خبراء ل الحكومة.. هكذا يتم التحديث الإعلامي

لجنة متخصصة من كافة الجهات لوضع استراتيجية إعلامية ملزمة

د. صفوري: اعادة النظر بعدد من القوانين بما يضمن حرية العمل الصحفي

الزعبي: الإعلام يجب أن يكون السلطة الرئيسية التي تمثل الشعب

ابو عرجة: أهمية تدريب العناصر البشرية والاهتمام بكليات الإعلام

‏ الانباط – محمد شاهين

في إطار الجهود لتحديث القطاع العام وتعزيز فعالية المؤسسات الحكومية، تم تشكيل لجنة متخصصة برئاسة ‏رئيس الوزراء السابق بشر الخصاونة، بناءً على توجيهات جلالة الملك عبدالله الثاني. المبادرة جاءت كجزء من رؤية شاملة ‏للإصلاحات، حيث تركز على تحسين جودة الخدمات الحكومية وتبسيط الإجراءات وتعزيز الشفافية‎.‎ وتسعى إلى تطوير هيكل القطاع العام بإدخال تحديثات تشريعية وإدارية. ‏وعقدت نحو 100 اجتماع وورشة مع الجهات المعنية، بالإضافة إلى إجراء دراسات معمقة وتحليلات شاملة ‏لفهم التوجهات العالمية بإدارة القطاع العام‎.‎
ومع اقتراب الأردن من مئويتها الثانية، يشدد الملك على أهمية هذه الإصلاحات كخطوة ضرورية لمواجهة التحديات الوطنية، ‏وتعزيز الديمقراطية، ودعم التنمية المستدامة.
بناءً على هذه الرؤية، يتطلب الأمر تحديثًا إعلاميًا يواكب التغيرات ويعزز من شفافية ‏التواصل بين الحكومة والمواطنين مما يسهم في تحقيق الأهداف المرجوة من هذه الإصلاحات‎.‎
مواكبة التطورات التقنية
وحول التحديث الاعلامي يؤكد عميد كلية الإعلام في جامعة الزرقاء الدكتور أمجد صفوري، على أهمية تحديث التشريعات الإعلامية في ثلاث مجالات التشريعات، التنظيم، والجانب المهني.‏
وأوضح صفوري ل الانباط أن الجانب التشريعي يعد محوراً أساسياً بتنظيم عمل الصحفيين والمؤسسات ‏الإعلامية، حيث يُساهم في تحديد كيفية تعامل هذه المؤسسات مع بعضها البعض ومع الصحفيين. مشيرا إلى ضرورة إعادة النظر في ‏العديد من القوانين، خاصة في ظل التطورات التقنية المتسارعة التي تشهدها وسائل الإعلام، بما يضمن حرية العمل الصحفي وتيسير ‏وصول الصحفيين إلى المعلومات.‏
وفيما يتعلق بالجانب التنظيمي، لفت صفوري إلى أهمية مراجعة قانون نقابة الصحفيين لضمان انضمام وتنظيم الصحفيين بشكل فعال. ‏وأكد على ضرورة تطوير القوانين الخاصة بالنقابة بما يتيح للصحفيين ممارسة مهنتهم بحرية.‏
وفي الجانب المهني، شدد على ضرورة تعزيز مهارات الصحفيين والإعلاميين في مختلف المؤسسات، بما يمكنهم من ‏بناء قصص وتقارير صحفية تلبي احتياجات المجتمع وتسلط الضوء على القضايا الهامة.‏
وأضاف من الضروري تشكيل لجان شاملة لتحديث القطاع الإعلامي، تضم جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك ‏الصحفيين والعاملين في القطاعين الخاص والحكومي، لتمثيل المؤسسات العامة في الإعلام. وأكد على أهمية تمثيل الأكاديميين ‏والشباب، مشيراً إلى أن المهارات المتوفرة لديهم تحتاج إلى اعتبار خاص عند عملية تحديث القطاع.‏

