الفن الأردني.. تحديات وآمال وتراجع مستوى الابداع والإنتاج

عباسي: دعم الملكة رانيا ساعدني بالشفاء

عباسي: إغلاق المركز العربي من اسباب تراجع الانتاج الأردني

دبابنة: اعتماد الفنان على عمله الفني فقط يدخله في سبات

الأنباط – رزان السيد

يعتبر الفن في الأردن وسيلة حيوية للتعبير عن الهوية والانتماء والقضايا الانسانية والاجتماعية، إذ يعكس التحديات والآمال التي يعيشها المجتمع، ورغم تنوع المشهد الفني، الا ان الدراما البدوية كانت من أبرز العوامل التي ساهمت في نجاح الفن الأردني على الساحة العربية.
واليوم تواجه الساحة الفنية في الأردن تحديات ملحوظة أدت إلى تراجع مستويات الإبداع والإنتاج الفني، بالرغم من التاريخ الغني والتراث الثقافي الذي يتمتع به الأردن، وهناك العديد من الأسباب كالضغوط الاقتصادية والاجتماعية، إضافة إلى نقص الدعم الحكومي والخاص، ما أثرت سلباً على الفنانين، هذا التراجع لا يؤثر فقط على الفنون التشكيلية والمسرح، بل ينسحب أيضاً على جميع أشكال التعبير الفني، ما يستدعي ضرورة إعادة التفكير في السياسات الثقافية وتعزيز الاستثمارات في القطاع الفني للحفاظ على الهوية الثقافية وتعزيز الإبداع.
في حديث خاص مع "الأنباط"، أعربت الفنانة الأردنية غادة عباسي عن شكرها للدعم الذي تلقته من جلالة الملكة رانيا العبدالله بعد تعرضها لحادث سير أليم أدى إلى بتر ساقها، وأكدت أن دعم الملكة كان له تأثير كبير على تعافيها النفسي، مشيدة بالتواصل المستمر من وزيرة الثقافة السابقة هيفاء النجار، ونقيب الفنانين، ونائب نقيب الفنانين، إضافة إلى زملائها في الوسط الفني.
وأضافت أنها لم تستغل ظرفها الصحي لطلب المساعدة، مشيرة إلى أن المحبة التي تتمتع بها تعود إلى عدم توجهها إلى الآخرين في أوقات الضعف، وذكرت: "لا أستطيع لوم أي جهة على التقصير، فالاستحقاقات فردية، وإذا تم بتر قدمي هذا لا يعني أن اتلقى دعما عظيما".
وعبّرت عباسي عن أسفها لظهور المخرج حسين دعيبس في مقابلة لم تكن بالمستوى المطلوب، معتبرة أنه لم يكن مؤهلاً نفسيا وصحيا للظهور الإعلامي، وأنه لا يمكن إنتهاك خصوصية الآخرين، مؤكدة أنها تشعر بالغيرة على شخص بحجم دعيبس فهو استطاع أن يثبت بصمته عربيا بأكبر الأعمال الفنية، فلا يمكن لأي شخص اليوم أن يظهره بشكل يقلل منه ومن نجاحاته التي سطرها على مدى أعوام طويلة.
الى ذلك، أكدت الفنانة الأردنية نجلاء عبدالله أن الدراما الأردنية كان لها سطوة كبيرة، وأن العديد من النجوم العرب انطلقت مسيرتهم الفنية من الأردن، إلا أن الوضع الحالي يعكس تراجعاً ملحوظاً في هذا القطاع، بسبب قلة الدعم المالي الحكومي وركود شركات الإنتاج.
وأشارت إلى أن التلفزيون الأردني ينتج حالياً مسلسل واحد سنوياً، وهو غير كافٍ لتلبية احتياجات الفنانين الأردنيين، كما توقفت شركة المركز العربي، التي كانت من أبرز شركات الإنتاج، ما أثر سلباً على الدراما الأردنية.
وعلى الرغم من استمرار شركة الحجاوي للإنتاج، تبقى تحديات كبيرة أمامها لتغطية العدد المتزايد من الفنانين، وأوضحت أن السبب الرئيسي وراء تراجع الدراما هو نقص الدعم المادي، يليه الدعم المعنوي، مشددة على ضرورة زيادة عدد شركات الإنتاج في الأردن.
كما استطاع العديد من الفنانين الأردنيين مثل إياد نصار ومنذر الرياحنة أن يرسموا طريقهم الفني خارج الأردن، مما يبرز قوة المدرسة الفنية الأردنية التي أنتجت فنانين ومدراء إضاءة ومهندسي صوت ناجحين في الوطن العربي.
