الأميرة ريم علي تفتتح مؤتمر الدراية الإعلامية في عمّان

المؤتمر يدعو لتعزيز المهارات الرقمية في عالم الإعلام الحديث

المومني: الاجتماع يأتي في وقت تتعرض فيه المبادىء الإنسانية للاذى بسبب السياسات الإسرائيلية

جيلاصي يشيد بجهود الأردن المستمرة بمحو الأمية الإعلامية

محافظة: الأردن اول دولة تتبنى خطة شاملة بمجال التربية الإعلامية

مكاري: لبنان يواجه تحديات بسبب الحروب والأزمات

الأنباط - ليث حبش ، محمد شاهين

مندوبًا عن جلالة الملك عبد الله الثاني افتتحت سمو الأميرة ريم علي أمس الأربعاء فعاليات المؤتمر الثالث عشر للأسبوع العالمي للدراية الإعلامية والمعلوماتية تحت عنوان "الحدود الرقمية الجديدة للمعلومات والدراية الإعلامية والمعلوماتية من أجل المصلحة العامة" ويُعقد هذا المؤتمر بتنظيم من منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو"، بالتعاون مع وزارة الاتصال الحكومي.
وأكدت الأميرة ريم علي، التي تشغل أيضًا منصب مؤسس معهد الإعلام الأردني ورئيسة مؤسسة آنا ليند، خلال كلمتها في الجلسة الافتتاحية، على أهمية المؤتمر لما يحتويه من أفكار وطروحات جديدة تسهم في صياغة "إعلان عمّان".
وأشارت إلى ضرورة مواكبة التطورات السريعة في إنشاء المعلومات وإتقان المهارات الرقمية، مما يسهل التنقل في واقع معقد ويجنب المجتمعات مخاطر التلاعب والاحتيال وعدم المساواة الاجتماعية.
وحذرت من أن الفجوة في الوصول إلى التكنولوجيا الرقمية قد تؤثر سلبًا على المشاركة الديمقراطية والنمو الاقتصادي، مما قد يؤدي إلى تهميش المجتمعات. وشددت على أهمية اكتساب مهارات التفكير النقدي والتحقق كجزء أساسي من الدراية الإعلامية، مما يمكّن الأفراد من طرح الأسئلة وتقييم المعلومات حتى من المصادر الموثوقة.
وتطرقت إلى دور معهد الإعلام الأردني الذي تأسس عام 2010، كمؤسسة ريادية ساهمت في تدريب المعلمين والشباب على التربية الإعلامية والمعلوماتية. وقد كانت من المؤسسات الرائدة عربيًا في هذا المجال. كما أشارت إلى المشاريع التي نفذها المعهد بالتعاون مع اليونسكو في بيروت وسالزبورغ، حيث تم تدريب المعلمين والشباب في المدارس الحكومية.
وأكدت على استمرار جهود المعهد في الدعوة إلى توسيع نطاق الدراية الإعلامية والمعلوماتية على الصعيد الوطني، وإنتاج الموارد التعليمية باللغة العربية كما دعمت الحكومة في اعتماد الخطة الوطنية لنشر الدراية الإعلامية والمعلوماتية في عام 2020، التي أدت إلى تدريب 3000 معلم ودمج هذه الدراية في المناهج الدراسية من رياض الأطفال حتى المرحلة الثانوية.
وأعربت عن فخرها بالتقدم الملحوظ الذي أحرزه الأردن في هذا المجال خلال فترة وجيزة، متطلعة إلى أن يصبح الأردن مركزًا إقليميًا لتطوير الدراية الإعلامية والمعلوماتية وأشادت بالدور المحوري الذي تؤديه منظمة اليونسكو في دعم هذه الجهود، خاصة في ظل التحديات العالمية مثل جائحة كورونا وتغير المناخ والحروب في اليمن، وأوكرانيا، والسودان،وغزة.
