كارمن هيغوسا التي صنعت البيانتكس .

إبراهيم ابو حويله ...

ما كنت اتخيل يوما ان خيوط العنكبوت يمكن ان تكون جوارب، وان خيوط اللوتس تضاهي بل تفوق خيوط الحرير في الجودة والراحة والنعومة، وان تفل القهوة الذي نلقي به في سلال القمامة يمكن ان يكون ثروة ويصنع منه اقمشة بمواصفات مختلفة من غيارات داخلية عالية الجودة قادرة على امتصاص الروائح الكرهية الى قمصان وملابس نسائية عالية قادرة على امتصاص روائح الجسد مهما كانت، بل حتى الحليب الذي تنتهي صلاحيته او غير صالح للإستخدام البشري يمكن ان يصبح خيطا ابيضا تصنع منه ملابس مختلفة، ولكن ما تفوق عليهم جميعا هي تلك الفرنسية التي تجاوزت العقد الخامس وقامت بإجراء تجارب لصناعة جلود صناعية تسمى البيانتكس من الياف الأناناس الطبيعية وبنفس المواصفات التي يتمتع بها الجلد تقريبا وهي كارمن هيغوسا وهذه المعلومات بثتها الشرق الوثائقية عن صناعات المستقبل.

الفرق في الإنسان كلا وفاعلا، الفرق في الإنسان مساهما في صناعة الحضارة وتحسين الواقع وصناعة مستقبل افضل، الفرق في الإنسان منخرطا في بناء أمة او سببا في هدمها وزوالها، عندما احتل الصليبيون بلادنا لم يكونوا احسن عدّة ولا عتادا ولا عددا، ولكن اصابنا الوهن وحرصنا على الدنيا وعدم قدرتنا على الفعل والانفعال والعمل والمبادرة ورد الفعل جعل من فئة قليلة تتحكم بنا وما عدنا قادرين على تحرير انفسنا، حتى من قام بالتحرير هم الأكراد والمماليك للأسف.

نعود للإستثمار ما أدين به هو أنه هناك دائما فرص كثيرة للإستثمار ولكن هل هناك إرادة من الجميع وخاصة ممن يملك القرار، خذ مثالا تم إستيراد رمال بناء في قطر بحوالي ستة مليارات من الدولارات لأن رمال الصحراء لا تصلح للبناء، وإثنين من الألمان صنعوا طوب من رمال الصحراء والبلاستيك، طوب بولماري ولا يحتاج إلى ماء ويدوم ويتحمل بشكل أفضل، ويصنع بدقائق وبإستثمار بسيط مقارنة مع ما تم إنفاقه من مليارات على إستيراد مواد البناء .

الفرص الناجحة هي تلك التي تستخدم الموارد المتاحة في بيئتك وتخرج بحلول للمشاكل القائمة عندك، معهد مساشوسيتس للتكنولوجيا يبحث منذ سنوات في إيجاد حلول للسكن وهذه الحلول مستدامة وتستخدم مساحة صغيرة، بعدد من الأمتار لخلق مساحة مناسبة لكل نشاط مطلوب، و بأثاث عصري وتكون غرفة نوم مناسبة وتتحول إلى معيشة ومكان للعلب أو العمل، وتؤدي إلى إستخدام كافة المساحات في الشقة بشكل فعال ويوفر المال،في المقابل كانت بيتوتنا سابقا تناسب حاجاتنا وكان فيها مساحة داخلية تؤمن التواصل وتحفظ الخصوصية وتعطي مساحة لزراعة بعض الأشياء التي يحتاجها المنزل وتعطي جوا انسانيا واجتماعيا جميلا ونحن اليوم نعيش في مكعبات اسمنتية بلا روح.

نحن مقبلين على مشكلة كبيرة، هي عزوف الشباب عن الزواج بسبب التكاليف والسكن المرتفع القيمة والذي لا يؤدي الدور المطلوب، ومع ذلك ما زلنا مصرين على إستيراد الحلول غير المناسبة، والإستمرار بنفس الطرائق التقليدية والقديمة لحل هذه المشاكل المستحدثة، المناطق السكنية في المدن المكتظة تعاني من ضيق المساحات وضيق أماكن الإجتماع واللعب وعدم توفر أماكن الترفيه والتدريب والمسؤولية الإجتماعية، ولدينا آلاف الأمتار مغلقة من مدارس إلى جامعات إلى اراضي حكومية وغيرها.

هناك توجه عالمي لخلق أفكار لحلول المدن العصرية، ولكن ضمن الإمكانيات المتاحة في المدينة، وخلق أماكن متعددة الإستخدام ومتعددة الإدارة وبفاعلية كبيرة، وخلق الفاعلية والتعددية في إدارة الأصول المتاحة لخلق فرص واستثمارات وحلول لهذه المشاكل التي تملأ علينا حياتنا ومع ذلك ما زلنا ننتظر حلولا من الخارج من شخص قد يكون بربع ذكاء وقدرة الإنسان في هذه المنطقة ولكنه فاعل ونحن نريد كل شيء جاهز.

نحن نعتمد على من نزعم بأنهم اعداؤنا في دوائنا وغذائنا وملابسنا واسلحتنا وصناعتنا ومركباتنا وهواتفنا وتطبيقاتها، ونريد أن ننتصر عليهم!!!