سلامة يكتب: حواف القصة .. هنديتها ويهودية زوجها!

* هاريس… التوقع والمتاح

صاحبة اللون البرونزي التي تقترب كثيرا جدا من الجلوس على الكرسي (البابوي الامريكي)… ثمة ظلال خافتة تحكم توقعاتنا فيها كعرب. وتجعلنا في مشاعرنا لاننا لا نمتلك سواها في الذي يجري في واشنطن ان نخفض سقف التوقع، بعد تصريحها التأجيجي المتهور
حول (تهمة من قتل الاسرى) وكان الاحرى بها ان تناءى بنفسها عن هذه التخمينات غير المنتجة!!

والحق ان الموقف الامريكي فيما يخصنا متجاور حد التلامس فالفوارق بين المصيبتين (المرشح المطخوخ وكامالا هاريس) يقاس في قضايانا بالميليميترات ليس اكثر..

وتلك امور ليست شخصية او معرفية تتعلق في شخص (المرشحة الديموقراطية)

وددت في هذا المقال ان اكون مباشرا فاقول..

اولا: واهم من يظن فينا ان واحدا من دعاة الدور الريادي القيادي لامريكا بقادر ان يكون في المنتصف في الموضوع الفلسطيني اليهودي.. فكل دعاة الدولة وابنائها ومفكريها والملتحقين بها بصرف النظر عن فترة الالتحاق او نوع الملتحق (افريقي اوروبي هندي يهودي مسلم عربي) لا بد ان يكون منحازا بصورة معيبة للخلق الانساني في موضوعة اليهود بفلسطين، ذلك ان تماثلا في العقل الامريكي يؤدي الى التطابق في الفهم بين المشروعين الاستئصاليين الامريكي واليهودي، فالمشروع الاول ، هو المشروع الامبراطوري الوحيد في التاريخ الذي قام على نظرية (سحق الاخر حتى العظم) ولم يبق من الملايين من الهنود الحمر سوى بعض محميات (للفرجة) كما تخطط اليهودية الامريكية لمدينة القدس ان تكون شيء (للذكرى) ليس إلا

واحسب ان ندما يشوب العقل الامريكي وحسرة على هؤلاء اليهود المساكين!! الذين جانبهم الصواب حين لم يبيدوا كل الفلسطينيين عام النكبة الاولى…

هذه اول حقيقة في الذي يجري هناك


ثانيا: في قليل من التأمل الرزين فإن الامبريالية اليهودية في فلسطين تتحول الى صورة من الاجرام الكلي وتخلو من اي حياء يعتري سلوك الغاصب اللص عقب سرقته. حين يصير الحاكم في تل ابيب ابن الثقافة الامريكية او المتماهي معها، وهذا يبرهن حجم التاصيل والقدرة على اختراق العقل بادوات القهر الامريكية المعهودة ليصل المقتنع بالامريكان كحضارة الى فكرة (الاذعان برغبة) لمطالبهم في الذبح والقتل والفتك

نتنياهو هو ابن حواري نيويورك امريكي بالكامل.. انظروا الى ما ارتكبه في غزة!!

غولدامائير هاجرت من اوروبا الشرقية الى نيويورك واضحت امريكية الروح كانت اقبح يهودية في استعلائها وعدائها على من شهدت بنفسها اختلاس حياتهم وانتزاع ارزاقهم من افواههم.. وكل ذلك يأتي من القسوة الامريكية على العرب خاصة لان نشيد المارينز قد خلد المواجهة العربية الامريكية على شواطيء تونس والجزائر.

لذلك فان نتنياهو وصف صراعه مع العرب بالصراع مع (البرابرة) وهذا تعبير اختلسه نتنياهو من فهمه للعقل الامريكي تجاه العرب!!!


