التهجير إعلان حرب .. ولسنا وطناً بديلاً

«الأردن »أمام الخيارات الصعبة والقوات المسلحة بـ «المرصاد»

الأنباط-عمرو خصاونه

لم يعد سرًا على أحد أن أعضاء حكومة العدو الإسرائيلي الحالية ممثلة برئيس وزرائها بنجامين نتنياهو، باتت تتحدث علنًا عن تهجير فلسطينيي الضفة الغربية إلى الأردن، زاعمين أن الأردن هو الوطن البديل لهم.
هذه الفكرة التي أقل ما يتم وصفها بأنها مجنونة تخالف كل الشرائع و المواثيق الدولية و قوانين جرائم الحرب المنصوص عليها في مواثيق الأمم المتحدة.
فكرة بعض أعضاء الحكومة الإسرائيلية ال "مجنونة" جزء من خطة أكبر تقضي ببناء "إسرائيل" الكبرى التي تمتد من النيل إلى الفرات، أي أن تهجير الفلسطينيين إلى الأردن سيتبعه خطوات أخرى في مناطق أخرى من هذا الجزء من العالم، ربما تكون لبنان أو مصر أو تركيا أو العراق أو أي دولة أخرى.
إذًا فمحاولة تهجير الفلسطينيين إلى الاردن -الضفة الشرقية- هو جزء من هذه الخطة التي ستأكل كل ما هو أمامها في خطوات لاحقة أخرى، وفق مخططات المسؤولين الصهاينة.
هذه الفكرة أو المشروع والذي ينص على أن :الأردن هو فلسطين" وأن الديموغرافيا الأردنية التي تحوي على نسبة كبيرة من عدد سكان الأردن من أصول فلسطينية هي سبب من الأسباب التي تستند عليها إنبعاث هذه الفكرة من جانب العدو الإسرائيلي و هنا يجب على صناع القرار السياسي في الأردن أن يغيروا قواعد اللعبة فيما يخص تعامل الأردن مع الجانب الإسرائيلي ومع القضية الفلسطينية ككل.
ولكن السؤال الأهم هو هل تستطيع إسرائيل إبادة أو نقل كل سكان الضفة الغربية إلى الأردن أو أي مكان اخر، الجواب حسب محللين ومفكرين من أبرزهم عبد الوهاب المسيري، الذي سأل هذا السؤال من قبل حيث أجاب أن "الجيوب الاستيطانية في العالم تنقسم إلى قسمين، قسم نجح في إبادة السكان الأصليين قسم لم ينجح بذلك مثل الجزائر وأنجولا و جنوب أفريقيا وأن كل هذه الجيوب الاستيطانية التي لم تنجح بذلك كان مآلها إلى الزوال".
و يضيف المسيري " أن أغلب هذه الجيوب الاستيطانية كانت قد أنشئت في بداية القرن التاسع عشر في زمن غير هذا الزمن الذي تتوافر فيه وسائل الإعلام بكثرة مما يصعب من مهمة التهجير و أن الشعب الفلسطيني ليس شعبًا بدائيًا بل شعب يتكاثر كمًا و نوعًا وعملية قلعه من أرضه ليست بالسهولة التي يفكر بها الإسرائيليين أنفسهم".
ما سبق يعطي بعض التطمينات لكيفية تعامل وفهم الأردن لعملية التهجير و لكنه يجب ألا يكون سببًا من أسباب إهمال قاعدة أن التهجير من الضفة كفكرة من قبل العدو الإسرائيلي يجب أن يكون الأساس في شمولية تفكير الأردن في فلسطين كجغرافيا و كقضية و كإحتكاك يومي مع العدو الإسرائيلي، خاصة بعد الأزمة السورية و الأوكرانية التي شهدت تهجير ملايين السكان و قبل العالم بذلك، كان من الممكن التنظير بأن فكرة نقل سكان الضفة إلى الأردن فكرة جنونية مستحيلة قبل حدوث هاتين الأزمتين أما اليوم فالأردن ليس بمأمن على الإطلاق.
و يبرز السؤال الأهم و هو ما هي الأوراق التي بيد الأردن لرفض تهجير الفلسطينيين من الضفة الغربية.
حسب أهم المحللين و الخبراء يمتلك الأردن أربعة أوراق ضغط بإمكانه استعمالها للحؤول دون حصول التهجير و هي:

