تحسين بيئة عمل المرأة بين التحديات والفرص
قبيلات: انتساب المرأة لحزب يتيح لها الوصول لموقع قيادي
ابو علبة: التدريب المهني ضرورة لتطوير مهارات النساء
المومني: ضرورة تشجيع ثقافة التوازن بين العمل والحياة الشخصية
الأنباط – شذى حتاملة
تعد المرأة شريكًا فاعلاً مع الرجل في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، لذا مع تزايد الوعي بحقوق المرأة وفي ظل تزايد التحديات التي تواجهها في بيئات العمل، كان لا بد من التركيز على تحسين مناخ عمل المرأة وتوفير بيئة تتناسب وتشجعها على الابتكار والإبداع. حيث من الضروري تنفيذ سياسات تدعم التوازن بين الحياة الشخصية والمهنية، وتوفير البرامج التدريبية التي تساعدها على التطور المهني، وهذا بدوره يساهم في خلق بيئة خصبة تستطيع المرأة من خلالها تقديم إنجازاتها بكفاءة وفعالية، مما يساهم في دفع عجلة التنمية الاقتصادية.
الأمين العام لوزارة التربية والتعليم سابقًا، الدكتورة نجوى قبيلات، قالت إن بيئة العمل تلعب دورًا حيويًا في حياة المرأة العاملة، حيث تشمل التحديات التي تواجهها عوامل مادية وغير مادية، مثل التشريعات الناظمة للعمل والعلاقات التي تربط العاملين في بيئة العمل. تواجه المرأة العاملة بعض التحديات التي قد تختلف باختلاف القطاع الذي تعمل فيه، وكذلك باختلاف طبيعة المجتمع الذي يقع فيه مكان العمل. وأوضحت أن قطاعات العمل التي لا يوجد فيها اختلاط قد تقتصر التحديات التي تواجه المرأة فيها على بعض التشريعات التي تحدد ساعات العمل والتي تنعكس على قيامها بدور الأمومة، خصوصًا في المؤسسات التي لا تحتوي حضانات أطفال، وكذلك بعض التشريعات التي تقيد الدوام المرن والفرص المتاحة لتطوير قدراتها. أما في القطاعات التي يكون فيها العمل مختلطًا، تعاني المرأة في بعضها من عدم مراعاة خصوصية المرأة، حيث تُهيأ بيئة عمل موحدة للجميع.
وأضافت في حديث خاص لـ "الأنباط" أن توقيتات التدريب والفرص المتاحة للمرأة لبناء مهاراتها ومشاركتها في الدورات الخارجية تشكل تحديًا لها. ورغم ذلك، أثبتت المرأة جدارتها في العمل وقدرتها على الإنجاز بشكل ملحوظ، حيث لم تؤثر بيئات العمل سلبًا على أدائها. مشيرة إلى أنه على الرغم من التوجيهات الملكية المستمرة للحكومات المتعاقبة بالاهتمام بالمرأة ومنحها الفرص في مختلف الوظائف، إلا أن الفرص المتاحة للمرأة في المناصب القيادية لا تزال محدودة. ورغم إنشاء وحدات خاصة بالنوع الاجتماعي في جميع الوزارات، فإن ذلك لم ينعكس بشكل واضح على وجود المرأة في جميع المناصب القيادية.
وأشارت قبيلات إلى أن الاستراتيجية الوطنية للمرأة تسعى إلى إنشاء مجتمع خالٍ من التمييز والعنف القائم على الجنس. إذ انبثقت العديد من الخطط التنفيذية التي تهدف إلى تحسين بيئة العمل بما يتناسب مع احتياجات المرأة. كما تم إنشاء وحدات النوع الاجتماعي المستحدثة في جميع الوزارات بهدف توفير بيئات مادية وغير مادية تمكن المرأة من العمل في بيئة آمنة ومحفزة. مضيفة أن عدد البرامج التدريبية لتمكين النساء العاملات في جميع القطاعات قد ازداد، حيث كان القطاع التربوي من أبرز القطاعات التي وفرت فرصًا للمرأة في مختلف المستويات لبناء وتطوير مهاراتهن لمواكبة المستجدات. وقد تم تنسيق هذه البرامج مع جهات عديدة منها معهد الإدارة العامة ومنظمة المرأة العربية، إضافة إلى البرامج التدريبية التي يقوم بها قسم النوع الاجتماعي في الوزارة.
وأوضحت أن انتسابها لحزب أتاح لها، كما هو الحال في أغلب الأحزاب الأردنية، المجال لتكون في المواقع القيادية في الحزب، وأن ترأس الكثير من اللجان الهامة في عمل الحزب، وانعكس ذلك على ترأس المرأة القائمة الوطنية لانتخابات المجلس العشرين.