واشار إلى أن تحقيق التقدم في هذه المجالات من شأنه أن يساهم في نهضة حقيقية للمؤسسات الصحفية، ‏ويعزز من دور الإعلام كركيزة أساسية في المجتمع.‏
تعزيز الحوكمة بالإعلام
من جهته أكد الدكتور عدنان الزعبي، عميد كلية الإعلام في جامعة الخوارزمي، على أهمية تعزيز الحوكمة والرقابة في الإعلام ‏الأردني، مشيرًا إلى ضرورة أن يكون السلطة الرئيسية التي تمثل الشعب وتعبر عن رأيه العام. ‏ أوضح الزعبي أن الشفافية والمساءلة يجب أن تكون محاور رئيسية في تطوير المنظومة ‏الإعلامية، مشددًا على أهمية وجود إطار مسؤولية اجتماعية ودينية وإعلامية لتحقيق هذا الهدف. وقال: "لا يمكن أن نصنع حرية ‏الإعلام دون ممارسة يومية تتفاعل مع احتياجات المجتمع".‏
ورأى ضرورة تشكيل لجنة مختصة لوضع استراتيجية إعلامية ملزمة، مستلهمًا من تجارب سابقة مثل لجنة الملكية لتعديل ‏الدستور ولجنة الانتخابات.
وأضاف: "يجب أن تضم اللجنة خبراء من تخصصات متعددة لمواكبة التطورات التكنولوجية مثل الذكاء ‏الاصطناعي وعلم النفس السيبراني، وتأثيرها على الإعلام والسياسة".‏
كما أكد على أهمية أن تعكس البرامج الإعلامية أهداف الوطن ورؤيته، مشيرًا إلى أن القوانين والتشريعات الحالية قد تعيق تحقيق هذه ‏الرؤية. وفي سياق آخر، تطرق إلى أهمية التربية الإعلامية في المدارس، داعيًا إلى تطوير برامج تعليمية تسهم في توعية ‏الطلاب حول كيفية التعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي.‏
وأكد الزعبي على ضرورة العمل الجماعي والتعاون بين مختلف التخصصات لتطوير الإعلام الأردني بما يحقق المصلحة ‏العامة.‏ والمطلوب تحديث إعلامي شامل.
الإعلام ركيزة أساسية ببناء الدولة والمجتمع
أكد الأستاذ الدكتور تيسير أبو عرجة، على ضرورة تحديث القطاع الإعلامي في الأردن، أن البلاد بحاجة إلى هذا التحديث تماماً كما ‏تحتاج إلى تحديثات في مجالات السياسة والاقتصاد. ‏
وأشار ل الانباط إلى الأهمية الكبيرة التي يحتلها الإعلام في حياة الدولة والمجتمع، مؤكداً على الدور الحيوي الذي ‏يلعبه في مواكبة مسيرة الدولة وسياساتها وتطلعات المواطنين.‏
وأوضح أن الإعلام يواجه تحديات مستمرة تتعلق بالتحديث والتطوير، وذلك بسبب التطورات التقنية السريعة التي أثرت على أساليب ‏العمل ووسائل تقديم الرسائل الإعلامية. وأشار إلى أن الوضع الراهن في العالم العربي، الذي يشهد حالة غير مسبوقة من الحرب ‏النفسية والإعلامية، يتطلب من المؤسسات الإعلامية الأردنية — حكومية أو خاصة — أن تكون في طليعة التحديث ‏والتطوير.‏
وشدد أبو عرجة على أهمية تشخيص الواقع الإعلامي من خلال التجربة المهنية، حيث يمكن لكل قطاع تحديد النقاط ‏والقضايا التي تستوجب التحديث الإعلامي لتحقيق النهوض والتطوير المطلوب. ‏
وأشار إلى أبرز العناوين في هذا المجال، والتي تتضمن ضرورة وجود سياسات إعلامية داخلية وخارجية منظّمة باستراتيجية إعلامية ‏لها أسس ثابتة ومرجعيات موثوقة، مع سياسات متحركة وأدوات بشرية قادرة على تنفيذ هذه السياسات بفعالية.‏ مشددا على أهمية تدريب وتأهيل العناصر البشرية، مما يتطلب اتباع معايير الكفاءة وإخضاع الموظفين لاختبارات دقيقة، بالإضافة ‏إلى أهمية التدريب المستمر. وأكد أيضاً على ضرورة تحسين الهيكل الإداري ليكون أكثر كفاءة ومرونة، مع التركيز على جودة الأداء ‏بدلاً من الكثرة غير المنتجة.‏
وإشار إلى أهمية الاهتمام بكليات الإعلام للاستفادة من مخرجاتها الشبابية، إذ يُعتبر الطلاب العناصر المؤهلة التي ‏تعتمد عليها المؤسسات الإعلامية. وهذا يتطلب مراعاة نوعية الدارسين وتطوير المناهج العلمية وتوفير معدات التدريب العملي ‏وأدواته، والتأهيل المناسب للقائمين على التدريس.‏ داعيا إلى ضرورة الاهتمام بالقطاعات الإعلامية المتعددة، مثل الإعلام التنموي الداخلي، الذي يستدعي وجود قنوات إذاعية ‏وتلفزيونية تعكس ظروف كل محافظة على حدة، بالإضافة إلى المتخصص الذي يخدم كل وزارة أو هيئة داخل البلاد. ‏
وشدد على أهمية العناية بالإعلام الخارجي، بما في ذلك إعلام السفارات والملحقين الإعلاميين، لضمان تقديم الصورة ‏المناسبة للدولة ومصالحها وجوانبها الحضارية.
من هنا، يتضح أن تحديث القطاع الإعلامي في الأردن يمثل خطوة حيوية نحو تعزيز الفعالية والشفافية في التواصل بين ‏الحكومة والمواطنين. حيث تتطلب المرحلة الحالية التعاون بين كافة الأطراف المعنية لضمان بناء بيئة إعلامية قادرة على مواجهة التحديات المعاصرة.