الانتخابات البرلمانية...تراجع للمرأة بالمشاركة بممارسة حقها الدستوري

الأنباط - الاف تيسير/ داليا الزيود

تشير نتائج الانتخابات البرلمانية الأردنية لعام 2024 إلى تراجع ملحوظ في نسبة مشاركة المرأة، سواء كناخبة أو كمرشحة، مقارنة بالرجال، في حين أن تعزيز مشاركة المرأة في العملية السياسية يمثل هدفاً رئيسياً للتوجهات العالمية نحو تحقيق العدالة بين الجنسين، إلا أن هذا التراجع يثير تساؤلات عدة حول العوامل الاجتماعية والسياسية التي قد تكون وراء هذا الانخفاض.

الى ذلك، تعكس الانتخابات تفاوتاً واضحاً في نسب المشاركة في مختلف المحافظات، حيث سجلت المدن الكبرى مثل (عمان وإربد) نسباً منخفضة مقارنة بالمحافظات النائية والأطراف مثل (جرش وعجلون)، التي شهدت نسب مشاركة أعلى بالمشاركة، هذا التفاوت قد يرتبط بعوامل عدة منها دور العشائر في المناطق النائية، والتباينات في التفاعل مع العملية السياسية بين المناطق الحضرية والنائية.

ويلاحظ أيضا وفقا لـ النتائج المعلنة هذا العام أن هناك تراجعا ملحوظا في نسبة مشاركة المراة في التصويت بالعملية الانتخابية اذ بلغت نسبة المشاركة لعام 2024 29.18% للمراة مقارنة بالانتخابات السابقة 2020 اذ بلغت نسبة المشاركة 40%.

وهذا الفارق قد يكون نتيجة لعوامل اجتماعية وثقافية، حيث تعاني المراة في المحافظات النائية، رغم ارتفاع نسب المشاركة العامة هناك من التهميش السياسي.

بالاضافة الى الثقافة العشائرية التقليدية التي قد تحد من حرية المراة في اتخاذ قراراتها السياسية بشكل مستقل، إذ يتطلب النظام الاجتماعي تبعية معينة للعشيرة والولاءات العائلية، على سبيل المثال فرض بعض الازواج لزوجاتهن وبناتهن الادلاء باصواتهن لمرشح معين.

الى ذلك، الإحباط السياسي والشعور بعدم جدوى المشاركة يعتبران من الاسباب الاخرى التي قد تؤدي الى تراجع مشاركة المراة في المدن الكبرى، فيما تعكس هذه الظاهرة حالة من التراجع في الثقة بالعملية السياسية برمتها، إذ يرى العديد من النساء أن المشاركة في الانتخابات لن تؤدي إلى تحسين أوضاعهن أو تحقيق تطلعاتهن، خاصة مع استمرار القضايا المتعلقة بالمساواة في المجتمع.

بالمقابل وفي العديد من المحافظات النائية مثل جرش وعجلون، تكون البنية العشائرية هي العامل الحاسم في تحفيز الناس على المشاركة في الانتخابات، في وقت يعتمد فيه الناخبون في هذه المناطق بشكل كبير على الولاءات العشائرية والتصويت لصالح مرشحين يمثلون العشيرة أو العائلة الكبيرة، وهذا النظام التقليدي يعزز من النفوذ العشائري في البرلمان، ولكنه في الوقت نفسه يعيق النساء من المشاركة الفعالة في العملية السياسية بسبب القيود الاجتماعية المفروضة عليهن.

وفي بعض الدوائر في العاصمة عمان ، بلغت نسبة المشاركة للنساء حوالي 5.21% فقط، الامر الذي يشير الى تراجع الحماسة السياسية، ويعكس شعوراً بعدم القدرة على التأثير الفردي في نتائج الانتخابات في المدن الكبيرة، حيث يتفاعل المواطنون بشكل أكبر مع قضايا سياسية واجتماعية عبر وسائل أخرى مثل وسائل التواصل الاجتماعي بدلاً من المشاركة التقليدية في الانتخابات.

التحديات التي تواجه المرأة في المشاركة السياسية لا تقتصر على التهميش الاجتماعي في المناطق النائية، بل تشمل أيضاً نقص الدعم المؤسسي والتمثيل السياسي في المدن، رغم الجهود التي تبذلها الحكومة الأردنية والمجتمع المدني لزيادة تمثيل المرأة في الحياة السياسية، إلا أن هذه الجهود لا تزال تصطدم بعوائق اجتماعية وثقافية تعيق تحقيق المساواة الفعلية.

جملة العوامل هذه تساهم في تشكيل ملامح المشهد السياسي الحالي في الأردن، حيث تتواصل الهيمنة العشائرية في المناطق النائية، بينما تعاني المدن الكبرى من تراجع في المشاركة السياسية العامة، بما في ذلك مشاركة المرأة، وبناء على ذلك لا بد من إجراء إصلاحات سياسية واجتماعية تهدف إلى تعزيز دور المرأة في الحياة السياسية، سواء في المدن أو الريف، من خلال تشجيع المشاركة السياسية الفعالة وتقديم سياسات تدعم العدالة بين الجنسين.