وفي السياق ذاته، أكدت الأمين الأول لحزب الشعب الديمقراطي الأردني "حشد"، عبلة أبو علبة، أن المناخات في ميادين العمل تتفاوت بين مؤسسة وأخرى، بالنسبة للظروف المحيطة بعمل المرأة. مبينة أن هناك ضرورة لوضع محددات تفصيلية لمعنى "مناخ العمل الحالي"، سواء في ظواهر التمييز في بيئة العمل التي تنعكس على الأجر والحقوق بشكل عام، أم التي تتعلق بالتسهيلات التي يفترض أن تتوفر للمرأة العاملة، مثل الحضانات ووسائل النقل المريحة والضمانات الصحية والاجتماعية.
وأشارت إلى دور السياسات الحكومية في تعزيز مناخ عمل المرأة، فهي تعد السلطة التنفيذية القادرة على إنفاذ القانون ومحاسبة الذين لا يلتزمون به، خصوصًا قانون العمل. مضيفة أن السياسات الحكومية هي التي تقرر طبيعة المشاريع الاقتصادية والتشغيلية التي من شأنها تشغيل آلاف الشباب ذكورًا وإناثًا، ومراقبة قدرتهم على التطور والإنتاج. لذا فإن دور السياسات الحكومية حاسم في هذه القضية.
وتابعت أبو علبة أن التدريب المهني وسيلة وآلية ضرورية لتطوير مهارات النساء، خصوصًا في ظل محدودية المدارس والكليات المهنية وكذلك التخصصات التعليمية ذات الصلة. لذلك، فإن التدريب المهني المستمر المواكب للتطور التقني والعلمي لا بديل عنه من أجل تنمية المهارات والاستقرار في العمل وزيادة معدلات الإنتاج. مشيرة إلى أن هناك ظواهر تمييزية عالية بين المرأة والرجل في بيئة العمل، تحديدًا في البيئات الفقيرة والبعيدة عن الرقابة مثل عاملات الزراعة في الأغوار الشمالية والجنوبية، والعاملات في المصانع المختلفة، والشركات الصغيرة المتناثرة في المدن.
وبينت أن التمييز يبدأ من عدم الالتزام بالأجر المتساوي للعمل المتساوي كما هو منصوص عليه في قانون العمل، حيث يستمر في عدم وجود وسائل مواصلات مناسبة للمرأة، تحديدًا عاملات الزراعة، وينتهي بفقدان الضمانات الصحية والاجتماعية أو فقدان الحماية الضرورية التي تفرضها بيئة العمل. كل ذلك بحاجة إلى جهات رقابية رسمية وشعبية. فالنقابات العمالية التي تراجع دورها كثيرًا في خدمة العمال، مطلوب منها أن تستعيد عافيتها ودورها. لافتة إلى أن المنظمات لها دور رئيسي في حماية حقوق العاملات على المستوى الشعبي، وهو دور مناط بالنقابات العمالية أولاً وأخيرًا، لأنه تم تأسيسها لهذه الغاية. وليس منطقيا ولا مقبولاً أن تتخلى عن هذا الدور في ظل تفاقم الأوضاع المعيشية وتردي الظروف المحيطة بعمل المرأة، بينما المنظمات الحقوقية والنسائية فهي معنية ولا شك بقسط من هذا الدور بما يتلاءم مع الأهداف المنصوص عليها في برامجها وأنظمتها الداخلية.
واوضحت المحامية ومستشارة جمعية معهد تضامن الأردني ، انعام العشا ، أن هناك تحديات رئيسية تواجه المرأة في بيئات العمل الغير صديقة منها نقص الحضانات أو بدلات حضانات ، إذ يوجد بعض شركات تسهم في دفع بدل حضانات ؛ لأن يعتبر من الاساسيات المهمة للمرأة ، مضيفة أن هناك تحديات اخرى تتعلق بمكان العمل مثل الخدمات المتاحة وطريقة تعامل الموظفين مع بعضهم البعض والتعرض للتحرش وحصر النساء في وظائف معينة دون المراعاة لقدرتهن ، وتدني الأجور .
واشارت إلى أن هناك سياسات حكومية تدعم بيئة عمل المرأة من خلال برامج وخدمات وقوانين وتشريعات تهدف إلى ازالة التحديات والعقبات التي تواجهها لأن ذلك يعزز من عمل المرأة وترفع من الانتاجية ، مشيرة إلى أن المراة قادرة على وضع خطط تلبي احتياجاتها مما يساعد على تحقيق التوازن بين الحياة المهنية والشخصية دون التاثير على ادوارها الأسرية .
ودعت العشا إلى تحسين البيئة التشريعية والسياسات المتعلقة بالمرأة وتعزيز الرواتب وازالة العقبات من امامها ، موكدة تلعب دورًا مهمًا في تقديم دورات تدريبية، بالإضافة إلى جهود الوزارات في تعزيز مهارات المرأة.
