عزوف الشباب عن الزواج… ضغوط اقتصادية وتحولات اجتماعية

الخزاعي: الهجرة والحصول على الجنسية تدفع الشباب لعدم الإقبال على الزواج

المخامرة: رغبة الشباب والشابات لبناء مستقبل مهني تقلل من رغبتهم بالزواج

الدهون: التجارب العاطفية السابقة والمحيطة تؤثر على إقبال الشباب للزواج

الأنباط – اية شرف الدين

يشهد العالم في عصرنا الحالي تراجع كبير في نسب إقبال الشباب والشابات على الزواج نظرا لتراجع الوضع الاقتصادي وارتفاع نسب البطالة، إضافة لارتفاع تكاليف ومتطلبات الزواج والرغبة الشباب والشابات بالهجرة والعمل على مستقبلهم المهني.
وكان قاضي القضاة الشيخ عبد الحافظ الربطه أوضح في تصريحات صحفية سابقة، إنّ هناك انخفاضًا في حالات الزواج في الأردن للسنة الثانية على التوالي بنسبة 7%، مبينا أن عقود الزواج بلغت العام الماضي 59772 عقدا، مقارنة بـ 63972 عام 2022، لافتا إلى انخفاض ملحوظ في حالات زواج الفئة العمرية (16 و18 عاماً) ما يعكس جهود الدائرة في تعزيز الاستقرار الأسري، حيث انخفضت عقود زواج هذه الفئة من 5824 حالة في عام 2022 إلى 5072 حالة في عام 2023، وبنسبة 8.5%.
في السياق، قال أستاذ علم الاجتماع الدكتور حسين الخزاعي، أن هناك أسباب عديدة لعدم إقبال الشباب والشابات على الزواج أبرزها ارتفاع معدلات البطالة بين المتعلمين ، إذ بلغت نسبة البطالة بين الإناث 76% بينما بلغت نسبة البطالة عند الشباب 45%، مضيفا أن ارتفاع تكاليف المعيشة وتدني الدخل من الأسباب الأخرى لتراجع إقبالهم على الزواج.
وتابع أن هناك أسباب أخرى تدفع الشباب لعدم الإقبال على الزواج وهي رغبتهم بالهجرة و الحصول على الجنسية لذا لا يصبح لديهم الرغبة بالارتباط والزواج ، مشيرا أن الشباب بالوقت الحالي تتوجه لاختيار فتاة موظفة للزواج بها.
اقتصاديا، قال الخبير الاقتصادي وجدي المخامرة، أن ارتفاع تكاليف الزواج من مهر وترتيبات العرس تمنع الشاب من الإقبال على الزواج، مبينا أن الشباب من يملك دخل قليل غير قادر على تلبية متطلبات العرس وتكاليفه الكبيرة، أضافة أن الفتاة تمتنع عن الزواج لتحقيق أهدافها وطموحاتها في بناء مستقبلها المهني ولوجود صفات معينة في الشريك الذي ترغب بالزواج به.
وتابع أن الشباب يلجأون للقروض من أجل إكمال مراسم الزواج لذا هذا يسبب مشاكل لدى الشريكين بعد الزواج لذا يجب على الشباب والشابات إعادة النظر في العادات والتقاليد للتخفيف من متطلبات العرس ،لافتا إلى أن تأخر الشباب في الزواج يسبب مشكلات اجتماعية وارتفاع نسب العنوسة لدى الفتيات وذلك نتيجة الوضع الاقتصادي العام وارتفاع الأسعار وتدني الأجور .
بدوره، قال المرشد النفسي محمد عيد الدهون : أن أسباب عزوف الشباب عن الزواج أو تأخر التفكير فيها الوضع الاقتصادي الصعب الذي يُشعر الشباب بعدم الاستقرار الكافي لتحمل مسؤوليات الزواج وتكاليفه وغلاء المهور، مضيفا أن القيم والمعايير الاجتماعية تغيرت بحيث أصبح هناك زيادة في المهور وتعقيد إجراءات الزواج التي تؤثر على نظر الشباب للزواج.
وتابع أن الشباب أصبحوا مركزين على بناء حياتهم المهنية وتحقيق أهدافهم الشخصية قبل الارتباط بشريك حياتهم، يعتبر بعض الشباب تأجيل الزواج لأسباب شخصية أو اجتماعية امر طبيعي، مؤكدا أن هناك أسباب نفسية قد تؤثر على قرار الشباب بعدم الزواج أو تأجيله مثل شعور الشباب بالخوف من الالتزام العاطفي والمسؤوليات المترتبة في الزواج والحياة الأسرية.
وبين أن التجارب السلبية في التجارب العاطفية السابقة مثل الطلاق أو الانفصال العاطفي لاحد المعارف او احد افراد الاسره او فشل علاقة عاطفية قد يكون سبباً لعدم الرغبة في الارتباط، مشيرا أن انعدام الثقة الذي قد يكون قد حدث معهم خلال فشل في العلاقات العاطفية يجعلهم يتجنبون الزواج، غير ذلك أن هناك أسباب نفسية يركز عليه بعض الشباب الذين يسعون الى تحقيق ذواتهم واكتشاف أهدافهم وشخصياتهم قبل الخوض في العلاقات الزواجية .
وأشار الدهون إلى الحلول والاقتراحات المتبعة للتعامل مع عزوف الشباب عن الزواج منها من توفير فرص عمل للشباب لتأمين الأمور المادية الكافية لمساعدتهم على بناء أسرة وتحمل تكاليف الحياة ، مضيفا إلى ضرورة عمل دورات وندوات وتفعيل دور العبادة والمساجد والنوادي الشبابية في نشر الوعي المجتمعي من تخفيف المهور وتيسير سبل الزواج .
ودعا الدهون إلى ضرورة عمل دورات تثقيفية من خلال الإرشاد الأسري للمقبلين على الزواج ، وتحدث الشباب مع أشخاص موثوقين مثل الأصدقاء أو المستشارين النفسيين لفهم أسباب عزوفهم عن الزواج والعمل على حلها ، مبينا أنه في حالة وجود مشاكل نفسية تؤثر على القرارات الشخصية لدى الشباب يمكن اللجوء إلى الاستشارة النفسية من خلال مرشد نفسي أو معالج نفسي مختص ..
ولفت الدهون إلى أهمية الاشتراك في ندوات لتطوير الذات و المهارات الشخصية التي تساعد الشباب في تطوير التواصل الاجتماعي وإدارة العلاقات لزيادة الثقة بالنفس وتحسين العلاقات الشخصية، مؤكدا إلى ضرورة أن يكون للشباب أهداف وأولويات محددة تساعدهم في وضع أهداف واضحة نحو اتخاذ قرارات مستقبلية مدروسة .
وتابع الأمور النفسية الخاصة بالفرد فهناك اساليب مفيدة في تغيير نظرة الشباب للزواج منها التفكير الإيجابي الذي يعمل على تحسين نمط التفكير لدى الفرد والتركيز على الجوانب الإيجابية للعلاقات والزواج بدلاً من التركيز على السلبيات وأيضا تعزيز الثقة بالنفس: فبناء الثقة بالنفس وتعزيز الصورة الذاتية تساعد الفرد على التعبير عن احتياجاته ورغباته بشكل أفضل، مشيرا إلى تطوير المهارات الاجتماعية : إن تعلم مهارات التواصل وحل المشكلات لها الدور الكبير في بناء العلاقات ودوامها.