غياب الرحلات المدرسية التعليمية .. تساؤلات حول تأثيره على تنمية مهارات الطلبة

زريقات تدعو "التربية" الى اعتماد الرحلات التعليمية طوال العام أسوة بالبرامج الأجنبية

البطوش: تردد بعض المسؤولين عن تنظيم الرحلات خشية المساءلة القانونية

الانباط – شذى حتاملة

شهدت المدارس في السنوات الاخيرة تراجعًا ملحوظا في تنظيم الرحلات المدرسية التعليمية والتي كانت سابقا جزءا هاما من المنهج الدراسي، مع أن هذه الرحلات تتيح للطلبة استكشاف العالم خارج جدار الصف المدرسي وتسهم في اثراء المعرفة لدى الطلبة من خلال التجارب المباشرة والعملية وتعد جزءًا من تجربة الطلاب التعليمية ودورها في تشكيل شخصية الطالب، من هنا تطرح تساؤلات عديدة حول تاثير غياب الرحلات التعليمية على جودة التعليم وتنمية المهارات لدى الطلبة .
المستشارة التربوية ومديرة إدارة التعليم الخاص سابقا الدكتورة ريما زريقات قالت: ان الرحلات المدرسية التعليمية تعد نوع من انواع ربط المعرفة بالحياة ومن التطبيق العملي للمشاريع والبحث العلمي ، موضحة أن الرحلات ترسخ المعلومة لدى الطالب وتراعي نمط شخصية الطالب المتعلم ، كما أنها ترتكز في الذاكرة بعيدة المدى وبذلك تحقق نتاجات التعلم المرجوة ، إلا أنه للأسف فان ربط الرحلات بمواعيد محددة قد لا تخدم العملية التعليمية في هذا الوقت والخوف من حدوث حوادث مرتبطة بالرحلات وخاصة بعد حادثة البحر الميت والذي راح ضحيتها أطفال أبرياء وطلاب علم بسبب سوء الادارة والاجراءات وغيرها من الاسباب التي تحول دون تفعيل الرحلات التعليمية بصورة مكتملة ومتكاملة .
واضافت لـ "الانباط" أن الرحلات التعليمية لها الدور الأكبر في صقل شخصية الطالب والاعتماد على الذات ، وتمكين وترسيخ المهارات الاجتماعية والتعامل مع الأقران ، ومواجهة التحديات، وترسيخ قيم التعاون والمشاركة والعمل بروح الفريق واحترام الرأي الآخر وتقبل الآخر وصنع القرار، موكدة أن الرحلات التعليمية تساعد في تنمية القدرة على البحث العلمي والاستقصاء والاستطلاع ، كما أنها تحقق التواصل الفاعل لدى الطلبة ، وكسر حاجز الخوف والقلق بحيث تجعل الطالب على قدر عال من المسؤولية ، كما تعد وسيلة تعليمية ترسح المفهوم والمبدأ وتجعل الطالب يتحقق من المعلومة العلمية وكأنه يطبق المنهجية العلمية .
ودعت وزارة التربية والتعليم الى اعتماد الرحلات التعليمية طوال العام الدراسي أسوة بالبرامج الأجنبية والتي تعتبرها من ضمن المقررات الدراسية والمساقات التعليمية ، بحيث لا تشترط موافقة الوزارة وفصلها عن تعليمات الرحلات المدرسية الأخرى ، مبينة أن الرحلات لها فائدة متحققة للطالب من حيث الجوانب الشخصية والتعليمية والعلمية ، ولما لها من ترسيخ لمبادئ تعلم القرن الواحد والعشرين وانعاش الذاكرة بعيدة المدى والتي هي أساس تعلم الطالب وأساس البناء التراكمي للمعرفة العلمية .
وفي السياق ذاته اكدت الاستشارية النفسية والأسرية والتربوية حنين البطوش،أن الرحلات المدرسية تعتبر استثمار في مستقبل الطلاب والمجتمع، فهي تساهم في بناء أجيال واعية ومثقفة ، وتعتبر عنصرًا هامًا في التأثيرات الإيجابية التي يمكن تحقيقها من خلال تفعيل هذه الرحلات ، مبينة أنها تسهم في تنمية مهارات الطلبة وتوفر لهم فرصة لاستكشاف ميولهم وقدراتهم الخفية وبالتالي تساعدهم في تحديد مسارهم المستقبلي ، إضافة إلى دورها في تحسين صورة المدرسة لدى المجتمع المحلي، مما يجذب المزيد من الطلاب إليها ، ودورها في تنشيط الحركة السياحة المحلية ودعم الاقتصاد .
و اشارت إلى الاسباب والدوافع وراء غياب الرحلات المدرسية التعليمية ومنها أسباب تتعلق بالمدرسة كـ الاعتبارات المالية حيث تكون تكاليف تنظيم الرحلات المدرسية مرتفعة وتشكل عبئًا ماليًا على المدرسة أو على أولياء الأمور ، مضيفة أن هناك اسباب اخرى ترتبط بقلة الموارد البشرية ، قد يعاني بعض المدارس من نقص في عدد المعلمين والمشرفين القادرين على تنظيم وإدارة الرحلات بشكل فعال ، والخوف من المسؤولية حيث يتردد بعض المسؤولين عن تنظيم الرحلات خوفًا من حدوث مشكلات تعرضهم للمساءلة القانونية ، غير ذلك تركيز بعض المعلمين على الجانب النظري للمادة الدراسية ويتجاهلون اهمية الانشطة العملية ، وقد قد تواجه المدارس صعوبة في التنسيق مع الجهات المختلفة مثل المواقع التي يتم زيارتها وشركات النقل .
وتابعت البطوش أن هناك اسباب اخرى تتعلق بالأهل قد يخشى بعض الأهل على سلامة أبنائهم، والاعتبارات المالية إذ يجد بعض الأهل صعوبة في دفع التكاليف وبالاخص أذا كانت العائلات متعددة الابناء ، لافتة إلى أن هناك أسباب تتعلق بالطلاب كقلة الاهتمام بالرحلات التعليمية بحيث يفضلون البقاء في المنزل ، وقد يواجه بعض الطلاب صعوبات في التعلم تجعلهم غير قادرين على الاستفادة من الرحلات المدرسية ، غير ذلك وجود أسباب أخرى كـ الظروف الجوية السيئة والاحداث الطارئة كـ الاوبئة و التي تؤدي إلى إلغاء الرحلات المدرسية .
واوضحت أن الرحلات التعليمية تساهم في تعزيز الفهم الدراسي للطلبة وذلك من خلال عدة اليات منها تتيح الرحلات للطلبة ربط المفاهيم النظرية التي يتعلمونها بالواقع العملي ، إضافة إلى دورها في تحفز الطلبة على المشاركة الفعالة في عملية التعلم، بدلاً من مجرد الاستماع إلى المعلم ، حيث يمكن للطلاب طرح الأسئلة واجراء التجارب ، مشيرة إلى أن الرحلات تساهم في تنمية مجموعة واسعة من المهارات لدى الطلبة كـ مهارات الملاحظة، والتحليل وتتيح للطلاب التعرف على أماكن جديدة وثقافات مختلفة، مما يساهم في توسيع آفاقهم ، إضافة إلى أنها تساعد في تجاوز الخجل لدى بعض الطلاب، حيث يشجعون على المشاركة في الأنشطة الجماعية والتفاعل مع الآخرين ، وتوفر فرصًا للطلاب للتعبير عن آرائهم وأفكارهم ومشاعرهم بحرية، مما يعزز ثقتهم بأنفسهم ومهاراتهم التواصلية .