دراسات تكشف العبء الاقتصادي لاضطرابات الصحة النفسية ب الاردن
وزير الصحة: تكلفة الاضطرابات النفسية تثقل كاهل الاقتصاد الأردني
سلمى تروي قصتها مع اضطراب القلق: الدعم الاسري كان مفتاح التعافي
البطوش: اضطراب القلق ليس شعورا عابرا بل حالة عقلية
الأنباط – كارمن أيمن
تزايدت في السنوات الأخيرة، حالات الإصابة باضطراب القلق بشكل ملحوظ نتيجة الأوضاع الراهنة التي يعيشها العالم على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي، الأمر الذي أدى إلى تأثيرات كبيرة على الصحة النفسية والعلاقات الاجتماعية للأفراد، ما عمل على تفعيل دور الأسرة والمجتمع في تسليط الضوء على هذا الاضطراب والتوعية بأبعاده وكيفية التعامل معه.
تروي سلمى، إحدى المصابات باضطراب القلق، قصتها التي بدأت منذ الطفولة، إذ كانت تعاني من خوف شديد وقلق مصحوب بأعراض جسدية مثل ضيق التنفس وآلام القلب، ما دفع عائلتها للبحث عن علاج في المستشفيات، بـ الرغم من أن الأطباء لم يتمكنوا في البداية من تحديد سبب المشكلة، إلا أن تشخيصها لاحقًا باضطراب القلق كان نقطة تحول في رحلتها العلاجية.
وتضيف في روايتها لـ"الأنباط"، إن وعي والديها كان له دور كبير في دعمها، من خلال تقديم الدعم المعنوي والمادي وأخذ الأمور بجدية، وبعد جلسات مكثفة مع الطبيب النفسي، تم تحديد السبب الجذري لمشكلتها المتمثل بـ صدمة نفسية تعرضت لها في صغرها، إضافة إلى وجود تاريخ عائلي مرتبط بالقلق.
ووفقًا لمنظمة الصحة العالمية، يُعتبر اضطراب القلق من أكثر الاضطرابات النفسية شيوعًا على مستوى العالم، إذ أصيب به حوالي 301 مليون شخص في عام 2019، مع تسجيل نسب إصابة أعلى بين النساء، بـ الإشارة الى أن أعراض هذا الاضطراب غالبا ما تبدأ في مرحلة الطفولة أو في سن المراهقة، ما يجعل التدخل المبكر ضرورة صحية.
محليا ؛ كشفت دراسة أجرتها وزارة الصحة بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية حول مبررات الاستثمار في الوقاية من حالات الصحة النفسية وإدارتها في الأردن، عن العبء الاقتصادي الذي تفرضه اضطرابات الصحة النفسية على الأردن، وركزت الدراسة بشكل أساس على 6 حالات نفسية تمثلت بـ الذهان، واضطراب ثنائي القطب، والاكتئاب، واضطرابات القلق، والصرع، واضطرابات تعاطي الكحول.
وأوصت الدراسة إلى تعزيز تنفيذ واعتماد الممارسات والقوانين القائمة في إطار السياسات الأردنية، وإنشاء وتعزيز الرصد والمراقبة لتقدير انتشار حالات الصحة النفسية، وتتبع نتائج المرضى وإدراك إجمالي الإنفاق على الصحة النفسية، والتخصيص المباشر لميزانيات الصحة النفسية لمراكز الرعاية الصحية الأولية، والاستثمار في تدخلات الصحة النفسية السريرية والسكانية القائمة على الأدلة والفعالة من حيث التكلفة، وزيادة الوعي حول حالات الصحة النفسية في المجتمعات للحد من الوصم والتأكد من أن الأفراد الذين يحتاجون إلى المساعدة يمكنهم الوصول إليها دون خوف أو تمييز.
بـ المقابل أشار وزير الصحة الدكتور فراس الهواري إلى الأعباء الاقتصادية للعلاج النفسي، مبينا أن تكلفة هذا النوع من الأمراض على الاقتصاد العالمي قدرت بنحو 2.5 تريليون دولار عام 2010 وفقا للمنتدى الاقتصادي العالمي، ومن المتوقع أن يزيد هذا المبلغ إلى 6 تريليونات دولار سنويا بحلول عام 2030، وتتحمل البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل ما نسبته 54 بالمئة من العبء الاقتصادي الناجم عن المرض.
وبين، أن تكلفة هذا المرض على الأردن وفقا لدراسة مبررات الاستثمار في الصحة النفسية، بلغت نحو (252 مليون دينار) عام 2023 وحده، ويشمل ذلك 53 مليون دينار في الإنفاق المباشر على الرعاية الصحية، ونحو 199 مليون دينار كنفقات غير مباشرة تتمثل بفاقد الإنتاجية بسبب الوفيات المبكرة والإعاقة وانخفاض الإنتاجية في مكان العمل.
وفي السياق، أكدت الاستشارية النفسية والأسرية والتربوية حنين البطوش أن اضطراب القلق ليس مجرد شعور عابر بالتوتر، بل هو حالة عقلية معقدة تتسبب في شعور مستمر بالخوف والقلق، حتى في غياب أي تهديد حقيقي.
وأوضحت، أن أسباب هذا الاضطراب غير واضحة تمامًا، لكنها قد ترتبط بعوامل وراثية وتجارب حياتية صادمة وضغوط بيئية، مشيرة الى أن أعراضه تشمل شعورًا مستمرًا بالتوتر، وصعوبة في التركيز، وإرهاقًا جسديًا ونفسيًا، وتجنب المواقف الاجتماعية، والأرق.
وتابعت، أنه وبـ الرغم من تعقيد هذه الأعراض، إن اضطراب القلق ليس حكمًا بالإعدام، بل هو حالة يمكن علاجها من خلال العلاج الدوائي والنفسي، وتغيير نمط الحياة، والدعم الأسري.
الى ذلك، شددت البطوش أهمية دور الأسرة في تقديم الدعم العاطفي والمعنوي للمصابين باضطراب القلق، مؤكدة على ضرورة تعاون الأفراد مع المعالجين لكسر الحواجز وفهم الحالة بشكل أعمق.
وقدمت مجموعة من النصح تمصلت لممارسة تقنيات الاسترخاء مثل التنفس العميق والتأمل، بالإضافة إلى ممارسة الرياضة بانتظام والنوم الكافي، وتجنب المواد المحفزة مثل الكافيين والكحول والنيكوتين قدر الإمكان.