وأشارت إلى التحديات التي تواجه التنقل في المعلومات في منطقة الشرق الأوسط، موضحة أن العدوان الإسرائيلي على غزة قد ساهم في تشكيل تصورات انتقائية للواقع وأكدت أن وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي ذات المصداقية تلعب دورًا في تعزيز المعلومات المضللة والمعلومات الخاطئة، لا سيما مع ظهور التقنيات الجديدة.
وأعربت عن قلقها إزاء عدم المساواة في تمثيل الأصوات وتأثير المعلومات المضللة، مما يحد من فهم الجمهور ومعرفته للقضايا العادلة وأكدت على أهمية الحفاظ على الحوار والتفاهم المتبادل والتعايش في عصر الانقسام، داعية إلى تعزيز التعددية السياسية والثقافية والاجتماعية. وأشارت إلى أن مهارات الدراية الإعلامية يمكن أن تمكّن الأفراد من الانتقال من كونهم مستهلكين سلبيين للمعلومات إلى مشاركين فاعلين في تشكيل الرواية.
بدوره، رحب وزير الاتصال الحكومي والناطق الرسمي باسم الحكومة، الدكتور محمد المومني، بالحضور في عمان، عاصمة المبادرات الحضارية، التي تحتضن بقيادتها الهاشمية كل ما يسهم في الجهود العالمية الإنسانية في مجالات عدة، بما في ذلك العلوم، والتربية، والاتصال، والإعلام، والثقافة وأشار إلى أن احتضان هذه الفعالية لأول مرة في دولة عربية يعد خطوة مهمة، آملاً أن تسهم آراء ومقترحات الحضور في تطوير الدراية الإعلامية والمعلوماتية على المستوى العالمي.
وأوضح الوزير أن الاجتماع يأتي في وقت تتعرض فيه المبادئ الإنسانية للأذى بسبب السياسات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة وأشار إلى أن القوات الإسرائيلية تعمل على تحطيم القيم الأممية وتهميش الأخلاقيات والمبادئ الإنسانية، مشددًا على أن هذه السياسات قد أدت إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية في غزة.
وتحدث عن جهود المملكة في تسليط الضوء على الكارثة الإنسانية في غزة وتأثيراتها على السلام والأمن والاستقرار العالمي، مشيدًا بالجهود التي تبذلها منظمة اليونسكو في الحفاظ على ما تبقى من علامات الحياة الإنسانية في قطاع غزة والأراضي الفلسطينية، كما أشار إلى أهمية دعم المنظمة للقدس وتأكيد الهوية العربية والإسلامية الأصيلة للمقدسات.
وتطرق إلى الدور الريادي للأردن في إقرار قانون حق الحصول على المعلومات، بالإضافة إلى تجربته الرائدة في الدراية الإعلامية والمعلوماتية وذكر أن جهود المملكة بدأت منذ عام 2016، حيث تم إقرار الخطة التنفيذية للمبادرة الوطنية لنشر التربية الإعلامية والمعلوماتية للأعوام (2020-2023)، وكذلك تطوير المناهج الدراسية لتتضمن هذه المفاهيم بحلول عام 2024.
وشدد على التزام الحكومة بتفعيل برامج الدراية الإعلامية والمعلوماتية، وضمان استفادة المجتمع الأردني منها، مع التركيز على تعزيز حرية الوصول إلى المعلومات وتوسيع تدريس مفاهيم التربية الإعلامية ضمن المناهج الدراسية وأكد أهمية تحديث أساليب التوعية لمواجهة الإشاعات والمعلومات الخاطئة والمضللة.
من جهته، أشاد مساعد المدير العام لقطاع الاتصال والمعلومات في منظمة اليونسكو، توفيق جيلاصي، بجهود الأردن المستمرة في محو الأمية الإعلامية والمعلوماتية، معبرًا عن تقديره لدعم الحكومة الأردنية في استضافة المؤتمر الثالث عشر للأسبوع العالمي للدراية الإعلامية والمعلوماتية.
وأشار جيلاصي إلى أهمية انعقاد المؤتمر في ظل واقع معقد، يتجلى في تعايش الحقيقة مع المعلومات المضللة وخطاب الكراهية. وأوضح أن المعلومات الموثوقة تتنافس مع التضليل ونظريات المؤامرة، مما يزيد من تعقيد الوضع.
