حسين الجغبير يكتب : لن يصدقوا عهدًا أو ميثاقًا

حسين الجغبير

لقد بثَّ رئيس الوزراء الدكتور جعفر حسان في جلسة مجلس الوزراء الأخيرة رسالة واضحة لا بد من الوقوف عليها بعد تداعيات عملية البحر الميت التي أعلنت جماعة الإخوان المسلمين أن منفذيها ينتمون إليها. إن تأكيد حسان بأن الدولة لن تقبل المغامرة بمستقبل البلد واستغلال الناس لأهداف سياسية، يعني أن الدولة وصلت إلى مرحلة لن تتهاون بها مع كل من يحاول المساس باستقرارها، ويعطي ذرائع للآخرين، وتحديدًا دولة الاحتلال، لتنفيذ مخططاتهم تجاه المملكة، وأن الإخوان المسلمين قد تجاوزوا الخطوط الحمراء، وأصابهم الغرور، ولا بد من أن يفهموا أن هذه الدولة قوية، ولا يمكن العبث بها، وإن تهاونت في فترة من الفترات، فذلك يعود لأنها ما زالت فاتحة أذرعها للجميع.

إن الحديث عن عدم قبول المغامرة بمستقبل البلد يعني أن العبثية التي تعيشها بعض الأطراف، واستسهال الأشياء عليها، يجب أن تنتهي اليوم قبل يوم غد، فلم يعد هناك مجال للحوار أو النقاش، فالضرب بيد من حديد بات واجبًا، وعلى الجميع أن يدركوا جيدًا أن الأردن قوي وقد واجه تحديات تفوق الخيال، ومع ذلك ما زال صامدًا قادرًا على الاستمرار والتطور والنمو، وهو الأمر الذي لن يسمح بالتنازل عنه، والاستهانة به.

لقد أكد الرئيس على أن اللعب على عاطفة الناس تجاه الأشقاء في فلسطين لأهداف سياسية لن يجد نفعًا. وهنا يبدو أن نشوة الإنجاز الذي حققته الجماعة بالوصول إلى أكثرية في مجلس النواب، بعد أن تعاطف معهم الناس جراء مواقفهم تجاه الأشقاء في غزة، سمحت لهم بالتمادي لوضع الأردن في موقف محرج عبر تبني غير مباشر لعملية جنوب البحر الميت، وهي سقطة مميتة للجماعة. وعليها أن تتعلم درسًا قويًا بأن من أوصلهم إلى البرلمان وصنع منهم حزبًا قويًا هو الشارع الأردني، الذي انقلب عليهم اليوم لأنه أدرك أنهم يلعبون بالنار، ويملكون أجندات غير بريئة، وبالتالي سيلفظهم ما دام الأمر يتعلق باستقرار وطنهم وقوته.

لقد رأى الإخوان الهجوم الشرس عليهم من قبل الناس على مواقع التواصل الاجتماعي، والإعلام، وفي الصالونات السياسية، وغيرها من الأماكن، وهذا أفقدهم الكثير، ما دعاهم إلى محاولة "ترقيع" موقفهم، وإصدار بيان تصالحي، لكن لم يقتنع أحد بهم، واستمر الهجوم، ويستمر ما دام أولوية هذا الحزب غير أردنية، ومصالحهم تتقدم على أي مصالح محلية.

لقد تلقى الإخوان درسًا قاسيًا، وأتمنى أن يعوا جيدًا أن أي محاولة للعبث ثمنها كبير، وأن استغلال تواجدهم في مجلس النواب شعبويًا سيكون ثمنه أكبر، مع قناعتي التامة أنهم لن يصدقوا القول، ولا العهد، والميثاق.