جدل متصاعد بين نقابة الاطباء وشركات التأمين حول لائحة الأجور الطبية ل2024
بين تحسين أوضاع الأطباء وحماية المواطن
الأنباط - محمد رصرص
شهدت الأسابيع الأخيرة جدلاً واسعًا بين نقابة الأطباء وشركات التأمين حول لائحة الأجور الطبية لعام 2024، وهو ما يعكس تحديات حقيقية تتعلق بتوازن المصالح بين الأطباء، وشركات التأمين، والمواطنين الذين يعتمدون على خدمات التأمين الصحي لتغطية نفقاتهم الطبية.
بدأت الأزمة مع إصدار نقابة الأطباء الأردنية لائحة الأجور الطبية الجديدة لعام 2024، التي تنص على زيادة تصل إلى 60% في أجور الأطباء موزعة على ثلاث سنوات. ووفقًا لأمين سر النقابة طارق التميمي، تستند هذه الزيادة إلى التضخم وارتفاع تكاليف المعيشة، مما يجعل من الضروري تعديل الأجور لتعكس التغيرات الاقتصادية. وتستند النقابة في موقفها إلى المادة 35 من قانون نقابة الأطباء لعام 1972، التي تمنحها الحق في تحديد لائحة أجور أعضائها.
في المقابل، اعتبرت شركات التأمين أن اللائحة الجديدة "غير دستورية”، وصرح مدير الاتحاد العام لشركات التأمين مؤيد كلوب، بأن النقابة تصدر لائحة الأجور بشكل أحادي دون التشاور مع الجهات المعنية مثل شركات التأمين أو الحكومة، معتبرًا ذلك تدخلاً غير مبرر في سوق العمل. واستندت شركات التأمين في اعتراضها إلى وثيقة قانونية تدعم موقفها.
وأشار كلوب في حديثه مع الأنباط إلى أن تأثير الزيادات سيكون واسع النطاق، خاصة على القطاع التأميني والاقتصاد الوطني، موضحًا أن 8% فقط من السكان الأردنيين مشمولون بالتأمين الصحي الخاص، مما يعني أن هذه الزيادة ستلقي عبئًا كبيرًا على هؤلاء المواطنين الذين يدفعون مقابل الخدمات الصحية.
على الرغم من اعتراضها على اللائحة، أقرت شركات التأمين بأن لائحة أجور الأطباء لعام 2008 تحتاج إلى تعديل، وقد اقترحت زيادة الأجور بنسبة 38% موزعة على عامين، وهي نسبة تعتبرها معقولة وتعكس معدلات التضخم. كما وافقت على رفع أجور الأطباء العامين بنسبة 100% والأطباء الاختصاصيين بنسبة 50%، إلا أن الخلاف الرئيسي يبقى حول النسبة المطلوبة وطريقة توزيعها.
تثير عدة نقاط الجدل بين الطرفين، أولها نسبة الزيادة، إذ تطالب النقابة بزيادة الأجور بنسبة 60% على ثلاث سنوات، بينما تطرح شركات التأمين نسبة أقل قدرها 38% موزعة على عامين. وثانيًا، الإجراءات الطبية، حيث أشارت شركات التأمين إلى أن 400 إجراء طبي تم سحبه من لائحة 2008 وإدراجه كإجراءات جديدة، مما أدى إلى زيادات كبيرة تصل إلى 300% في بعض الإجراءات. وأخيرًا، أرباح شركات التأمين التي انخفضت بنسبة 64% منذ عام 2021، رغم زيادة الأقساط بنسبة 75%، ما يجعل الشركات تفسر ذلك بأنه عبء إضافي على المواطنين.
من جهة أخرى، تخشى شركات التأمين من أن الزيادات المقترحة قد تؤدي إلى ارتفاع ملحوظ في تكلفة الخدمات الصحية، مما ينعكس سلبًا على المواطنين. ودعا كلوب إلى تدقيق لائحة الأجور وإجراء دراسة شاملة حول تأثيرها الاقتصادي والاجتماعي، محذرًا من أن تلك الزيادات قد تكون "مدمرة” خاصةً للفئات المتوسطة والدنيا.
من جانبها، ترى نقابة الأطباء أن الزيادة المقترحة ضرورية لتتماشى مع الظروف الاقتصادية الحالية، خصوصًا في ظل ارتفاع التضخم وتكاليف المعيشة. وتؤكد النقابة أن تلك الزيادات ستعزز من مكانة الأطباء في المجتمع وتضمن لهم أجورًا تعكس حجم المسؤوليات الملقاة على عاتقهم.
في ظل هذا الخلاف المستمر، أعلنت شركات التأمين أنها ستتوجه إلى القضاء للطعن في لائحة الأجور، مشيرة إلى أن هذه اللائحة تمثل خطرًا على مصالحها وعلى المواطنين. وتعتزم الشركات رفع القضية إلى مجلس النواب والحكومة للحصول على حكم بشأن هذا الجدل.