ولفت إلى أن هذا العام يمثل نقطة تحول بعد اعتماد ميثاق المستقبل في قمة الأمم المتحدة، حيث التزمت الدول الأعضاء بإدماج محو الأمية الإعلامية والمعلوماتية في المناهج التعليمية وأكد أن هذا الاعتراف الدولي يفتح الأبواب لتعزيز المجتمعات الشاملة.
وأضاف أن رغم إدراك المجتمع الدولي لأهمية محو الأمية الإعلامية، إلا أن عددًا قليلاً من البلدان أقر سياسات شاملة. وأظهر المسح العالمي الأخير الذي أجرته اليونسكو أن أقل من 10% من المدارس والجامعات لديها إرشادات رسمية بشأن استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي.
وأشار إلى أن أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي أصبحت أكثر من 100 مليون مستخدم نشط شهريًا، حيث يستخدمها 80% من الشباب في الفئة العمرية بين 10 و24 عامًا يوميًا لأغراض تعليمية وترفيهية كما أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي والمنصات الرقمية المصادر الأساسية للمعلومات للعديد من المتلقين، خاصة الشباب .
الأردن يقود مبادرة التربية الإعلامية في العالم العربي
قال وزير التربية والتعليم والتعليم العالي الدكتور عزمي محافظة إن الأردن يُعد أول دولة عربية تتبنى خطة رسمية شاملة في مجال التربية الإعلامية والمعلوماتية، تركز على إدخال مفاهيم التربية الإعلامية ونشرها عبر المؤسسات التعليمية والشبابية والثقافية ومنظمات المجتمع المدني. جاء ذلك خلال الجلسة الوزارية في مؤتمر أسبوع الدراية الإعلامية والمعلوماتية الـ13، الذي عُقد اليوم الأربعاء برعاية جلالة الملك عبد الله الثاني، بتنظيم منظمة اليونيسكو وبالشراكة مع وزارة الاتصال الحكومي ومعهد الإعلام الأردني.
وأضاف محافظة أن عقود القرن الحادي والعشرين شهدت تحولات كبيرة وغير مسبوقة في مجال الاتصال والإعلام، مما أدى إلى تغييرات جذرية في كيفية تلقي المحتوى الإعلامي وإنتاجه وأوضح أن النظم التعليمية والثقافية في المجتمعات تواجه تحديات متعددة تتعلق بضرورة تعزيز التعامل الرشيد مع وسائل الإعلام ومصادر المعلومات لمواجهة الاستخدامات الضارة والمحتوى غير الملائم.
وأشار إلى أن هذه البيئة توفر فرصة جيدة للتعلم وتمكين الأجيال الناشئة من استغلالها بشكل إيجابي لتحقيق هذه الأهداف، تم إعداد كفايات التربية الإعلامية والمعلوماتية التي تُعد من أهم المهارات الأساسية في القرن الحادي والعشرين وأكد ضرورة الانتباه للاستخدام غير الحكيم لوسائل التواصل الاجتماعي والإعلام الرقمي، وما يتضمنه من نشر الشائعات والأخبار الكاذبة، مما يتطلب من المجتمع التعامل بشكل واعٍ مع تكنولوجيا الاتصال والمعلومات.
وأكد محافظة أن الأردن بدأ منذ عام 2016 خطواته الأولى نحو نشر الدراية الإعلامية، وأصبحت مفاهيمها مطروقة في دوائر صنع القرار، حيث تم تنفيذ مجموعة من المشاريع في مختلف مناطق المملكة. وفي هذا السياق، أشار إلى تدريب نحو 3000 معلم ومعلمة في مجال الدراية الإعلامية، مما عزز إدراك المجتمع لأهمية هذا المجال. وتبنت الحكومة عام 2019 نشر الدراية الإعلامية في المدارس والجامعات، وأقرت في عام 2020 الخطة الوطنية لذلك، والتي تمثل خطوة متقدمة في هذا المجال.
