غياب الضمير والرقابة في التعليم الحكومي عبء على طلبة التوجيهي وأسرهم


 خليل النظامي

أصبحت ظاهرة الاعتماد على الدروس الخصوصية والمراكز التعليمية الخاصة في السنوات الأخيرة، شائعة بين طلبة التوجيهي في الأردن، وهذا التحول المفاجئ نحو التعليم الخاص ليس نابعًا من رغبة الطلبة الحصول على تعليم مميز فـ حسب، بل نتيجة مباشرة لتراجع وتدني مستوى التعليم في المدارس الحكومية تحديدا مرحلة التوجيهي، إذ يواجه طلبة التوجيهي في معظم المدارس تحديات جسيمة نتيجة إهمال بعض المدرسين الذين لا يؤدون واجبهم التعليمي بضمير وبحق الله، متسببين في أزمة تعليمية تُثقل كاهل الطلبة ووتزيد من العبء المالي على الأهالي.
ويضم الأردن حوالي 4 آلاف مدرسة حكومية موزعة في مختلف أنحاء المملكة، يعمل بها نحو 170 ألف معلم ومعلمة، ورغم هذا الانتشار الواسع وعدد المعلمين الكبير، إلا أن هذه الأرقام لا تعكس بـ الضرورة جودة التعليم المقدم في مرحلة التوجيه، إذ أن العديد من هذه المدارس تعاني من نقص في الإمكانيات وضعف في مستوى التدريس، ما جعلها عاجزة عن تلبية احتياجات الطلبة الأكاديمية بشكل كافٍ.
الى ذلك، وفي ظل هذا الواقع المؤلم، لم يجد طلبة التوجيهي وأولياء أمورهم مخرجًا سوى اللجوء إلى المراكز الخاصة والدروس الخصوصية، رغم ما يشكله ذلك من عبء مالي كبير على الأسر، فـ التعليم الخاص، رغم تكلفته العالية، أصبح ملاذًا للطلبة الباحثين عن تحصيل علمي يضمن لهم النجاح في التوجيهي، ورغم أن الدروس الخصوصية كانت في السابق تقتصر على بعض المواد الصعبة كـ الرياضيات والفيزياء، إلا أنها أصبحت حاليا أمرًا ضروريًا يكاد يشمل جميع المواد الدراسية، نظرا الى تقصير الكثير من المعلمين في أداء واجبهم التعليمي في المدارس الحكومية.
هذه الظاهرة المنتشرة، تطرح تساؤلات عدة حول مفهوم التعليم كـ حق أساسي من حقوق المواطن الأردني، فـ هل أصبح التعليم في الأردن سلعة تُباع وتُشترى، عوضا عن كونه حقًا مكفولًا لجميع المواطنين؟.
التحول الحاصل في قطاع التعليم، يُعد مؤشرًا خطيرًا على تراجع دور الحكومة ووزارة التربية والتعليم وصناع قرارات التعليم في الأردن في توفير تعليم جيد للطلبة من جهة، ويهدد بتعميق الفجوة بين الطبقات الاجتماعية في المجتمع من جهة أخرى.
بـ المقابل، انتشار هذه الظاهرة يشير الى ضعف رقابة أدوات وزارة التربية والتعليم على المدارس الحكومية ومعلميها في مرحلة التوجيهي، الأمر الذي ساهم بشكل كبير في تفاقمها، إذا يغيب التقييم الفعّال لأداء المعلمين، وتقل المتابعة والإشراف على عملية التدريس، الأمر الذي زاد من الشعور بـ الإهمال واللامبالاة بين الكثير من المدرسين، وإنعكس سلبًا على مستوى التعليم الذي يتلقاه الطلبة، اضافة الى أن الغياب شبه التام لـ الرقابة يفتح الباب أمام بعض المعلمين للتهرب من مسؤولياتهم التعليمية، دون خوف من المحاسبة أو العقاب.
ما ذكر سالفا ؛ يفرض على وزير التربية والتعليم وكوادر الوزارة وأدواتها الرقابية كافة، اتخاذ خطوات جدية وسريعة لـ إعادة الثقة في النظام التعليمي الحكومي بمرحلة التوجيهي، من خلال تفعيل الرقابة الصارمة على أداء المعلمين، وتطبيق نظام تقييم دوري يضمن جودة التعليم المقدم في المدارس، وتوفير دورات تدريبية متخصصة للمعلمين تنمي وتُعزز من كفاءتهم التعليمية وتُعيد إحياء ضميرهم المهني إزاء طلبة التوجيهي والماخسر المالية التي يتكبدها أهاليهم.