قمع الاحتجاجات في "إسرائيل" تكشف الوجه المظلم لحكومة الاحتلال
ظهور أنياب الفاشية الديمقراطية من عباءة الديمقراطية الكاذبة
هل تقود حكومة نتنياهو الكيان نحو الهاوية؟
الأنباط – الاف تيسير
تعيش إسرائيل اليوم حالة من الاضطراب والاحتجاجات الشعبية العارمة ضد حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، والتي تُظهر علامات متزايدة على توجه نحو الدكتاتورية والتسلط. إذ يتساءل الكثيرون في الشارع الإسرائيلي: هل أصبحت حكومة نتنياهو حكومة تطرف واستبداد؟ هذا السؤال بات يطرح نفسه بقوة مع تصاعد حدة الأزمات الداخلية التي تواجهها البلاد، وتعامل الحكومة العنيف مع المواطنين الذين يحتجون ضد سياساتها.
الأزمة الأخيرة التي هزت إسرائيل جاءت بعد أن أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي العثور على جثث ستة محتجزين إسرائيليين لدى حركة حماس في غزة. هذا الإعلان أثار موجة غضب عارمة في صفوف المواطنين، الذين خرجوا بالآلاف إلى الشوارع مطالبين بإبرام صفقة تبادل لإعادة الأسرى المحتجزين في القطاع. لكن بدلاً من الاستجابة لهذه المطالب، واجهت الحكومة هذه الاحتجاجات بالقمع والعنف.
وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، وصف الإضراب العام الذي شل العديد من الخدمات في البلاد بأنه "إضراب سياسي" ليس له أي تأثير قانوني، محاولاً بذلك التقليل من شرعية هذه التحركات الشعبية. وفي الوقت نفسه، استخدمت الشرطة خراطيم المياه وقنابل الصوت لتفريق المتظاهرين في تل أبيب، مما أسفر عن إصابة عدد من المحتجين واعتقال 20 شخصاً على الأقل بتهمة إثارة الشغب.
الاحتجاجات لم تقتصر على تل أبيب وحدها، بل امتدت إلى عدة مدن إسرائيلية أخرى. ففي حيفا، قطع مئات المتظاهرين تقاطعاً رئيسياً مطالبين بالإفراج عن جميع الأسرى المختطفين. كما تعطلت خدمات النقل العام، وتوقفت بعض الأنشطة في مطار بن غوريون، مما أدى إلى شلل شبه كامل في الحياة اليومية بالبلاد.
هذه الأحداث تعكس مدى السخط الشعبي ضد حكومة نتنياهو، التي تواصل تجاهل مطالب المواطنين واتخاذ قرارات مصيرية بشكل فردي، دون العودة إلى المؤسسات الحكومية الأخرى. وعلى الرغم من النصوص القانونية التي تنص على ضرورة مشاركة الحكومة أو المجلس الوزاري المصغر في اتخاذ قرارات قد تؤدي إلى حرب أو أزمات كبرى، يبدو أن نتنياهو يفضل اتخاذ القرارات بمفرده، مما يعزز المخاوف من توجهه نحو الدكتاتورية.
ومع تزايد حدة التوترات الداخلية، بدأت بعض الأصوات المؤثرة في الاقتصاد الإسرائيلي، مثل اتحاد نقابات العمال (الهستدروت)، في اتخاذ مواقف صريحة ضد الحكومة، معبرة عن غضبها من استمرار نتنياهو في وضع العقبات أمام التوصل إلى حلول تفاوضية للأزمات.
في ظل هذه الظروف، تجد حكومة نتنياهو نفسها في مأزق حقيقي، حيث تواجه ضغوطاً متزايدة من الداخل، وسط تراجع شعبيتها وتزايد الشكوك حول قدرتها على إدارة البلاد بطريقة ديمقراطية تعكس إرادة الشعب. يبدو أن إسرائيل تدخل مرحلة جديدة من الأزمات الداخلية التي قد تؤدي في النهاية إلى تغيير جذري في المشهد السياسي الإسرائيلي.