وأضاف أنه استجابة للخطة الوطنية التنفيذية، أصدر المركز الوطني للمناهج عام 2022 إطارًا خاصًا لإدماج كفايات التربية الإعلامية في المناهج الأردنية، وتمت مراجعته من قبل المجالس المختصة وأقر كخطوة أولى لدمج مفاهيم ومهارات التربية الإعلامية في كتب المراحل الدراسية المختلفة، بدءًا من الروضة وحتى الثانوية العامة. وأوضح أن هذا الإطار يعتمد على دمج المفاهيم والمهارات دون إنشاء مبحث خاص، مما يتوافق مع فلسفة التربية الإعلامية.
وأشار إلى أن هذا الإطار أصبح مرشدًا للمعلمين، مما يمكنهم من تحقيق كفايات تعينهم على التعامل مع الظواهر الإعلامية والعالم الرقمي بفعالية. من جهة أخرى، قال وزير الإعلام اللبناني زياد المكاري إن لبنان يولي أهمية لحرية التعبير، لكنه يواجه تحديات بسبب الحروب والأزمات التي تجعل المعلومات المغلوطة جزءًا من الحياة اليومية. مما دفع الوزارة لتأسيس خلية أزمة لمواجهة الأفكار الكاذبة المنتشرة.
وأضاف أنه تم تقديم تدريبات لفريق متخصص في وزارة الإعلام لمتابعة الأخبار الزائفة وتوضيح الأخبار الصحيحة، حيث يتم إرسال هذه الأخبار إلى الوكالة الوطنية للإعلام، المنصة الرسمية للدولة اللبنانية. من جانبه، ذكر نائب وزير خارجية جمهورية أرمينيا فاهان كوستانيان أنهم طوروا أساليب لمواجهة المعلومات المغلوطة على مدار أربع سنوات من خلال برامج التربية الإعلامية، حيث يُعتبر الطلبة جزءًا مهمًا من نقل المعلومات وتعزيز الوعي.
وأكد أنهم يمتلكون برامج تلفزيونية تستهدف الأجيال الأكبر، مشيرًا إلى أن التربية الإعلامية مسؤولية جماعية تتجاوز الدولة إلى المجتمع ككل، حيث أن قمع الإعلام يُنتج معلومات مضللة. بدوره، قال مساعد وزير الإعلام والتوجيه الوطني في نيجيريا ساندي بابا إنهم أطلقوا مبادرات في 2022 لتعزيز التربية الإعلامية في المدارس والجامعات.
وشدد على أهمية تعليم المواطنين كيفية مكافحة المعلومات المضللة والتحقق من الأخبار قبل نشرها، مشيرًا إلى أن الشفافية في التعامل مع الإعلام هي أساس مكافحة الشائعات. من جهتها، أكدت عميدة معهد الإعلام الأردني الدكتورة ميرنا أبو زيد على ضرورة استجابة التعليمات الرسمية وغير الرسمية للتطرف الرقمي، لتمكين المواطنين من التفاعل بشكل نقدي وآمن مع بيئة الإعلام.
الإعلام التقليدي والتفاعل مع الجمهور…خطوات نحو بناء الثقة في العصر الرقمي
ناقش المشاركون في مؤتمر الأسبوع العالمي للدراية الإعلامية والمعلوماتية، الذي تنظمه منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو" بالشراكة مع وزارة الاتصال الحكومي، في الجلسة الأولى بعنوان: "التنقل عبر حدود الرقمية الجديدة: المعلومات التي تهم المصلحة العامة باستخدام الدراية الإعلامية والمعلوماتية"، واقع العمل الصحفي العالمي والتطورات التكنولوجية والرقمنة، وسبل مواكبتها.
واتفق المشاركون على أن العمر المناسب لاستخدام الأطفال والمراهقين لمواقع التواصل الاجتماعي يجب أن يكون 16 عامًا، نظرًا للمحتوى المتاح في المنصات الإلكترونية والذي قد لا يكون مناسبًا لمن هم دون هذا العمر. وأشارت ميسرة الجلسة، المستشارة في الدراية الإعلامية والاتصال، بيان التل، إلى أن الجلسات تهدف إلى بناء قاعدة لفهم مناخ المعلومات، والتركيز على دور صانعي المحتوى الرقمي والتزامهم بالمعايير الأخلاقية والمهنية التي تضبط العمل الإعلامي.
