الأمراض النفسية.. الخوف وثقافة العيب عائق ل العلاج وسبب تفاقم الحالة
الدهون: ضرورة تغيير النظرة السلبية لمراجعة الطبيب النفسي
الانباط- آية شرف الدين
مع التطور التكنولوجي الذي يشهده العصر وانتشار المشكلات النفسية أصبح الكثيرين يعانون من اضطرابات نفسية مثل القلق والاكتئاب، في وقت ما تزال فيه ثقافة العيب تنتشر في المجتمعات العربية وتلقي بظلالها على الأفراد وتمنعهم من الذهاب إلى اخصائي نفسي كونه يسيطر عليهم الخجل من النظرة السلبية للمجتمع، وتعد ثقافة العيب من إحدى الظواهر الاجتماعية الشائعة التي تمنع الناس من زيارة الطبيب النفسي رغم حاجتهم المتزايدة، من هنا بات من الضروري كسر حاجز الخجل والوصمة المجتمعية .
وتروي "س،م" فتاة في العشرين أنها كانت تعاني من ضغوطات نفسية واكتئاب حاد نتيجة الضغوطات الحاصلة في عملها، لكن ثقافة العيب والخوف والخجل من الوصمة الاجتماعية منعها من الذهاب للطبيب النفسي.
واضافت "أن أسرتي وأصدقائي لم يشجعوني واصفين الذهاب للطبيب النفسي "بالجنون" مما ساهم في تدهور حالتها الصحية والنفسية حتى أنها وصلت إلى حد التفكير بالانتحار.
وقال المريض "ن،ت" ان معاناته مع المرض النفسي كانت نتيجة تعرضه للتنمر والإيذاء الكلامي من أصدقائه مما أدى إلى اصابته ب اكتئاب حاد، لكن التكاليف المرتفعة والخوف من الوصمة الاجتماعية منعه من الذهاب للطبيب النفسي، مطالبا أن يتم إدخال العلاج النفسي ضمن التأمينات الصحية.
بدروها اوضحت "ز،م" أنها تعاني من اضطراب نفسي لكنه لم يكن يؤثر على حياتها الاجتماعية، حيث كانت تذهب لزيارة الطبيب النفسي موضحة ان حالتها استدعت إلى تناول الأدوية.
وقالت: الأمر الغريب أن معظم من تقدم لخطبتها كان يرفض بعد معرفته بزيارتها للطبيب النفسي وتناولها الأدوية العلاجية وحاولت غير مرة إقناع من يتقدم لها بأن المرض لا يؤثر على الحياة الشخصية والعامة، إلا أن ثقافة العيب غلبت على تفكير المجتمع.
من جانبه قال المرشد النفسي والتربوي محمد عيد الدهون، أن هناك ضرورة للتغلب على ثقافة العيب من مراجعة الطبيب النفسي وتغيير المفاهيم السلبية المرتبطة بالصحة النفسية لعقد حملات إعلامية وندوات ثقافية مجتمعية و مشاركة تجارب إيجابية لأشخاص قد زاروا أطباء نفسيين واستفادوا من هذه الزيارات، مما يساعد على تشجيع الآخرين على ذلك، مشيرا إلى أن ذلك يصب في تقليل الوصمة المجتمعية المرتبطة بالذهاب إلى طبيب نفسي.
واضاف أن فكرة زيارة الطبيب النفسي هي خطوة إيجابية نحو تحسين الصحة النفسية مثلما نذهب إلى طبيب عام عند الشعور بالمرض الجسدي، مضيفا من المهم أن يكون هناك دعم من الأصدقاء والعائلة لتقديم التشجيع والمساعدة في اتخاذ القرار بزيارة الطبيب النفسي.
وأضاف ان أسباب امتناع الناس عن مراجعة الطبيب النفسي تعود لما يراها المجتمع على أنها وصمة عار اجتماعية فالكثير من الناس يخشون من الحكم عليهم انهم "مجانين" في حال علم عنهم أنهم يراجعون طبيب نفسي، مضيفا ان عدم الوعي والمعرفة الجيدة لدى الأفراد لما يفعله الطبيب النفسي أو كيف يمكنه مساعدتهم يجعلهم يترددون في زيارته. ولفت إلى أن الخوف من العلاج النفسي والشعور والخجل من فكرة التحدث عن المشاعر والمشكلات الشخصية أيضا من أسباب امتناعهم عن زيارة الطبيب، موضحا أن التكاليف المالية للعلاج النفسي العالية تجعلهم لا يتمكنون من تحمل تكاليفها وذلك بدوره يمنعهم من الذهاب للعيادات النفسية.
وأشار الدهون إلى أن هناك عدة طرق لتشجيع الناس لمراجعة الطبيب النفسي منها، التوعية من خلال نشر معلومات حول أهمية الصحة النفسية وكيف يمكن للطبيب النفسي أن يساعد في معالجة المشكلات النفسية، منوها إلى ضرورة مشاركة التجارب الشخصية مع الآخرين ولهذا الأمر تأثير كبير على الآخرين يمكن أن يلهمهم لطلب المساعدة.
وهناك طرق أخرى تتمحور حول تغيير المفاهيم السلبية والصورة النمطية المرتبطة بالذهاب للطبيب النفسي بالتأكيد على أن ذلك ليس علامة ضعف بل خطوة شجاعة نحو تحسين الصحة النفسية.