إبراهيم أبو حويله يكتب : المناهج ،، تخسى يا شوبان ...

المناهج ،، تخسى يا شوبان ...

ما ادركه وصفي ان الكلمة والأخلاق والعادات وحتى الذاكرة الجمعية للأمة تموت ، ولذلك هو كان يحمل مشروع أمة لم يكتفي بأن يكون رئيس وزراء ولم يكتفي حابس بأن يكون قائد للجيش ولم يكتفي حسني بأن يكون وزيرا وشاعرا ، بل لا بد من خلق تراث وقصة واشخاص تعيش في وعي الأمة وتصنع ابطالها ورموزها وماضيها واهدافها .

تخسى يا كوبان ما انت ولف إلي ..ولفي شاري الموت لابس عسكري ،، يزهى بثوب العز واقف معتلي ..وعيون صقر للقنص متحضري ،،هذا وليفي فارس ومتحلفي ..كل النشامى تقول صولة حيدري .

أبيات رائعة من ثلاثي مخيف بما تحمل الكلمة من معنى ، فهمْ على قدر من العلم والمعرفة والهم الوطني والأممي ، كتابها وصفي وحابس وحسني ، ولا احتاج مع الأعلام إلى تعريف فالعلم علم شاء من شاء وابى من أبى .

شوبان غير كوبان مع انهما يحتفظان بنفس العرق الأصفر والجنس الغربي الذي يسعى بكل قوة ليحرف الأمة عن مسارها ، كوبان يريد التزوج من عربية ليقنع العرب بأنه عربي وأنه منهم ويلبس ثوبهم ويتكلم لغتهم ، ولكنه لا ولن يكون منهم ، فقد وقف لورانس وعبدالله او جون فليبي وآن في قلب المنطقة العربية ، وفي عاصفة احداثها ، ولكن اتضح انهم صفر الوجوه والدم والإنتماء ، ودفعت الثورة العربية ثمنا بالغا بسبب هؤلاء وامثالهم .

وشوبان يظهر اليوم كرابط في مناهج الصف الثاني الإبتدائي ، شوبان ( وحسب كلمة المشرفة العامة في احد المدارس ، منهو هاض دخلك شوبان ) لست ضد الموسيقى واتبنى الرأي الذي يذهب إلى ان الموسيقى ترتبط بالمعنى والكلمات فإن كانت هادفة فهي حلال ، وهذا ما نراه في الغناء الهادف الذي يعزز القيم والأخلاق والحس الوطني والأممي وحتى الديني .
 
وادرك تماما ان المناهج تقع تحت اشراف دولي وهذا ما سعى إليه كسينجر وصرحت به هيلاري كلنتون في مذكراتها خيارات صعبة ، وقد كانت موفقة في اختيار الإسم ، الدول العربية والإسلامية مجبرة وفق اتفاقيات موقعة على تعديل المناهج وفق تصور معين يصوغ فهما معينا ليخلق جيلا معينا ، يتماشى مع الحضارة الغربية ولا يتصادم معها كما تريد وإلا فالويل والثبور ، ويلكم هنا عاش اليهودي وعاش المسيحي وعاشا معا بعد ذلك مع الإسلام ، وصدق ميخائيل نعيمة عندما قال لو كنّا في اي مكان اخر لانتهينا ،

ولكن لماذا نحن ، في الحقيقة الموضوع في الغرب ليس نحن فقط ، هذه الأمة وما يتبع لها ، مستهدف فكريا وفق اسس معينة تسعى لخلق تعايش يقبل الغرب كما هو ، وحتى اعود لنحن ، فيقع تحت هذا الإستهداف شعوب اسيا بكافة اعراقها وحتى روسيا وجمهورياتها المستقلة وغير المستقلة وحتى امريكا اللاتينية ، واقرأ ان شئت مذكرات كسينجر وهيلاري لتعلم بأن الهدف هو فرض هذه الرؤية على العالم ، وان الدول الأوروبية منسجمة معها تماما .

لنعلم تماما بأن صياغة العقل العربي المسلم تحديدا مطلب غربي ، ولكن كما اشرنا لسنا نحن وحدنا المستهدفون هنا ، مشكلة الغرب انه لا يريد ان يفهم ان صياغة العقل المسلم وفق الاسس التي يتقبلها الغرب ويعتبر انها عادلة بالنسبة له مستحيلة بالنسبة لنا ، هو يريد ان يقسم الكعكة في هذا الكون وفق هذا النظرية ، فهو صاحب الحق المطلق في تحديد الصواب والخطأ ، وهو عندما يشاء ان يعطي ارض فلسطين لشعب اخر فعلى الأمة الإسلامية ان تعتبر هذا عدل وحق ، وهو عندما يريد ان يعطي الحقوق للشواذ وغيرهم من المنحرفين يعتبر هذا حقا وعلى الباقي الإنصياع لهذه الرغبة ، وتعديل منهاهجم وافكارهم واخلاقهم وحتى دينهم ليتقبل هذه الفكرة .

ولكن مهلا لماذا لا يتم استهداف المناهج في الكيان والتي حسب اكثر من باحث شرقي وغربي تزخر بل تمتلىء بالعبارات والمعاني المعادية للأخر والعنصرية والتي تدعو بشكل فج إلى القتل والتعذيب والسرقة والحرق والإبادة الجماعية وحتى انها تخالف بشكل صريح حقوق الإنسان والحيوان ومواثيق جنيف وغيره ، وتتنافى مع كل القيم الإنسانية التي تدعو إليها المنظمات المزعوم انها دولية ، ولا أريد ان اجيب .

تخسى يا كوبان ويا شوبان وكل من لم يدرك معنى الرموز والقصة والأبطال في صياغة الوعي وصناعة المستقبل ، نحن لسنا ضد الغرب ولا ضد الموسيقى ولا ضد اشخاصها وشخوصها ، ولكننا مع كل فعل وانفعال يصنع وعي في ذاكرة الجيل ويساهم في صناعة انسان يعرف تاريخه وحضارته وامته ودينه وابطاله ، ويعرف حق الإنسان الأخر وحقه في الحرية والدين والحياة .

القصص والرموز والمناهج هي في الحقيقة الوعي الجمعي للأمة ، ومن هنا ذهب الدكتور المسيري بأننا جميعا نحمل وزر تعريض اطفالنا في مراحل مبكرة لهذه الصدمة الحضارية الثقافية ، وانه يجب صياغة قصص اطفال وبرامج اطفال ومسرحيات وافلام توافق فكرنا وثقافتنا ، وان المثقفين اليوم يقع عليهم وزر هذا الأمر ، وهو كان يرفض شخصيا مع انه عاش في امريكا أن يعرض اطفاله لتوم وجيري وغيره من برامج الأطفال لأنها تحتوي اشارت عنيفة وجنسية وغربية ولا تتوافق مع الإنسان الشرقي ، مع انه كان في تلك الفترة اشتراكي الفكر والنزعة ، يبدو ان ما حدث يضعنا جميعا تحت طائلة المساءلة الأخلاقية والدينية والثقافية والحضارية .

ويبدو واضحا تماما الفرق بيننا وبين وصفي وحابس وحسني ، نحن فقط نتكلم ولكننا لا ننفعل بطريقة تعدل الخطأ وتضع بصمتها الصواب في هذا الوعي الجمعي .

فهل فعلا تخسى يا كوبان ويا شوبان ،،

إبراهيم أبو حويله ..