العميد القزح: الدفاع الشرعي عن لبنان يجب أن يكون من خلال الجيش اللبناني وحده.. وإسرائيل قد تتكبد خسائر فادحة في أي تقدم بري نحو جنوب لبنان



الأنباط – الاف تيسير

 في حديث صحفي، صرح العميد المتقاعد سعيد القزح أن التكهن بمدى العملية العسكرية التي ينفذها جيش الاحتلال الإسرائيلي في جنوب لبنان صعب للغاية، مؤكدًا أن "الإسرائيليين" دائمًا يعلنون أهدافًا معينة في بداية العمليات، إلا أنهم يقومون بتطوير الهجوم من خلال التقدم البري، وقد يصلون إلى أهداف أخرى لم تكن ضمن الخطط الأولية. وأوضح القزح، في مقابلة خاصة مع "الأنباط"، أن الذي يحدد عمق المنطقة التي يتقدم إليها الجيش الإسرائيلي هو قوة المقاومة والدفاع الذي سيواجهه الجيش الإسرائيلي على الأرض. وأضاف أن المقاومة اللبنانية، خاصة العناصر التابعة لحزب الله، تؤدي دورًا محوريًا في هذا الصراع، مشيرًا إلى أن القوة والشراسة التي ستواجهها "إسرائيل" هي التي ستحدد مدى تقدمها داخل الأراضي اللبنانية. كما أشار إلى أن إسرائيل حددت أهدافها الأولية بخط يمتد من كفرشوبا إلى الناقورة، وهي مناطق تشرف على المستعمرات الإسرائيلية، موضحًا أن الهدف من العملية هو إبعاد أي خطر قد يهدد هذه المستعمرات، بما في ذلك الهجمات المباشرة التي يمكن أن تنطلق من هذه المناطق. وأضاف أن لدى حزب الله قوتين رئيسيتين هما: القوة الصاروخية والقوة البشرية، مبينًا أن "القوى البشرية الهجومية التي كانت متوقعة لتنفيذ عمليات خاصة وخلف خطوط العدو قد تلقت ضربة كبيرة، وخاصة قوات الرضوان التي تحتاج الآن إلى وقت لإعادة تنظيم صفوفها". وتابع أن القوى الدفاعية لحزب الله ما تزال منتشرة في الجنوب، وأن ما تقوم به القوات الإسرائيلية من قصف وتدمير مستمر منذ عدة أيام وحتى الآن يهدف إلى تدمير قدرات حزب الله الدفاعية. واستطرد القزح قائلاً: "إن إسرائيل تسعى إلى تدمير مراكز إطلاق الصواريخ المضادة للدروع، ومخازن الأسلحة، والذخيرة، والمياه، والمحروقات التي قام حزب الله بتوزيعها في مناطق مختلفة من الجنوب". موضحًا أن حزب الله يعتمد على الدفاع اللامركزي في المنطقة، إذ يمكن لكل مجموعة في منطقة معينة أن تقوم بالدفاع والاشتباك مع القوات المتقدمة دون الحاجة إلى العودة إلى القيادة المركزية، ولديها ما يكفي من المؤن والذخيرة لاستمرار الدفاع. وفي معرض حديثه عن قدرة "إسرائيل" على تدمير معظم مخازن حزب الله، قال القزح: "علينا الانتظار لنرى ما سيحدث على الأرض". مؤكدًا أن الميدان هو الذي سيحدد إن كانت قوات حزب الله قادرة على إبطاء وتأخير تقدم القوات الإسرائيلية أم لا، وما إذا كانت هناك مفاجآت قد حضرتها إسرائيل. وأكد أن حزب الله استعد لهذه المواجهة منذ حرب عام 2006، مشيرًا إلى أن الحزب قام بتجهيز الدفاعات في جنوب الليطاني من خلال إقامة الملاجئ العسكرية، ومراكز التموين، ومخازن الأسلحة، إضافة إلى مد شبكة اتصالات عسكرية بين مواقعه. كما أشار إلى أن الحزب يمتلك قدرات كبيرة في الصواريخ المضادة للدروع مثل صواريخ "الماس" و"كورنيت"، لكن من غير الواضح إذا ما كان الجيش الإسرائيلي قد نجح في تدمير جزء كبير منها خلال القصف التمهيدي. وفيما يتعلق بتوقعاته حول مدى التوغل الإسرائيلي، قال: "أعتقد أن التوغل الإسرائيلي لن يصل إلى نهر الليطاني، بل سيصل إلى القرى والتلال التي تشرف على المستعمرات الإسرائيلية". مرجحًا أن إسرائيل تريد إبعاد خطر الأسلحة المضادة للدروع والهجمات المباشرة التي قد تُطلق من هذه المناطق. وعلى الرغم من القوة العسكرية التي تمتلكها إسرائيل، أكد القزح أن أي تقدم بري إسرائيلي سيواجه بدفاع عنيف من حزب الله، مشيرًا إلى أن إسرائيل قد تتكبد خسائر فادحة نتيجة لهذا التقدم. وقال: "إسرائيل تسعى لإبعاد حزب الله إلى ما وراء الليطاني، لكنها ستدفع أثمانًا باهظة مقابل ذلك". وفي ختام حديثه، وجه العميد المتقاعد رسالة إلى حزب الله، داعيًا إياه إلى "الانخراط في مشروع الدولة اللبنانية والالتزام بالدستور اللبناني والقرارات الدولية مثل القرارات 1701 و1559 و1680". موضحًا أن "السلاح الطائفي لن يحمي لبنان، وتجربة المقاومة الفلسطينية في الماضي لم تمنع إسرائيل من التوغل في لبنان، كما أن حزب الله لم يستطع حماية لبنان في عام 2006، والدفاع الشرعي عن البلاد يجب أن يكون من خلال الجيش اللبناني وحده". وأشار إلى أن لبنان مر بتجارب متعددة مع الميليشيات، بدءًا من تجربة المقاومة الفلسطينية في منطقة العرقوب وصولاً إلى الوجود السوري في لبنان، ولكن لم تتمكن أي من هذه القوى من منع إسرائيل من التوغل في لبنان. وأضاف: "ما يحمي لبنان هو الشرعية اللبنانية المتمثلة في الجيش اللبناني والقوى الأمنية اللبنانية، فالجيش اللبناني هو الوحيد الذي يتمتع بالشرعية المحلية والدولية والقانونية". وفيما يتعلق بالتطورات الإقليمية، قال: "إن التصعيد بين إسرائيل وإيران قد يصل إلى مستويات غير مسبوقة"، مشيرًا إلى أن "إسرائيل قد تستهدف البنية التحتية الإيرانية بما في ذلك منصات الغاز والمرافئ والمرافق النووية". وأكد أن إيران تواجه الآن تحديًا كبيرًا للحفاظ على مكانتها الإقليمية، وأن أي رد إيراني قد يؤدي إلى تصعيد شامل في المنطقة، مما قد يفتح "أبواب الجحيم" كما وصفه القزح. وختم القزح حديثه بالقول: "نحن في مرحلة حساسة للغاية، ويجب أن نتذكر دائمًا أن الحل الوحيد لأزمات لبنان هو في التمسك بالشرعية الوطنية والدولة اللبنانية، وإلا فإننا سنبقى ندفع ثمن الأخطاء التي ارتكبتها القوى المسلحة خارج إطار الدولة".