ماذا يُقال عمّن يحرث خارج مَهمّته؟


الدكتور محمود المساد
في المثل الشعبيّ يقال: فُلان "مايل "يحرث خارج الثلم، والثلم بالعامية هو خط المحراث الذي تجرّه الدابة في أثناء حراثة الفلاح لأرضه.وبهذا يكون المايل رافضًا الخط المستقيم، ويترنح يمينا ويسارا بحسب الحَوَل الذي أصاب إحدى عينيه  أو كما يقال: تارك عشبه وعينه على عشب غيره. وفي كل الحالات لا تتحقق أهداف الفلاح فيما يزرع على هذا النمط من الحراثة بالشكل المطلوب، و عندما يخرج الزّرع، ويأتي موسم الحصاد يقول المارُّون من جانب الأرض: إن هذا الفلاح حاله مايِل، أو الدابة أفهم منه، أو كما يقول مثل آخر: " الثلم الأعوج من المايل اللي وراه "، ويقال هذا المثل للشخص الذي بسبب غيره، أو لقلة معرفته وخبرته بالعمل، أو المهام التي يقوم بتنفيذها، وبشكل  لافت للانتباه، إنه مايل أو به حَوَل في العين، أو الفكر، أو العاطفة، أي لا يردّ ولا يصدّ" ويمشي على غير هُدًى!!
وكما يقال: الشيء بالشيء يذكر. فقد تسمع في بعض بلاد العجم من لا يفرّق بين الفقوس والخيار، أو بين الصبيّ والصبيّة، أو بين عدد الحصص الصفيّة، والخطة الدراسيّة، حتى إن بعضهم ممن يحرث خارج الثلم لا يعرف مَهمّته من مَهمّة غيره، بل وقد يستهويه العمل على مَهمّة غيره، وترك مَهمّته الأصل، تماما كمن يقصدهم المثل: "لا يصلحون لا للعير ولا للنفير"!!، وهذا يؤشر على سوء الفهم، وقلة الحيلة، وغياب التدبير. وكأني بهذا المايل المفلس لا يقبل بما ذهب إليه المثل القائل: " أعطِ الخبز لخبّازته لو أكلته كله!!.
حقيقة، لا نريد مناقشة هل المايل معه حق، أم لا؟ أو أن المايل لا يفرّق بين ما يُطلب منه، أو ما هو بيَدِ غيره من مَهامّ، لأن هذه الحال بات ظاهرة ومعياراً للتقدم الوظيفي وانتقاء القيادات، على الرغم من يقين متخذي القرار أنها لا تعدو حراثة في البحر، لا تثمر ولا تسر الناظرين. بل، وعندما تقول وتتحدث أمام من يفهم يقول لك: يا رجل إنه مايل وأحَوَل!! وهنا نسأل: هل علينا أن نتعلم لغة هؤلاء فننزل إليهم كي يفهموا؟ أم علينا أن نتعَب لتمكينهم بالتدريب المكثف؛ كي يؤدّوا مهامّهم بطرائق المحاكاة على الأقل؟ 
…..أفيدونا يا قوم، ما العمل؟
صحيح أننا قد نحتاج لنفهم إلى ميكروسكوب، وأشعّة، ومختبرات،لكن في الوقت نفسه لا نحتاج بالتأكيد لطيّار يقود هذا العمل،فالأمر لا يحتاج إلى هندسة طيران.
حماك الله يا وطني ممّن يحرث خارج الثلم!!