رسالتي إلى فلسطين كانت وستظل: العلم

طلال أبوغزاله
غزة الحبيبة ملحمة الإيمان، شكّلت مصدر إلهام للبشرية في كيفية الجمع بين الكرامة والعزة والرضا، والصبر، والصمود، والشجاعة.
واليوم مع الإبداع والابتكار والعلم والمعرفة تشق المقاومة طريقا نحو النصر. حيث برز الدور الحاسم الذي لعبته الفطنة العلمية والتكنولوجية في تأكيد الأهمية الدائمة للمعرفة والابتكار في النضال المستمر من أجل الاستقلال والنصر.
وأقول إن المعرفة والعلم ليسا مجرد أدوات للبقاء، بل هما مفتاح لتحقيق التفوق والانتصارات المستدامة. ومن خلال تعزيز هذا التوجه، يمكن لفلسطين أن تضمن ليس فقط استمرارية المقاومة، بل أيضاً بناء مستقبل مشرق يتمتع فيه جميع أفراد المجتمع بالحرية والكرامة والازدهار.
واللافت أن التقارير تشير إلى أن القدرات الهندسية للمقاومة أدهشت الكثيرين، كاشفةً عن مستوى غير متوقع من التعقيد والبراعة، وهو ما يعكس مدى التقدم العلمي الذي تم تحقيقه في ظروف قاسية وصعبة. واحدة من أبرز الأمثلة على هذه البراعة هي بناء وصيانة شبكة واسعة من الأنفاق.
هذه الأنفاق، التي تم تصميمها بدقة ملحوظة، تظهر تخطيطاً متقدماً وبراعة تكنولوجية. حتى في مواجهة تحديات كبيرة، مثل انقطاع الكهرباء والبنية التحتية الحيوية الأخرى، إذ ظلت هذه الأنفاق تعمل بفضل الاستخدام المبتكر للطاقة الشمسية والتوظيف الذكي للطاقة المتجددة الذي يعكس مدى التفكير الاستراتيجي والوعي البيئي للمقاومة، بالإضافة إلى قدرتها على التغلب على الصعوبات بطرق غير تقليدية.
هل نكتفي بذلك، كلا، بل تشمل الإنجازات الهندسية الملحوظة في هذه الأنفاق بناء المصاعد وإدارة التربة بفعالية، كل ذلك تم تنفيذه بمستوى من الخبرة فاق التوقعات. إذ لم تكن هذه الأنفاق متينة ومنظمة جيداً فحسب، بل كانت أيضاً مجهزة بجميع الضروريات، مما شكل فعلياً مدن للصمود تحت الأرض.
كانت هذه الشبكة تحت الأرض حاسمة للمقاومة، مما أتاح لها تنفيذ الكمائن والحفاظ على العمليات دون اكتشافها، وهذا بحد ذاته يشير إلى مستوى عالي من التخطيط والتنظيم، والذي يعد ضروريًا في ظل ظروف الحصار والمراقبة المستمرة من العدو الغادر.
لذا كان طبيعيا أن تكون هذه الظاهرة موضع دهشة ودراسة، حيث أعرب الباحثون عن إعجابهم بالتقدم الاستراتيجي والتكنولوجي الذي تم عرضه، وحيث يسلط التخطيط الشامل والموارد والبراعة العلمية الواضحة في هذه العمليات الضوء على رواية أوسع: أن إنجازات المقاومة كانت مدفوعة بالمعرفة والابتكار.
وفي الحقيقة فإن العديد من مراكز الأبحاث والدراسات العسكرية العالمية قامت بتحليل هذه الإنجازات، محاولة فهم كيف تمكنت المقاومة من بناء هذه الأنفاق بسرية تامة وفعالية عالية، وهو ما أثار دهشة الأعداء والأصدقاء على حد سواء.
جميل ومبشر ان هذه الرسائل المستمرة من المقاومة التي تصر على أن التقدم العلمي الذي وفر لها ميزة استراتيجية كانت حاسمة ليس فقط للبقاء، ولكن للحفاظ على التفوق العملياتي، وهذه الرسائل تعززت بقدرتها على التكيف والابتكار، حتى في ظل قيود البنية التحتية الشديدة. يبرز هذا التوجه نحو العلم والتكنولوجيا كركيزة أساسية لتحقيق النجاحات المستقبلية وضمان استمرارية الصمود والمقاومة.
ولا يمكن المبالغة في أهمية المعرفة والتقدم العلمي في استراتيجية المقاومة، بل يسلط هذا الضوء على مسار مستقبلي لفلسطين، فالتركيز المستمر على التعليم والبحث والابتكار التكنولوجي سيكون ضرورياً للانتصارات المستقبلية وللنضال المستمر من أجل التحرر.
وأقول إن الاستثمار في التعليم العالي والتكنولوجيا والبحث العلمي سيشكل دعامة أساسية لبناء مجتمع قوي ومتين قادر على مواجهة التحديات والمضي قدماً نحو تحقيق الأهداف الوطنية، إذ يشكل هذا التوجه نحو العلم رسالة قوية لجميع أفراد المجتمع الفلسطيني، تؤكد أن الطريق إلى التحرر والنصر يتطلب استثماراً في العقول والابتكار والتكنولوجيا.