ثالثا: إن كل أمنياتي ان تفوز السيدة كاملا هاريس على المرشح (المطخوخ) لانها على الاقل في خلفيتها ما يشي ببعض تبجيل لذكره.. فبعض خلفيتها هندي والهند اول من فتح الباب واسعا في آسيا امام حق المرأة في إدارة الدولة لقد برهنت (انديرا غاندي) قدرتها كأمرأة على كسب كل معاركها، باستثناء خسارتها لروحها حين وقفت بعناد فروسي نبيل لتحارب ظاهرة (السيخ المتطرفة دينيا) وابت ان تذعن للاكراه الديني فقتلت واجلت بدمها سرقة الهند من المتطرفين عقودا من السنين…

فهل يشكل موروث انديرا غاندي روحا وثابة في شخص (كامالا هاريس).. إن التماثل يغري بالمقارنة فغاندي كانت اول امرأة تحكم تلك القارة الغامضة (الغارقة في البخور وعبادة البقر والديموقراطية والصحراء والتنافس النووي وشرب الشاي)، و(هاريس) اول إمرأة من اصل هندي يعيب عليها الابيض المستعلي او بصورة اكثر دقة يستكثر عليها (المرشح المطخوخ) قدرتها على الضحك، فهو يظن في لا شعوره انها خلقت للبكاء فقط!!

إن اللون حين يكون طبقة يرهق صاحبه لكن اللون حين يصير هوية وطنية فإنه يرفع من شأن صاحبه ويفضح خصمه.. وهاريس لونها بلون كل معذبي امريكا ومعذبي العالم كله وتستطيع بالالهام ان هي حققت بلوغ الكرسي الرئاسي البابوي في واشنطن ان تجعل من الحرية والمساواة والعدالة ميكانيزم حركتها ورافعة فلسفتها التي ستوصلها الى السماء..

ليس في امريكا ما يعيب اللون سوى المصابين بمرض التمييز والعنصرية وموجات الهجرة التي صنعت من امريكا حجة من حجج التجريب والتطور والتقدم يتساوى الناس فيها في الحقوق

إن من يستمع لخطاب المرشح المطخوخ حول إغلاق الحدود في وجه المكسيكان بهذه العنصرية البغيضة لا بد له ان يتذكر ان هذه القارة كانت ملكا لاجداد الذين يطالب مهاجر اليها (ترمب) اغلاق الابواب في وجه الاحفاد وهذا هو التمييز العنصري

رابعا: في المستوى القومي نحزن من الاشارات التي ترسلها (هاريس) حد القلق.. فهي سمحت لمعذبة يهودية ان تدلي بقولها في المؤتمر الديموقرطي من معذبي الاسر في محنة غزة وهذا حق وعدل ولقد ابت واغلقت الباب في وجه اطفال غزة الذين احرقت وجوههم وقطعت اياديهم وارجلهم من الادلاء برأيهم في ذات المؤتمر وذلك انحياز يحمل لا انسانية بغيضة ويجافي خلفية هاريس التي عانت من الاضهاد لاجيال سبقتها..

إن ذلك لا يمكن وصفه بصورة منصفة إلا انه نفاق سياسي مريب!! وذلك طعن غير محبب لها في ظهورنا، أما الثانية فذلك التسرع البغيض في إدانة حماس كقتلة للأسرى وتبنيها بالإدانة لرواية نتنياهو الكاذبة والتي لم يتمكن حتى تسويقها على الجمهور الاسرائيلي!!

لو ان حماس هي من قتلت الستة يا سيدتي لقتلت كل الاسرى بعد ان اقترفت قوات نتنياهو وبإلحاح منه مجزرة ضد الاطفال والنساء لا يدانيها إلا حقارة مجزرة الهولوكوست.. هولاء اليهود الذين ذبحوا على ايدي اوروبيين ولم يذبحهم اجدادنا بل ان وزيرا يهوديا كان في حكومة العهد الفيصلي الهاشمي في العراق ولقد دلل اليهود في مشروع الإقامة العربية في اوروبا (الاندلس) ايما دلال وتبجيل وكانت صناعة الحبر وصناعة الورق لهم او لبعضهم قبل ان يطردهم ويذبحهم الثنائي (فيرديناند وايزابيالا) بقانون المشورة البغيض

ان العدل والانصاف يملي على السيدة الجليلة (هاريس) ان تتأنى وتتمهل وان لحظة في التاريخ تنتظرها لو نجحت بأن تجد جسرا لتعبر عليه الروايتان المتناقضتان حد الخرافة حول فلسطين وان تنقذ اليهود في فلسطين من براثن سفلة القتلة من زعمائهم وان تتيح المجال للفلسطينيين ان يكون لهم مكانا تحت الشمس

ما زلت اتمنى ان تنجح السيدة كاملا هاريس مهما اخطأت بحقنا كأمة فإن جداتنا قلن وامهاتنا نقلن عنهن (بلى اهون من بلى والكرساح اخف من العمى)