وتحدثت كاتي بريمي، رئيسة قسم الابتكار في تلفزيون فرنسا، عن تأثير صانعي المحتوى على اتجاهات الجمهور، وكيفية تعزيز مفاهيم الدراية الإعلامية في ظل تراجع الإقبال على مشاهدة التلفاز حيث يتجه الشباب بشكل متزايد نحو مواقع التواصل الاجتماعي للحصول على المعلومات، مؤكدةً أن الأجيال الجديدة لم تعد تتابع القنوات الإعلامية التقليدية وأشارت إلى أن الإعلام التقليدي يجب أن يعدل من أساليب نشر المعلومات ويزيد من تركيزه على خدمة المجتمعات من خلال قنوات التواصل الاجتماعي.
وأكدت على ضرورة تدريب الصحفيين على كيفية التعامل مع الجمهور، والتفريق بين الصحفيين والمؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى نقل القيم الصحفية للمؤثرين وأوضحت أن الإعلام التقليدي يحتاج إلى مزيد من الوعي بالجمهور وإعادة تنظيم الأمور لفهمهم بشكل أفضل.
كما أكدت أهمية تعليم الأجيال الشابة كيفية استخدام مواقع التواصل وكيفية التعامل مع الذكاء الاصطناعي، مع مراعاة الضوابط التي تحكم العمل الصحفي وتطبيقها، إضافة إلى تنظيم منصات التواصل وفي هذا السياق، أشارت الصحفية ومخرجة الأفلام الوثائقية نسرين سلاوي إلى أن توجه الجمهور لمتابعة رواد مواقع التواصل يعود إلى عدم الثقة في الصحفيين، حيث يعمل المؤثرون غالبًا لأغراض إعلانية مقابل عوائد مالية.
وشددت على أهمية تعليم الجمهور كيفية التعامل مع المعلومات لتمييز الحقائق عن الشائعات، ورأت أنه يجب تكاتف جهود الصحفيين لصناعة المحتوى الرقمي على منصات التواصل واستغلالها بشكل إيجابي وأكدت على ضرورة التعاون مع صانعي المحتوى، وفهم كيفية عمل الخوارزميات على هذه المنصات، إضافة إلى توثيق الحسابات الرسمية للصحفيين.
وطالبت برفع وعي الشباب بالتعامل مع وسائل التواصل من خلال توضيح مفهوم الدراية الإعلامية، ومكافحة المعلومات المغلوطة المنتشرة على هذه المنصات كما نصحت الصحفيين بالعمل وفق القيم والمعايير، والحفاظ على المصداقية في العمل الصحفي والعلاقات مع الجمهور وفيما يتعلق بحماية المراهقين على الإنترنت، أكدت سلاوي ضرورة أن يكون العمر القانوني لمستخدمي منصات التواصل 16 عامًا على الأقل، نظرًا لما يحتويه المحتوى من مشاهد غير مناسبة.
بدوره، تناول رئيس الاتحاد الإفريقي للصحفيين، عمر عثمان، تزايد صناعة المحتوى في إفريقيا والمشكلات المرتبطة بالتعامل مع المعلومات المضللة، وصعوبة الترويج للصحافة الأخلاقية في ظل دور صانعي المحتوى ووجهات نظرهم الجديدة وأوضح أن عمل صانعي المحتوى يأتي مع فرص ومخاطر، حيث يتناولون القصص ذات الطابع السري دون التمييز بين المعلومات المصرح بها وغير المصرح بها، مشددًا على أن انتشار المعلومات المضللة وخطاب الكراهية من أبرز التحديات التي تواجه الدراية الإعلامية والمعلوماتية.
