الأثر النفسي على اليافعات أثناء "كورونا"


الأنباط - كارمن أيمن

في تجربة إنسانية مؤلمة، روت الطالبة الجامعية رزان تفاصيل رحلتها إلى فلسطين مع والدتها لتلقي العلاج، حيث عانت من صعوبات عديدة خلال فترة الإغلاقات التي فرضتها جائحة كورونا.

قالت رزان التي تدرس في السنة الثالثة في جامعة أردنية لـ "الأنباط" إن طريق الذهاب إلى فلسطين كان أسهل بكثير من العودة، مشيرة إلى أن ظروف التعليم عن بُعد في جامعتها لم تكن مهيأة، مما أدى إلى تأجيل دراستها، وأضافت: "لم أستطع الاستفادة من التعليم عن بُعد، حيث لم توفر الجامعة خدمات الدفع الإلكتروني أو الدعم اللازم للطلاب في ظل هذه الظروف."

استغرقت مدة إقامتها في فلسطين ستة أشهر بدلاً من أسبوع واحد، حيث كانت إجراءات السفر معقدة وصعبة، وبسبب هذه الظروف، وجدت رزان نفسها محاصرة في المنزل، حيث تفتقر بعض المناطق في فلسطين إلى الحياة الاجتماعية، مما زاد من شعورها بالوحدة والضغط النفسي.

تعبر رزان عن استسلامها للأمر الواقع، وتقول: "كنت أعدّ الأيام في انتظار انتهاء الكابوس." في حين كان زملاؤها يواصلون دراستهم من دون مشكلات، وجدت نفسها غارقة في الفراغ، رغم كونها طالبة متفوقة.

الرحلة إلى فلسطين جاءت أيضاً بعد أن علمت بإصابة والدتها بسرطان الثدي، في وقت عصيب تلا وفاة والدها، هذا الوضع العصيب جعل من تأجيل دراستها أمراً ثانوياً مقارنةً بالظروف العائلية الصعبة التي مرت بها.

ختاماً، تناشد رزان مؤسسات المجتمع المدني والجامعات والمدارس بأن تكون على أتم استعداد لأي ظروف طارئة قد تتعرض لها الأردن، مشددة على أهمية التحضير لمواجهة التحديات المحتملة في ظل الظروف الإقليمية المتوترة.

وفي سياق الحديث، أكد المرشد النفسي محمد عيد الدهون أن جائحة كورونا أثرت بشكل ملحوظ على الصحة النفسية لطالبات المدارس والجامعات، مشيراً إلى أن دراسات عدة أظهرت زيادة مستويات القلق والاكتئاب نتيجة فترات الحجر الصحي والتباعد الاجتماعي، وأوضح أن فقدان الروتين اليومي والتواصل الاجتماعي، إضافة إلى القلق بشأن الصحة والامتحانات، ساهموا في تفاقم التوتر النفسي لدى الطلبة.

وأشار الدهون إلى أهمية دور الأسرة كدعامة رئيسية في تقديم الدعم العاطفي والنفسي للفتيات خلال هذه الظروف الصعبة،لافتا إلى ضرورة توفير بيئة آمنة، وتعزيز التواصل الفعال، والاستماع لمشاعر اليافعات، بالإضافة إلى تنظيم أنشطة ترفيهية في المنزل للمساهمة في تخفيف التوتر والقلق.

كما اقترح الدهون مجموعة من الاستراتيجيات الفعالة لدعم اليافعات، تشمل تعزيز التواصل المفتوح بين الأهل والفتيات، وتوفير موارد تعليمية أفضل تسهم في استمرار التعلم عن بُعد، وأكد على أهمية زيادة الوعي بالصحة النفسية من خلال برامج توعوية، مما يساعد اليافعات على التكيف مع التغيرات التي فرضتها الجائحة.

وأضاف أن الجائحة أثرت سلباً على هوية اليافعات، حيث تعيق مرحلة المراهقة القدرة على استكشاف الذات وبناء علاقات جديدة، وللتخفيف من آثار هذه التحديات، نصح بتنظيم أوقات الدراسة والراحة، بالإضافة إلى ممارسة النشاط البدني الذي يساهم في تعزيز الصحة النفسية مشددا على أهمية طلب المساعدة من أعضاء الهيئة التدريسية أو المرشدين النفسيين، مشيراً إلى ضرورة تحديد أهداف واضحة وقابلة للتطبيق، للحد من الشعور بالإرهاق وتعزيز الشعور بالإنجاز.

ومن جانبه، أكد الأستاذ الدكتور كامل خورشيد لـ "الأنباط"، أن جائحة كورونا تمثل حدثاً عالمياً استثنائياً لم يسبق له مثيل، حيث أثرت بشكل كبير على الصحة النفسية لجميع المواطنين، وليس الطالبات فقط، وأشار إلى أن هذه الجائحة أدت إلى مشاعر من القلق والخوف من المستقبل، مما دفع الطالبات إلى اتخاذ احتياطات جديدة مثل ارتداء الكمامات والقفازات، ما أثر سلباً على نفسيتهن وتحصيلهن الأكاديمي.

وأوضح خورشيد أن التحصيل العلمي لدى الطالبات انخفض نتيجة الظروف الاستثنائية التي واجهنها، مشيراً إلى أن النتائج دائماً تعكس طبيعة الظروف المحيطة، وبيّن أن الكادر التدريسي لعب دوراً مهماً في تعزيز الصحة النفسية لدى الطالبات خلال عامي 2020 و2021، حيث اعتمدت الجامعات نظام التعليم عن بُعد، مما أحدث تغييراً دراماتيكياً في العملية التعليمية.

وأشار إلى أن أعضاء هيئة التدريس كانوا مطالبين ببذل جهود مضاعفة في التوجيه والإرشاد للتعامل مع التحديات التي تواجه الطالبات، خاصة أن مجتمعاتنا لم تكن معتادة على التعليم عن بُعد، مما جعل هذه التجربة مليئة بالنجاحات والإخفاقات على حد سواء.

ولفت خورشيد إلى الضغوط النفسية التي تعرضت لها الطالبات، والتي أدت إلى ظهور مشكلات صحية وأمراض نفسية مثل فقدان التركيز والاكتئاب، فضلاً عن الضغوط العائلية والاجتماعية والاقتصادية، وأضاف أن التباعد الاجتماعي الذي فرضته الجائحة زاد من الضغط النفسي نتيجة تقليل الزيارات والاختلاط.

وفي ختام حديثه، أشار إلى ضرورة وجود استراتيجيات تساعد الطالبات على التغلب على الآثار النفسية، مثل التأهيل النفسي والمجتمعي، وأكد على أهمية تعاون المختصين من الأطباء ومرشدي التربية ومؤسسات المجتمع المدني، بالإضافة إلى دور الأسرة في إنجاح هذه الاستراتيجيات، لضمان التعافي الكامل من آثار الجائحة.