ومن جانبها، تناولت الفنانة الأردنية أريج الدبابنة التحديات التي يواجهها القطاع الفني في الأردن، مشيرة إلى تأثير الظروف الاقتصادية والسياسية عليه، وأوضحت أن الفنانين يعتبرون رموزاً للبلد ورغم ذلك يعاني الكثير منهم من عدم الاستقرار بسبب قلة المؤسسات الخاصة التي توفر فرص عمل ذات أجور مناسبة.
وأشارت الدبابنة إلى أن بعض الفنانين يعتمدون على وظائف اخرى بجانب أعمالهم الفنية لتأمين مستقبلهم، مؤكدة أنه من المستحيل إعتماد الفنان على عمله الفني فقط، لأنه سيدخله في سبات على حد تعبيرها.
وأوضحت أن الفن يواجه حالياً ضغط الانفتاح العالمي، وصراع وسائل التواصل الإجتماعي، ما يتطلب تطويراً في أساليب الإخراج والتمثيل لمواكبة التطورات في العالم العربي، مشيرة الى أن الفن توقف عند مرحلة معينة، وهذا لا يعني عدم وجود القدرات والمواهب في الساحة الفنية الأردنية.
كما اقترحت حلولاً لمواجهة هذه التحديات، منها إدخال الفنانين في مؤسسة الضمان الاجتماعي وإنشاء مؤسسة تدريب وتطوير تركز على إنتاج مواضيع تلامس قضايا المواطنين، مشيرة الى أهمية التعاون مع الدول العربية من خلال اتفاقيات مشتركة لدعم الإنتاج الفني.
وأشارت الى أن المنتج في القطاع الخاص يكون جل دعمه وتسويقه محصور بشخص واحد، لذا هو لا يصنع النجوم، وان آخر الأسماء اللامعة كان الفنان الراحل ياسر المصري "رحمه الله".
وفي سياق الحديث، أعربت الفنانة اريج الدبابنة عن احترامها الكبير للمخرج حسين دعيبس، مشيرة إلى كفاءته وكرامته، ورغم تأكيده بأنه لا يحتاج إلى مساعدة ولا يعتب على أحد، تبقى معاناته بمثابة تجسيد لتحديات يواجهها فنانون آخرون في المجتمع.
وشبهت شعور الفنان عند توقفه عن اداء عمله الفني أنه كتوقف دقات القلب، والفنان إنسان مثل الجميع، يتعرض لحالات نفسية ومادية صعبة، مؤكدة أن الحياة تحت الأضواء تفرض ضغوطاً إضافية تجعل من الصعب على الفنان التعامل مع أي توقف في مسيرتهم.
وتابعت، أن الحاجة للأمان الوظيفي أحد المطالب الأساسية، حيث يتطلع الفنانون إلى نظام يضمن لهم استمرارية العمل ويعزز من شعورهم بالأمان، وأشارت إلى أن ضمان استمرارية العمل سيكون بمثابة ختام كريم لمسيرتهم الفنية، مما يساعدهم على مواجهة التحديات الحياتية، وهذا ما لم يحدث مع دعيبس.
وعلى خلفية مقابلة المخرج حسين دعيبس، أصدرت نقابة الصحفيين الأردنيين بياناً، أعربت فيه عن استنكارها للفيديو المتداول، معتبرة أن الوسيلة الإعلامية استغلت حالته الصحية والمرضية بطريقة تتنافى مع المعايير الأخلاقية والمهنية للإعلام.
وأكدت النقابة في بيانها أن ما قامت به هذه الوسيلة يشكل انتهاكاً صارخاً لخصوصية دعيبس، مشيرة إلى عدم احترام حرمة مرضه وحالته الصحية، مما يعد سلوكاً مستهجناً يتطلب المساءلة والعقاب.
وشدد المجلس على أنه سيتخذ الإجراءات القانونية اللازمة لمحاسبة المتورطين في هذه الممارسات المسيئة، مؤكداً عدم قبول أي تبريرات أو حسن نوايا في هذا السياق.
وأوضحت النقابة أنها تتابع بشكل مستمر المخالفات والتجاوزات الإعلامية، وتسعى لتنظيم المهنة وحمايتها من الدخلاء، الذين يسعون للشهرة وجمع المال على حساب كرامة الآخرين.
كما حذرت من تأثير هذه الممارسات على صورة الإعلام الوطني وأصالة مهنة الصحافةوفي ختام البيان، طالبت النقابة وسائل الإعلام والأفراد بحذف المادة المتعلقة بالمخرج حسين دعيبس فوراً، وإلا ستتخذ الإجراءات القانونية بحق المخالفين.