز الصحية بأن تكون مهيأة للأشخاص ذوي الإعاقة، مشيرًا إلى أن المجلس قام بزيارة 90 مبنى تابعًا للمستشفيات والمراكز الصحية لتحديد المتطلبات الهندسية اللازمة لتهيئتها ، كما تعاون المجلس مع وزارة الصحة لاختيار 14 مركزًا صحيًا ليتم تهيئتها لتلبية احتياجات الأشخاص ذوي الإعاقة، حيث تم تهيئة 6 مراكز صحية حتى الآن.
ولفت الزيتاوي إلى أن المجتمع يتحمل دورًا كبيرًا في دمج الأشخاص ذوي الإعاقة، باعتبارهم جزءً لا يتجزأ من التنوع البشري في المجتمع ، وذكر أن نسبة الأشخاص ذوي الإعاقة في الأردن تبلغ 11.2% من السكان حسب إحصائيات عام 2015، مما يتطلب دمجهم في المجتمع وتوفير المتطلبات اللازمة لتمكينهم من العمل والاندماج بشكل كامل ، مبينًا أن ذلك يتطلب من المجتمع فهم النهج الحقوقي والتدريب على أساليب التواصل الفعال مع الأشخاص ذوي الإعاقة، وتقبلهم كجزء من التنوع البشري ، حيث توجد صورة نمطية لدى بعض أصحاب العمل بعدم قبول توظيف الأشخاص ذوي الإعاقة، مما يستدعي تغيير هذه الصورة النمطية ووعي الأفراد بالآثار الاقتصادية لتوظيفهم.
وأشار إلى أن رفع الوعي بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة يتم عن طريق التدريب ، حيث توجد دورات مستمرة تقوم بها مؤسسات الدولة سواء القطاع العام أو الخاص أو التطوعي حول طرق التواصل الفعال مع الأشخاص ذوي الإعاقة ، إضافة إلى الحملات التوعوية يقوم بها المجلس لرفع الوعي لدى المجتمع بضرورة دمج الأشخاص ذوي الإعاقة ، مضيفًا أن المجلس يعمل على إعداد الجوائز لتعزز وتشجع مؤسسات الدولة على دمج الأشخاص ذوي الإعاقة ومنها الجائزة الإعلامية تشجع الصحفيين لتناول قضايا الأشخاص ذوي الإعاقة بطريقة حقوقية ، وغير ذلك جائزة المباني المهيأة وذلك لتشجيع مؤسسات الدولة أن تهيئ المباني للأشخاص ذوي الإعاقة ، وذلك لتغيير الصورة النمطية المعروفة عن الأشخاص ذوي الإعاقة.