الأعمال الحرة تفتح آفاقًا جديدة للدخل والاستقلالية
الأنباط- شذى حتاملة
في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها المملكة في الوقت الحالي، يتجه الأفراد نحو الأعمال الحرة كوسيلة لتأمين دخل إضافي أو كوظيفة أساسية، وذلك لدورها في تحقيق الاستقلالية وتوفير مرونة أكبر، خاصة بتحديد ساعات العمل ومكانه. لذا يسعى الأفراد نحو الأعمال الحرة لتجاوز القيود التقليدية المرتبطة بالسوق، والعمل في بيئات تلبي أهدافهم وطموحاتهم، مما يساعدهم في بناء مستقبلهم بعيدًا عن البطالة.
في هذا السياق، أكد رئيس مركز بيت العمال، المحامي حمادة أبو نجمة، أن هناك عدة عوامل تدفع الشباب وكثيرًا من الأفراد نحو الأعمال الحرة بدلاً من الوظائف التقليدية. من أبرز هذه العوامل البطالة المرتفعة، وتحديدًا بين الشباب وحملة الشهادات الجامعية، مما يجعل الحصول على وظيفة تقليدية أمرًا صعبًا. وأضاف أن بعض الأفراد يسعون لتحقيق المزيد من الاستقلالية والتحكم في أوقات عملهم، وهو ما توفره الأعمال الحرة. كما أن التطور التكنولوجي وانتشار الإنترنت سهّل فرص الوصول إلى العمل الحر في مجالات مثل البرمجة، والتسويق الرقمي، والتصميم الجرافيكي، التي يمكن العمل فيها عن بُعد.
وأشار أبو نجمة إلى التحديات التي تواجه أصحاب المشاريع الحرة في الأردن عند بدء مشاريعهم، وأبرزها نقص التمويل، حيث يجد الكثيرون صعوبة في الحصول على قروض أو استثمارات لتمويل مشاريعهم، كما أن نقص الخبرات الإدارية والتسويقية لدى الكثير من رواد الأعمال يشكل عائقًا أمام نمو مشاريعهم. ولفت إلى أن الإطار القانوني والتنظيمي للأعمال الحرة ليس دائمًا واضحًا أو ملائمًا، مما يشكل عائقًا أمام تسجيل الأعمال رسميًا أو الاستفادة من الحوافز الحكومية.
وأكد أبو نجمة أن الأفراد يلجأون إلى الأعمال الحرة كبديل لتحقيق دخل، نتيجة صعوبة العثور على وظائف مستقرة في ظل الركود الاقتصادي وارتفاع نسب البطالة. وأشار إلى أن غياب الفرص الوظيفية في القطاعات التقليدية يشجع العديد على استكشاف مجالات عمل جديدة تعتمد على المهارات الفردية مثل الاستشارات أو الأعمال الإلكترونية.
ولفت إلى أن أكثر الأعمال الحرة شيوعًا في الأردن هي تلك التي تعتمد على التكنولوجيا، مثل تصميم المواقع الإلكترونية، البرمجة، التسويق الرقمي، وتطوير التطبيقات. وتُعد هذه الأعمال شائعة لأنها لا تتطلب استثمارات كبيرة في البداية، ويمكن للفرد العمل فيها من المنزل. وأكد أن هناك طلبًا متزايدًا على هذه المهارات في السوقين المحلي والإقليمي، فضلاً عن تزايد الإقبال على بعض القطاعات التقليدية مثل الحرف اليدوية والخدمات الحرفية (كالسباكة والكهرباء)، نظرًا للحاجة الدائمة لهذه الخدمات.
كما ذكر أبو نجمة أن الثقافة المجتمعية تلعب دورًا كبيرًا في قرارات الأفراد بشأن العمل الحر في الأردن؛ فقد كان المجتمع الأردني يولي اهتمامًا كبيرًا للوظائف الحكومية والتقليدية كرمز للاستقرار والصورة الاجتماعية. ولكن بدأت هذه النظرة تتغير تدريجيًا، خصوصًا بين الشباب الذين يسعون لتحقيق استقلالية مالية ويعتبرون العمل الحر فرصة للإبداع والتطوير المهني. ومع تزايد قصص النجاح لأفراد بدأوا بأعمال حرة وحققوا نجاحات، يتزايد القبول المجتمعي لهذا النوع من العمل.
من جانبه، أوضح مسؤول الإعلام والاتصال في المرصد العمالي الأردني، مراد كتكت، أن هناك العديد من الأسباب التي تدفع الأفراد نحو العمل الحر، أبرزها ارتفاع معدلات البطالة، وبخاصة معدلات البطالة بين الشباب التي بلغت ما يقارب 46%. وأضاف أن تدني مستويات الأجور مقابل استمرار ارتفاع تكاليف المعيشة يدفع الكثيرين للبحث عن أعمال حرة، وهي أعمال غير منظمة ولا تتمتع بأي شكل من أشكال الحماية الاجتماعية لكسب لقمة العيش وتحصيل الحد الأدنى من الاحتياجات الأساسية.
وأوضح كتكت أن معظم الأعمال الحرة لا تتطلب شهادات علمية، مما يسهل دخول الأفراد الذين لم يلتحقوا بالجامعات إلى هذه الأعمال، وبالتالي أصبحت الأعمال الحرة أو المؤقتة خلال السنوات القليلة الماضية واقعًا جديدًا فرض نفسه بقوة في سوق العمل الأردني وفي معظم بلدان العالم. وأشار إلى أن مفهوم "سوق العمل الحر/ المؤقت" يشير إلى الأعمال التي لا تخضع لأنظمة وأحكام العمل التقليدية، مثل العاملين لحسابهم الخاص والعاملين في مشروع لمدة أو مهمة محددة، والتعيينات المؤقتة، أو العمل بدوام جزئي.
وأشار كتكت إلى أن هناك تحديات عديدة تواجه الأفراد الذين يسعون لبدء مشاريعهم الخاصة، أبرزها صعوبة الحصول على دعم أو تمويل لبدء المشاريع، إضافة إلى نقص الخبرات، مما قد يؤدي إلى عدم الاستمرارية في تلك المشاريع الحرة. ولفت إلى أن العاملين في أعمال حرة، مثل المنصات الرقمية سواء من المنزل أو عبر تطبيقات نقل الركاب، يواجهون تحديات مرتبطة بعملهم، مثل عدم استقرار دخلهم وغياب الحمايات الاجتماعية مثل الضمان الاجتماعي والتأمين الصحي.
ولفت كتكت إلى أن الأعمال المرتبطة بالمنصات الرقمية من أكثر الأعمال الحرة شيوعًا في الأردن، خاصة للذين يعملون من المنزل في مهن مثل التصميم الجرافيكي أو الترجمة، وأيضًا العاملين عبر تطبيقات النقل الذكية وتطبيقات توصيل الطعام. وأكد أن المجتمع، في ظل الظروف الاقتصادية، ينظر إلى مثل هذه الأعمال على أنها ملاذ للمتعطلين عن العمل، إذ تدفعهم الحاجة الاقتصادية إلى مثل هذه الأعمال.