واقترح عثمان إدخال صانعي المحتوى ضمن العمل الصحفي المنظم وتثقيفهم إعلاميًا وصحفيًا، وتمكينهم من السيطرة على المعلومات واستخدامها مع الالتزام بأخلاقيات المهنة، دون الانجراف وراء المصالح التجارية. وأكد أن الدراية الإعلامية والمعلوماتية تعتبر أفضل وسيلة لمكافحة المعلومات المغلوطة، وأكد على ضرورة مواكبة وسائل الإعلام للتطورات التكنولوجية والرقمية لتقديم المعلومات بطرق تتناسب مع تفضيلات الجمهور.
وفي السياق نفسه، تحدث نائب رئيس منصة الهيئات التنظيمية للإعلام المسموع في أمريكا اللاتينية، موريسيو غوتييريز، عن جهود تشيلي لوضع ضوابط تتعلق بالإعلام المرئي والمسموع لدعم حرية التعبير والصحافة وحماية الجمهور، مشيرًا إلى الصعوبة في وضع ضوابط على منصات التواصل وصانعي المحتوى وأضاف أن دور الإعلام مهم جدًا في مكافحة خطاب الكراهية، ويجب أن يتماشى مع معايير أخلاقية تراعي المصلحة العامة.
كما أكد على أهمية بناء شراكات مع جميع المؤسسات العامة والأحزاب السياسية لحماية المجتمع من المعلومات المغلوطة المنتشرة في المنصات المختلفة، إضافة إلى تثقيف الشباب وتزويدهم بالمهارات اللازمة لاستخدام مواقع التواصل.
تمكين مجتمعات الدراية الإعلامية من خلال صانعي المحتوى الرقمي
تناولت الجلسة الثانية من مؤتمر الدراية الإعلامية والمعلوماتية دور صانعي المحتوى الرقمي كوسيلة لتمكين مجتمعات الدراية الإعلامية. حضر جانبًا من الجلسة سمو الأميرة ريم علي، مؤسس معهد الإعلام الأردني. وتحدث في الجلسة التي حضرها وزير الاتصال الحكومي الدكتور محمد المومني، كل من الصحفية وسيدة الأعمال فاي دي سوزا، والصحفية وخبيرة العلوم السياسية ماريا بولينا، والمؤسس المشارك لشركة "Digitales Media" الأردن سينتيا مدانات، وصانع محتوى الفيديو ومقدم بودكاست من فلسطين طارق سكيك.
وقالت مقدمة العرض التعريفي للجلسة، رئيسة وحدة الدراية الإعلامية والمعلوماتية والمهارات الرقمية في "اليونسكو" أديلين هولين، إنهم يدرسون فعليًا التحديات واحتياجات صانعي المحتوى، مشيرةً إلى استطلاع شمل 500 صانع محتوى من دول مختلفة، كشف أرقامًا صادمة بشأن حجم الأشخاص الذين يتناولون المحتوى دون التأكد من مصداقيته وذكرت أن ثلث عينة الاستطلاع كانوا ضحايا لخطاب الكراهية، وأن شخصًا واحدًا من كل أربعة صانعي محتوى أكدوا استعدادهم للحصول على مهارات لتصبح لهم مهنية من خلال دورات تدريبية.
كما تم عرض مقطع فيديو أعدته "اليونسكو" كجزء من حملة رفع الوعي، تناول مدى قدرة المؤثرين على تغيير بيئة المعلومات وضرورة تمكينهم بمهارات الدراية الإعلامية والمعلوماتية ومن جانبها، تحدثت سوزا عن تجربتها في الإعلام، مشيرة إلى أنها كانت تعمل كصحفية وواجهت وزملاؤها صعوبات في نشر محتوى صادق وحقيقي بعيد عن تدخل السياسيين، مؤكدة ضرورة التركيز على خلق محتوى ذو مصداقية عالية.
فيما أكد سكيك أن لدينا اليوم إمكانيات وقدرات كبيرة لصنع محتوى عربي قادر على الوصول إلى منصات عالمية، مشيرًا إلى الدور الصحفي لصانعي المحتوى لكنهم في النهاية أشخاص لديهم آراء شخصية من جهتها، عرضت بولينا تجاربها في منصة ساخرة على "يوتيوب" في كولومبيا، أسستها وزملاؤها حيث كانت تهدف إلى نقد السلطة والقيادات، مشيرة إلى انعدام العدالة لأن البعض لا يريد محتوى يساهم في تغيير الأنماط التقليدية.