وقالت رزان المومني، صحفية متخصصة في العمل والعمال، إن بيئة العمل تؤثر على مشاركة المرأة في سوق العمل من خلال عدة أسباب، منها توفير فرص متساوية في الأجور والترقية والتدريب، ومرونة في ساعات العمل لتلبية احتياجات المرأة. كما شددت على أهمية توفير الخدمات المساندة مثل النقل العام والحضانات لأطفال النساء العاملات، مضيفة إلى أهمية تشجيع ثقافة التوازن بين العمل والحياة الشخصية، ووجود سياسات واضحة لمكافحة التمييز والعنف والتحرش. هذه العوامل كلها تُسهم في خلق بيئة عمل داعمة ومشجعة للمرأة، وذلك بدوره يزيد من مشاركتها في القوى العاملة.
ولفتت إلى دور السياسات الحكومية الجيدة في تعزيز بيئة عمل جيدة للمرأة وذلك من خلال تشريعات وقوانين داعمة وملائمة لاحتياجات النساء وبخاصة ممن لديهن أطفال، ومراجعة القوانين المتعلقة بعمل المرأة بشكل مستمر وتعديلها بما يتوافق ومعايير العمل اللائق الدولية ، مشيرة إلى أن تلك المعايير تتعلق بالمساواة في الأجور ،وعدد ساعات العمل وبيئة عمل مناسبة وملائمة ، وتوفير الحمايات الاجتماعية والقانونية اللازمة على اختلاف طبيعة الأعمال ، اما فيما يتعلق بالقطاع الخاص ضرورة تقديم حوافز وامتيازات للشركات التي توظف عدداً كافياً من النساء يؤدي إلى توفير بيئة عمل آمنة ومناسبة لهن، إضافة إلى إطلاق برامج شراكة بين الحكومة والقطاع الخاص يعزز مشاركة المرأة في القوى العاملة.
وبينت المومني اهمية التدريب المهني بمنح النساء العاملات الأدوات والمعرفة اللازمة للنجاح في سوق العمل المتغير باستمرار في ظل التطور التكنولوجي السريع الذي يشهده العالم ، ويتطلب دراية ومعرفة متجددة ومستمرة ، موكدة أن التدريب المهني يُسهم في تطوير مهارات النساء التقنية ويجعلهن أكثر كفاءة وإنتاجية في أداء مهامهن، وتطوير المهارات اللازمة للتكيف مع التغيرات المستمرة في سوق العمل، كما يزيد من فرصهن في الترقية وتولي مناصب قيادية.
واشارت إلى أن المرأة تواجهها العديد من التحديات في بيئة العمل اهمها التفاوت في الأجور، إذ تتقاضى النساء أجورا أقل من الرجال في نفس العمل ، كما يعانين من التمييز في الترقيات والتعيينات وهذا يظهر أكثر في القطاع العام، بالإضافة إلى صعوبة التوفيق بين متطلبات العمل والحياة الشخصية وبخاصة مع مسؤوليات الرعاية الأسرية عندما تكون المرأة متزوجة ، موضحة أن بعض النساء يضطرن الإنسحاب من العمل لعدم توفير الخدمات المساندة مثل النقل العام أو حضانات ورياض أطفال.
واكملت حديثها إلى أن هناك تحديات أخرى مثل قلة فرص التدريب والتطوير المهني، والافتقار إلى الدعم المؤسسي وسياسات مواجهة العنف والتحرش في مكان العمل، مضيفة أن قلة السياسات الداعمة داخل المؤسسات مثل عدم الحصول على إجازات بما فيها إجازة الأمومة والحمايات الاجتماعية (تأمين صحي، ضمان اجتماعي، حضانات الأطفال) وهذه التحديات نجدها في القطاع الخاص .
واكدت المومني أن هذه التحديات مجتمعة تخلق بيئة عمل غير داعمة للمرأة، ما يحد من قدرتها على تحقيق إمكاناتها المهنية وكفاءتها وانخفاض مستوى الثقة بالنفس لديها وتقليل إنتاجيتها،مبينة أن ذلك ما يزيد من تغيبها عن العمل ومن ثم الانسحاب من العمل وبالتالي انخفاض مشاركتها في سوق العمل، وعدم توفر فرص عمل ذات جدوى اقتصادية للنساء يعزز ثقافة بأن عمل المرأة غير ضروري .
وذكرت أنه يمكن لمنظمات المجتمع المدني أن تُسهم في تحسين بيئة العمل للمرأة من خلال عدة امور منها الضغط على صناع القرار لتطوير السياسات التي تدعم مشاركة المرأة في سوق العمل ، وتنظيم حملات توعية بأهمية دور المرأة في سوق العمل، لافتة إلى اهمية تقديم برامج الدعم القانوني والنفسي والاجتماعي للمرأة العاملة، وتقديم برامج تدريب وتأهيل تساعدها على تطوير مهاراتها في سوق العمل.