الذكاء الاصطناعي في الموارد البشرية وتأثيراته المستقبلية على سوق العمل في الأردن
الحوراني: يجب تعزيز قدرات الموظفين بدلاً من القضاء على أدوارهم واستبدالهم بالذكاء الإصطناعي
الأنباط – رزان السيد
أظهرت دراسة حديثة أجرتها شركة Eightfold AI شملت أكثر من 250 مديرًا للموارد البشرية أن 92% منهم يعتزمون زيادة استخدام الذكاء الصناعي في مجال واحد على الأقل من أعمالهم.
وبينت الدراسة أن أهم 5 مجالات تستخدم فيها أقسام الموارد البشرية حاليًا تقنية الذكاء الإصطناعي، مجال إدارة سجلات الموظفين، والذي يُستخدم فيه الذكاء الصناعي بنسبة تبلغ 78%.، ومجال معالجة كشوف الرواتب بنسبة تبلغ 77%.، ومجال التوظيف والتعيين بنسبة تبلغ 73%. ، ومجال إدارة الأداء بنسبة تبلغ 72%.
، أما في مجال تأهيل وتدريب الموظفين الجدد يُستخدم فيه الذكاء الصناعي بنسبة تبلغ 69%.
ومن خلال هذه النسب، نستطيع الإستنتاج أن الذكاء الإصطناعي بدأ بالإستحواذ على بعض القطاعات، مما سيكون له أثرا كبيرا على العاملين، وبالتالي سيزيد نسبة البطالة، مما يجب إيجاد حلول لعدم استبدال العنصر البشري بالذكاء الإصطناعي.
وفي سياق الحديث، أكد خبير الذكاء الإصطناعي والتحول الرقمي، حسام الحوراني، أن الذكاء الاصطناعي له تأثيرا كبيرا على مختلف القطاعات في الأردن، مثل التصنيع، الخدمات المالية، التسويق، الرعاية الصحية، وحتى التعليم، مشيرا الى أنه سيعمل على تحسين الكفاءة والإنتاجية، وتقليل الأخطاء البشرية، وتحليل البيانات بشكل أسرع وأكثر دقة وسيعمل على ايجاد حلول للمشكلات المعقدة في جميع القطاعات.
وتابع، أنه وبالنسبة للعاملين، فإن الذكاء الاصطناعي سيُقلل من الاعتماد على العمل اليدوي أو الروتيني، حيث ستصبح المهام التي تتطلب وقتًا وجهدًا أقل بفضل الأتمتة، على سبيل المثال، يمكن استبدال الأنشطة الروتينية مثل إدخال البيانات، أو خدمات العملاء المتكررة، بأنظمة ذكاء اصطناعيقادرة على أداء هذه المهام بسرعة وفعالية.
ومن جانب آخر، اشار الحوراني الى أثر استبدال العاملين بالذكاء الاصطناعي على معدلات البطالة، وقال أنه من المتوقع أن تؤدي الأتمتة إلى تقليل بعض أنواع الوظائف، خاصةً تلك التي تعتمد على المهام الروتينية، مما يؤدي إلى زيادة نسبة البطالة إذا لم يتم تحضير العاملين للتحولات التي يفرضها الذكاء الاصطناعي، ولا يعني هذا أن جميع الوظائف سيتم استبدالها فورا، فهناك مجالات جديدة ستنشأ تتطلب مهارات متقدمة في الذكاء الاصطناعي، وتحليل البيانات، وإدارة الأنظمة الذكية.
وأكد أن الحاجة للبشر ستبقى موجودة في أدوار تتطلب التفكير الإبداعي، حل المشكلات، واتخاذ القرارات، اتوقع أن تؤدي التكنولوجيا إلى تغير في طبيعة الوظائف، وليس بالضرورة اختفائها تماما في المراحل الاولى من التنفيذ، فبدلاً من استبدال العاملين، قد يتعاون العاملون مع الذكاء الاصطناعي لأداء مهامهم بشكل أكثر كفاءة.
وبين أن هناك عدة حلول يمكن تنفيذها لتقليل الأثر السلبي للأتمتة على العمالة،
كالتدريب وإعادة التأهيل، إذ يجب على الشركات والحكومات الاستثمار في تدريب العاملين الحاليين على المهارات التي يحتاجها الاقتصاد الجديد، والتعليم المستمر وإعادة التأهيل يمكن أن يُعد العمال للانتقال إلى أدوار تتطلب مهارات متقدمة في إدارة الأنظمة الذكية وتحليل البيانات، وأضاف أن التكامل بين البشر والآلات بدلا من استبدالهم، يمكن للأنظمة الذكية أن تعمل كمساعدين لتعزيز قدرات الموظفين بدلاً من القضاء على أدوارهم، خاصة في المرحلة الاولى من استخدام الذكاء الاصطناعي.
كما أنه يجب تشجيع الشركات على الابتكار وتطوير منتجات وخدمات جديدة تعتمد على الذكاء الاصطناعي، مما يخلق فرص عمل جديدة، ودعم رواد الأعمال الذين يعملون على تطوير حلول مبتكرة تعتمد على الذكاء الاصطناعي، وأضاف أن التركيز على المهارات الإنسانية، إذ لا يمكن للذكاء الاصطناعي استبدال المهارات التي تتعلق بالتفاعل البشري، الإبداع، والحس الأخلاقي، وبالتالي، يمكن التركيز على تطوير هذه المهارات في العاملين حتى يبقوا في أدوار تتطلب اتخاذ قرارات استراتيجية أو تقديم تجارب عملاء ممتازة.
وأضاف أيضا، أنه من ضمن الحلول، يجب على الحكومات وضع سياسات تشجع على تبني التكنولوجيا وتدعم التحول الرقمي، مع توفير شبكات أمان اجتماعي للموظفين المتأثرين بالتغيرات، كما أنه يجب تبني سياسة عمل مرنة، حيث يمكن للشركات تطوير نماذج عمل مرنة تسمح للموظفين بالاستفادة من التكنولوجيا مع الحفاظ على أدوارهم، مثل العمل بنظام "الهجين" بين التكنولوجيا والمهام البشرية.
وإختتم الحوراني حديثه، بأن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون أداة لتطوير الاقتصاد وخلق فرص عمل جديدة إذا تم استخدامه بشكل مدروس يتماشى مع تطوير المهارات البشرية، وأن الذكاء الاصطناعي يمثل فرصة كبيرة للأردن لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ولكن يجب التعامل مع هذا التحول بحكمة وتخطيط، من خلال الاستثمار في التعليم والتدريب، وتشجيع الابتكار، وتطوير السياسات المناسبة، يمكن للأردن الاستفادة من إمكانات الذكاء الاصطناعي والحفاظ على فرص العمل للمواطنين.