إبراهيم أبو حويله يكتب: الامانة...

الامانة...

ما الذي يميز الإنسان عن غيره من مخلوقات الله عز وجل ، ولماذا يقف التكليف موقفا غريبا ، وكيف يرتبط التكليف بالأمانة ، وكيف ترتبط الأمانة بالعقل . 

يرى ابن عاشور ان الامانة هي العقل ، والعقل هو مناط التكليف ، من عشرين قولا للمفسرين في الأمانة اختار العقل ، ولماذا العقل ، ما اشقانا بهذا العقل وما اشقانا بالامانة اذا لم نكن من اهلها ، ومنذ تلك اللحظة التي يأخذ فيها الوعي موقعه في الإنسان ويصبح الإنسان واعيا ، بمعنى الجيل الجديد تم تفعيل البرنامج الخاص بك يبدأ التكليف ويبدأ الحساب .  

سواء كان مؤمنا ام لا الحياة مرحلة عليه ان يعيشها ، والإنسان يدفع ثمن خياراته ، وهذه الخيارات محكومة بالصواب والإلتزام به  ، ولذلك أجد مصداق لهذا قول العلماء بأن الشريعة جاءت في خدمة الإنسان وليس العكس ، ومن شك في ذلك فليجرب العيش في مجتمع لا اخلاق فيه ولا امانة ولا عقل . 

عجبت كيف نفر من ظروف كنا نحن السبب فيها، فمن يقوم بالغش والخداع ، ومن يخون الامانة في البيع والشراء والوظيفة الخاصة والعامة ، من تضطر إلى أن تفحص كل شيء تريد شراءه منه ، من يقف دون قيام الإنسان بوظيفته ، فتضطر فئة كبيرة إلى أن تبحث عن مدرسة خاصة او طبيب خاص ، لقد صنعوا لأنفسهم بيئة يستطيعون الحياة فيها ، عندما قام كل واحد منهم بما يجب عليه رغبة أو رهبة . 
ونحن نسعى للهجرة إليها والعيش فيها لنسفيد مما بنوه ، لقد صنع اهلها نموذجا قائما على العدل والامانة والشفافية ، نعم يصنع العقل احيانا معجزات تستحق الاعجاب والتقدير ، ولكنه يقف دون القدرة في الوصول الى النتيجة النهائية في العدل والأمانة والأخلاق .  

لكن ما عجزنا عنه هو في الحقيقة السبب في تلك الحياة التي نعيشها وذلك الضنك الذي نعاني منه ، ولن يتغير الحال إلا عندما يعرف كل واحد منّا دوره في الحياة ، وما تستطيع الأمانة ان تقدمه له وللأخرين ، عندها يكون قد حقق مناط العقل في التكليف ، وجعل الأمانة هي الطريق ، وكان هو بحق الخليفة الذي يستحق أن يقوم بأمر الله في الأرض .

إبراهيم أبو حويله...