المدارس الخاصة بين الترفيه والتعليم.. عبء مالي على الأهالي أم استثمار بمستقبل الطلاب؟

نديم: التعليم التجاري يهدد مستقبل الطلاب ويثقل كاهل الأسر


الدهون: زيادة الأنشطة الترفيهية عن الحد الطبيعي يأتي بنتائج عكسية على الطلبة

الأنباط - فرح موسى

يبدو أن التوازن بين التعليم والترفيه هو الحل الأمثل لضمان تقديم تجربة تعليمية شاملة تحترم حقوق الطلاب ولا تُثقل كاهل الأهالي ماليًا. لكن ما يحدث في بعض المدارس الخاصة يُظهر بوضوح أن هناك انحرافًا في بوصلة التعليم نحو الترفيه والتربّح على حساب جودة التعليم الأساسي. فضلاً عن أن بعض المدارس الخاصة تستغل أولياء الأمور بفرض مصاريف إضافية لا ترتبط مباشرة بالتعليم أو شراء الكتب والمراجع أو حتى رسوم النقل.. هذا الأمر أثار استياء العديد من الأهالي الذين يرون أن هذه المصاريف الباهظة تشكل عبئًا عليهم.
وفي هذا السياق، وقفت "الأنباط" على آراء عدد من أولياء الأمور حول تأثير هذه الأنشطة الترفيهية على نفسية الطلاب ومدى فائدتها التعليمية. إذ تساءل البعض منهم عن مدى إسهام هذه الأنشطة حقًا في تحسين التحصيل الدراسي للطلاب، أم أنها تمثل عبئًا ماليًا إضافيًا دون جدوى حقيقية؟

أحد أولياء الأمور قال حول النشاطات الترفيهية في بعض المدارس الخاصة: "أنا أشجع هذه الأنشطة لأنها تُسهم في ترفيه الطالب، ما ينعكس إيجابيًا على نفسيته ويخفف من الضغوط الدراسية المتراكمة. كما تساهم في إخراجه من أجواء الواجبات المدرسية المتعبة."
وأضاف لـ "الأنباط": "لكن عندما تتجاوز هذه الأنشطة الحد الطبيعي، فإنها تشكل عبئًا ماليًا إضافيًا على أغلبية أولياء الأمور، خاصة في ظل ارتفاع الأقساط المدرسية. إضافة إلى أن الوقت المخصص لهذه الأنشطة يضيع على حساب الدراسة، مع انشغال الطلاب بالتجهيز والتنسيق للرحلات بدلاً من التركيز على تحصيلهم الأكاديمي."
من جانبه، يرى المرشد النفسي محمد الدهون أن زيادة الأنشطة الترفيهية عن الحد الطبيعي قد تأتي بنتائج عكسية على الطلاب، موضحًا أنها قد تؤدي إلى ضغط على الطلاب من حيث الوقت، إذ يحتاجون إلى التوازن بين الدراسة والنشاطات الترفيهية. وأشار إلى أن بعض الطلبة قد يشعرون بالإقصاء إذا لم يكونوا مهتمين بهذه الأنشطة، وهو ما يؤثر سلبًا على شعورهم بالانتماء.
وتابع بالقول: "الأنشطة الترفيهية مفيدة بلا شك، ولكن عندما تتجاوز الحد المناسب، تصبح مشتتة للطلاب وقد تؤثر على تحصيلهم الأكاديمي."
بدوره، عبّر الناطق الإعلامي السابق باسم نقابة المعلمين، نور الدين نديم، عن قلقه من التوجه المتزايد لدى بعض المدارس الخاصة نحو ما أسماه "التعليم التجاري". وشرح أن التعليم يجب أن يكون استثمارًا في الإنسان وتنميةً لقدراته، وليس مجرد وسيلة لتحقيق الأرباح.

وأضاف لـ"الأنباط": "بعض المدارس الخاصة فقدت بوصلتها، وتحولت إلى مؤسسات تجارية تركز على الفعاليات الترفيهية والأنشطة الربحية بدلاً من التعليم الجاد"، مشيرًا إلى أن هذه المدارس تروج لفكرة أن المدارس الحكومية لم تعد صالحة للتعليم، وأنها تعاني من اكتظاظ ونقص في الكوادر، وهو ما يدفع الأهالي للجوء إلى المدارس الخاصة. واعتبر هذا الأمر غير مبرر، وأن التوجه نحو الأنشطة الترفيهية الزائدة يهدف إلى استنزاف جيوب أولياء الأمور دون تقديم تعليم ذي جودة.
وأضاف نديم أن التعليم في بعض هذه المدارس أصبح يعتمد على تقليل النفقات التشغيلية بهدف تحقيق أكبر قدر من الأرباح. حيث يتم توظيف معلمين ومعلمات برواتب منخفضة جدًا، مع تقليل الخدمات التعليمية الحقيقية. وبدلاً من ذلك، يتم التركيز على تنظيم الحفلات والرحلات والمهرجانات بهدف جني المزيد من المال. مشيرًا إلى أن هذا الوضع خلق ما يسمى "التعليم الطبقي"، حيث أصبح أبناء الأثرياء يتلقون تعليمهم في مدارس خاصة تتمتع ببيئة تعليمية متميزة، بينما لا يتمكن أبناء الطبقة المتوسطة من الوصول إلى مثل هذه المدارس.