بين الشريعة والقانون.. جدل حول زواج البكر والثيب

الأنباط – جاد جادالله
تشهد المجتمعات العربية والإسلامية جدلاً مستمراً حول قضايا الأحوال الشخصية، وخاصة فيما يتعلق بحقوق المرأة في الزواج، في الأردن، تتناول القوانين الشرعية مسألة ولاية المرأة في الزواج، حيث يُشترط حضور ولي الأمر لتزويج الفتاة البكر، بغض النظر عن سنها أو نضجها، وهذا الشرط يثير جدلاً واسعاً، خاصة في ظل وجود حالات يتعسف فيها أولياء الأمور في استخدام حق الولاية، ما يؤدي إلى حرمان بعض الفتيات من حقهن في الزواج.
على الجانب الآخر، يمنح القانون المرأة التي سبق لها الزواج (الثيب) حق تزويج نفسها دون الحاجة إلى ولي أمر، حتى وإن كانت في سن صغيرة، وهذا التفريق القانوني بين البكر والثيب يفتح باب النقاش حول مدى مواكبة هذه الأحكام لتغيرات العصر والظروف الاجتماعية، وسط مطالبات بتعديل القوانين لتتناسب مع واقع المرأة في المجتمعات الحديثة.
هذه القضية اثارت جدلاً واسعاً خاصة في ظل رفض بعض الأسر لتزويج بناتهم البكر بحجة الحاجة إلى رعاية أحد أفراد الأسرة، ما يشكل عائقاً أمام رغبة الفتاة في الزواج.
"شيرين" اسم مستعار لامرأة تبلغ من العمر 35 عاماً، تروي أنها واجهت رفضاً كاملاً من أشقائها وشقيقاتها المتزوجين بعد أن وجدت شريكاً لحياتها، وكان السبب الذي قدمته اسرتها هو عدم وجود من يرعى والدتها في المنزل، إذ أن شيرين لا تستطيع الزواج دون وجود ولي أمر، والذي في حالتها هو أحد أشقائها.
وأكدت شيرين أن المشكلة تكمن في القانون الشرعي الذي لا يسمح للبكر بالزواج دون موافقة ولي الأمر، حتى لو كانت بالغة وراشدة.
على النقيض من ذلك، الفتاة التي تزوجت وطلقت، حتى وإن كانت في سن صغيرة كالثامنة عشرة، يمكنها تزويج نفسها دون الحاجة إلى ولي.
أما "رهف" اسم مستعار لامرأة في الأربعينات، تؤكد أنها واجهت نفس العقبات عندما قررت الزواج، إذ رفض شقيقها العاطل عن العمل تزويجها بحجة أنها تتحمل مسؤولية إعالة الأسرة ودفع إيجار المنزل.
هذا الواقع يعكس الضغط الكبير الذي تعاني منه النساء اللواتي يعملن ويتحملن أعباء الحياة اليومية دون دعم من أفراد الأسرة.
من جهته، يوضح الخبير القانوني الشرعي المحامي رفعت معمر أن القانون الشرعي لا يسمح للمرأة البكر بأن تزوج نفسها بنفسها، إلا في حالة تقديم دعوى "عضل ولي" أمام القاضي الشرعي إذا كان الزوج المتقدم مناسباً وولي الأمر يرفض تزويجها.
وأكد أن الأنثى لا تستطيع اللجوء إلى أحد أقربائها، مثل العم أو الخال، إذا كان الوكيل الأول موجوداً، كالأب أو الجد، وحتى الأخ إذا كان الأب متوفياً.
وفي سياق آخر، أشارت المحامية تغريد الدغمي إلى أن قانون الأحوال الشخصية الأردني يمنح الفتاة البكر حق اللجوء إلى القاضي الشرعي في حال تعسف ولي أمرها في زواجها، مشيرة الى أنه وفي هذه الحالة، يقوم القاضي بالتحقق من أسباب الرفض، وإذا تبين أنها غير مبررة، يقوم القاضي بتزويجها بنفسه، فيما يعرف قانوناً بـ"عضل الولي".
وأوضحت الدغمي أن القانون يفرق بوضوح بين الفتاة البكر والتي سبق لها الزواج، حيث يمكن للثيب تزويج نفسها دون الحاجة إلى ولي أمر، حتى وإن كانت في سن صغيرة كالـ18.
الجدير ذكره، أن هذه الظاهرة تستدعي الاهتمام والتفكير الجدي، تتعلق بزواج الثيب، وهو مصطلح في الشريعة الإسلامية يشير إلى زواج الأنثى التي سبق لها الزواج، والذي لا يحتاج إلى نفس الشروط المعقدة التي يتطلبها زواج البكر.