أولاً: الضغط بإلغاء معاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية التي وقعت عام 1994 في سبيل منع أي نوع من أنواع التفاهم مع إسرائيل حول قبول استقبال لاجئين جدد من الضفة الغربية إلى الأردن، وهذه الورقة وان كانت تبدو خطوة ستضر بعلاقات الأردن مع حليفها الاستراتيجي الولايات المتحدة لكنها يجب أن تكون مطروحة على الطاولة من قبل الأردن في المستقبل.
ثانيًا: زيادة الضغط و التواصل مع الحكومة الأمريكية حيال هذه المعضلة، فالحكومة الأمريكية هي الوحيدة القادرة على الضغط على إسرائيل وثنيها عن القيام بهذه الخطوة فلا روسيا و لا الصين ولا فرنسا أو الإتحاد الأوروبي يملك مقومات العلاقة التي تتيح لهم الضغط على إسرائيل، الولايات المتحدة هي الوحيدة فقط القادرة على ذلك.
ثالثًا: الضغط الدبلوماسي العالمي الأردني تجاه خطورة مثل هذه الخطوة على الأمن العالمي، فلا يخفى على أحد أهمية الأردن جيواستراتيجيا وأن تهجير الفلسطينيين إلى الضفة الشرقية قد يكون عاملاً مفجرًا للأوضاع الداخلية الأردنية الذي يعاني من نسب بطالة مرتقعة و معدلات عالمية عالية في نقص المياه و الذي كان قد استقبل منذ عام 2011 ملاييين السوريين، و أن استقبال الفلسطينيين سيكون عامل مفجر للأوضاع الداخلية الأردنية.
رابعًا: التعامل مع موضوع التهجير كموضوع عسكري بحت قبل أي شيئ أخر، فالقوات المسلحة هذه المؤسسة المقدسة لدى كل الأردنيين هي من سيكون في واجهة التعامل مع مثل هكذا حدث في حال وقوعه، وأن القوات المسلحة هي الوحيدة القادرة على حسم مثل هكذا ملف من ناحية التعامل التقني معه، فما هي السيناريوهات العسكرية المطروحة على الطاولة لصد جيش العدو الإسرائيلي عن القيام بمثل هكذا خطوة.
كل ما سبق يجب أن يتلازم مع تحصين الجبهة الداخلية الأردنية، فتوازن معادلة الاستقرار الأردنية بحيث تكون كل مكونات الطيف السياسي الإجتماعي الأردني ممثلة في مؤسسات صنع القرار و الضغط في الدولة منها الحكومة و مجلس النواب و الأعيان و الهيئات المستقلة و المديريات يعتبر ضرورة لصد حصول أي إنعدام للإستقرار في الأردن و الذي سيكون بمثابة بوابة دخول الماكينة الصهيونية و اختراقها لنسيج المجتمع الأردني و يسهل مهمتها في الضغط على الأردن بالقبول بمثل هكذا قرار بل و حتى فرضه على المجتمع الأردني تحت مسميات كثيرة تتردد في الصحافة العبرية منها أن تهجير الفلسطينيين إلى الضفة الشرقية سيعود بفوائد إقتصادية كبيرة على الاردن.
بالمحصلة إن فكرة تهجير فلسطينيي الضفة الغربية إلى الأردن فكرة مطروحة على طاولة الحكومة الإسرائيلية و يجب أن لا يتم إهمالها بل يجب أن تكون حجر الأساس في نظرة الأردن و تعامله مع القضية الفلسطينية. يملك الأردن العديد من أوراق الضغط على حكومات العالم و على الحكومة الإسرائيلية و يجب أن يتم تفعيلها جميعا للحؤول دون وقوع مثل هكذا أمر، و يجب التذكر دائمًا بأن الجبهة الداخلية و تحصينها هي أهم عامل من عوامل نجاح الحكومة الأردنية بالتعامل مع موضوع التهجير و الذي أعلن الأردن مسبقًا أنه سيكون بمثابة إعلان حرب على الأردن.
الى ذلك، قال وزير الخارجية أيمن الصفدي، إن "إفلات إسرائيل من العقاب مكنها من مواصلة خروقاتها"، مضيفا بأن "الحكومة الإسرائيلية الحالية تريد إبعاد كل الفلسطينيين من أراضيهم، ولا يمكن أن نبقى مكتوفي الأيدي".

وأكد الصفدي، خلال كلمته في "منتدى الاتحاد من أجل المتوسط" في مدينة برشلونة الإسبانية، الاثنين، أن "إسرائيل تخرق الاتفاق المبرم بينها وبين الاتحاد الأوروبي، ويتوجب مواجهة ذلك بكل شجاعة وجرأة حتى لا يفقد الاتحاد مصداقيته".

وأوضح "هناك العديد من المدن الفلسطينية التي تم تدميرها بفعل القنابل الإسرائيلية ويتم استهدافها دون توقف". وبين أن "الحكومة الإسرائيلية الأخيرة هي الأكثر تطرفا، وتهدف إلى إبعاد كل الفلسطينيين من أراضيهم"، وتابع، "يجب ألا نبقى مكتوفي الأيدي وأن نعمل بكل قوة من أجل إيقاف التصرفات الإسرائيلية المضرة بحقوق الإنسان".