العمل العام ما بين التشبيك و التفكيك
بقلم عيسى عبدالرحيم الحياري
العمل العام على الصعد الاجتماعية و السياسية والمهنية و الثقافية و الاقتصادية يكون للارتقاء و تعزيز التنمية المستدامة في تلك المجالات للوصول للنهضة المنشودة دون انحياز و شخصنة فتظافر تلك الجهود يقوي نتائج العمل و مقاصده و غير ذلك يؤدي للتشتت و الوهن و ينحرف عن الهدف الأساس و يصبح فقط واجهة جمالية استعراضية ، شكل بلا مضمون .
من وجهة نظري أن من أهم أهداف و غايات العمل العام التشبيك لكن للأسف الواقع الحاصل في عالمنا الثالث بأن في معظمه بيئة مسمومة فهنالك من يجيد تفكيك ما قد تسعى إليه ليس لتحقيق انجاز او التميز بل فقط حتى لا يتم انجاز شيء لمجرد عدم الانسجام الشخصي معه و لا يكتفي بذلك بل يعمل على تعزيز الانقسام و الكنتنة عدا عن ممارسة التشويش حتى يتعطل العمل برمته و لا يتقدم قيد أنملة لا و بل قد يسعى لهدمه بالكامل !
يعتقد البعض بأن إطفاء شمعة الآخرين يوقد شمعتهم و أنه من ينير الطريق و هذا اعتقاد شخصي و نفسي كذلك هو ديدن الواهمين حتى أنهم قد يسلكون مسالك بعيدة كل البعد عن الخلق القويم ، فرغم أنك قد تكون موازياً لمساعيهم أو تسعى بهم للارتقاء مهنياً و اجتماعياً و تنموياً لكن تصطدم بالأنا و افتعال التعقيدات الجانبية التي تعطل مسيرك فرداً أو مع جماعات بذرائع واهية و حسابات ليست صحيحة و التشكيك بين المجموعة الواحدة بتعزيز الشللية و اقحام آخرين بمعرفة أو بدون معرفة عن نواياه ليستخدمهم كأكثرية ضاغطة لاحقاً لتحقيق مآرب شخصية ، حتى أنهم قد يعملون جانباً مستخدمين إسم و هوية العمل لأعمال هامشية مكررة و مقلدة لا تترك وقعاً و لا أثراً يستفيد منه الآخرون مكثرين كماً بمسميات و عناوين عريضة و لا قيمة لها نوعاً و لا تحدث تغييراً إيجابياً .
في الحقيقة العمل العام تكليف و في السعي به تشريف لمن يحمل على عاتقه إقامة الفعاليات و تنظيمها و بذل الوقت و الجهد و المال و عناء السفر و كل ذلك على حساب حياتهم الخاصة و عليه من الطبيعي أن يُكرَّم و يكرِّم من شاركوه العمل و من لبّى نداءه ، لكن للأسف يتعرض رواد العمل العام دوماً للحجب و المزاودة و الافتراء و محاولات الاقصاء الذي يترك أثراً بالغ الضرر في نفوسهم .
في الواقع المؤلم أن العمل العام المؤسسي دخل منذ عقد في تنافسية ليست محمودة حيث أن كل كيان منها يعمل بمعزل عن الآخر مما أدى لتكرار و تخمة حيث أن جميع أهدافها واحدة و يُستخدم في التعامل معها ممن تتبعها بالاختصاص بمبدأ العصا و الجزرة فبدلاً من تحقيق أهداف اعضاء منتسبيها تصبح سيفاً مسلطاً عليهم في ترسيخ الخضوع للاملاءات و مساومة من يتصدرها في شؤون تقع بالضرر على من فيها .
و في الختام العمل العام لا يكون إلا بالتعاون لما فيه الخير و ذلك لقوله تعالى : { و تعاونوا على البر و التقوى و لا تعاونوا على الإثم والعدوان و اتقوا الله إن الله شديد العقاب } صدق الله العظيم.