" رؤيا متكاملة الابعاد "
مهند أبو فلاح
تكرار محاولات اختراق المناطق الحدودية اللبنانية الجنوبية المتاخمة لشمال فلسطين المحتلة من قبل الجيش الصهيوني و الفشل الذريع الذي باءت به أمام الصمود الاسطوري لرجال المقاومة اللبنانية ألهب و اشعل الجدال الدائر في الأوساط الصهيونية عن جدوى الاستراتيجية المتبعة في بلاد الارز و الرامية إلى إيجاد حزام أمني محدود النطاق إلى الجنوب من نهر الليطاني و توظيف موطيء القدم هذا لاحقاً في محادثات التسوية مع حكومة بيروت ليكون مدخلا لفرض شروط قاسية على حزب الله العامود الفقري لهذه المقاومة.
الحزب الذي أبلى بلاءً حسنا خلال المعارك التي دارت رحاها منذ انطلاق العمليات البرية الإسرائيلية في الجنوب اللبناني أواخر شهر أيلول/ سبتمبر الماضي حيث تمكن من تكبيد الجيش الصهيوني خسائر فادحة أدرك جيدا مخطط حكام تل أبيب فزج بأفضل وحداته العسكرية و مجموعاته القتالية كوحدة الرضوان في الميدان آخذا بعين الاعتبار أن العدو الصهيوني لم يتردد هو الآخر بدوره عن إقحام وحدات النخبة من قوات جولاني و غيرها في ساحة المعركة يحذوه الامل في احداث اختراق نوعي مؤثر يجير لصالح حكومة اليمين الفاشي المتطرف في الدويلة العبرية المسخ.
استمرار القتال على هذا المنوال مع تصاعد وتيرة الاستنزاف للقوات الصهيونية المتورطة في معارك عنيفة طاحنة على جبهتين متوازيتين في قطاع غزة الصامد المجاهد و في جنوب لبنان الباسل دفع رئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو إلى المناورة السياسية مستعيناً بالإدارة الأمريكية و مبعوثها إلى الشرق الأوسط عاموس هوكستين لتحقيق مكاسب سياسية عجز عنها جيشه عسكريا في ميادين الوغى و ساحاته كما صرح بذلك علانيةً الشيخ نعيم قاسم أمين عام حزب الله مؤخراً .
إن مكمن الخطورة الحقيقي على الجبهة اللبنانية لا يتأتى من الهجمات البرية الإسرائيلية على المناطق الحدودية بل من سياسة الأرض المحروقة التي يمارسها سلاح الجو الصهيوني ضد الحاضنة الشعبية لحزب الله لا في الجنوب اللبناني فحسب بل في معاقله الأخرى كالضاحية الجنوبية من بيروت و سهل البقاع شرقي لبنان ، مما يعبد الطريق أمام إضعاف الحزب الذي انهكته الضربات الإسرائيلية المتلاحقة لكوادره ناهيك عن الاغتيالات التي طالت قيادته العليا و صفه الاول و على رأسهم امينه العام الراحل السيد حسن نصر الله .
لقد بات من شبه المؤكد أن حكام تل أبيب لديهم رؤيا متكاملة استراتيجية في مواجهة حزب الله لا تقتصر على حدود لبنان بل تتعداها إلى الأراضي السورية لقطع خطوط الإمداد و التموين للحزب القادمة من هناك و عزله في بؤر محدودة مما يسهل القيام بعمل عسكري اسئصالي ضده في وقت لاحق .