وأشارت مدانات إلى تجربتها بعد نشر حلقة من برنامج اجتماعي "حياة عيلتنا" التي حققت مشاهدات بالملايين، موضحة أن هذه المشاهدات حفزتها لنشر آلاف القصص عن حياة الأشخاص، مما جعلهم في صلب صانعي المحتوى.
تعزيز الدراية الإعلامية في المناهج التعليمية
بحث وزير التربية والتعليم، الدكتور عزمي محافظة، مع مساعد المدير العام للاتصال والمعلومات في منظمة اليونسكو، توفيق الجلاصي، خلال اجتماع على هامش مؤتمر الأسبوع العالمي للدراية الإعلامية والمعلوماتية في عمان، أهمية الدراية الإعلامية في العصر الرقمي وضرورة دمج مفاهيمها في المناهج الدراسية.
وأكد محافظة أن صانع القرار يلعب دورًا حاسمًا في تعزيز الدراية الإعلامية والمعلوماتية لدى الشباب، مشيرًا إلى أن الوزارة تسعى لإدماج مادة الدراية الإعلامية وأساليبها في محتوى التعليم وأوضح أن الوزارة تعمل على إدراج مفاهيم الدراية الإعلامية ضمن السياسات والأطر الوطنية كجزء من تطوير المناهج وإصلاح نظام التعليم، ليكون ذلك جزءًا من التعلم مدى الحياة وليس مجرد مبادرة عابرة. ويهدف هذا الجهد إلى مساعدة الطلبة والمعلمين على تطوير مهارات التفكير النقدي، وتقييم وسائل الإعلام، وإدارة المعلومات.
وأشار إلى أهمية بناء القدرات والتنمية المهنية من خلال الاستثمار في تطوير مهارات المعلمين وقادة المجتمع، وذلك عبر تقديم برامج تدريبية وورش عمل وموارد تعليمية تعزز تطبيق مفاهيم الدراية الإعلامية في ممارساتهم كما أكد ضرورة الشراكة مع منظمات الإعلام والمجتمع المدني وشركات التكنولوجيا لدعم وتعزيز الصحافة المسؤولة.
وشدد محافظة على أهمية تعزيز الوعي المجتمعي بمفاهيم الدراية الإعلامية، وتدريب الشباب على الاستخدام الأمثل للإعلام، ومحاربة الشائعات، والتعرف على مصادر المعلومات الموثوقة من خلال حملات التوعية المجتمعية، واستغلال منصات التواصل الاجتماعي.
وأكد ضرورة تزويد المجتمعات المهمشة بالأدوات الرقمية اللازمة والمهارات المطلوبة، وضمان توفير خدمات الإنترنت بتكاليف معقولة، والتواصل مع شركات الإنترنت لدمج الدراية الإعلامية في منصاتها ودعا إلى تطوير السياسات استنادًا إلى الأدلة والبحث العلمي، ودعم الأطر التشريعية والتنظيمية.
كما تناول محافظة خلال اللقاء أهمية مسار التعليم المهني والتقني بالنسبة للشباب من جانبه، تحدث الجلاصي عن أهمية المحتوى الإعلامي الموثوق، خاصة عبر منصات التواصل الاجتماعي ومواقع الإنترنت التي تحتوي على معلومات مضللة وأخبار زائفة، بالإضافة إلى خطاب الكراهية والعنف وأكد ضرورة إدراج مادة الدراية الإعلامية في أساليب ومحتوى التعليم لتزويد الشباب بالقدرات اللازمة لتمييز الأخبار الصحيحة عن المضللة.
يُذكر أن مؤتمر الأسبوع العالمي للدراية الإعلامية والمعلوماتية يستمر حتى يوم الخميس، بمشاركة أكثر من 30 متحدثًا محليًا وعربيًا.