العمالة الاجنبية في السوق ... هل تؤثر على فرص العمل المحلية ام تعززها ؟

كلش : البطالة ليس لها علاقة بالعمالة الأجنبية 

أبو نجمة : سوق العمل يعاني من غياب سياسة واضحة فيما يتعلق بالعمالة المهاجرة

القهيوي : ضرورة تنظيم استقدام العمالة الأجنبية بما يضمن عدم الإضرار بفرص الأردنيين

الانباط – شذى حتاملة

تباينت اراء المهتمين والخبراء الاقتصاديين ما بين مؤيد ومعارض ازاء وجود واستقدام العمالة الوافدة إلى الأردن ، ويرى البعض أن للعمالة الاجنبية تاثير ايجابي كـ زيادة الانتاج القومي والدعم الحيوي للنمو الاقتصادي، وهناك من يرى أنها ذات تاثير سلبي وتثير القلق حول تاثيرها على الفرص المتاحة للعمال المحليين ، وهناك تساؤلات عدة حول قدرة الاقتصاد الوطني على تحقيق التوازن ما بين استقطاب الكفاءات الاجنبية وتعزيز فرص التوظيف للعمال المحليين .
المديرة التنفيذية لمركز تمكين للمساعدة القانونية وحقوق الانسان ليندا الكلش قالت : ان العمالة الأجنبية تاثيرها ايجابي بالدرجة الاولى ؛ لأن اي عمالة تساعد بزيادة الانتاج القومي ، مضيفة أن هناك اشكالية بتنظيم العمالة سواء المحلية أو الاجنبية ، ولا يوجد دراسة واضحة عن احتياجات سوق العمل وهذا بدوره يؤثر على وجود العمالة في الأردن وعلى مخرجات الجامعات وكيفية الاستفادة منها .
واضافت، يجب المساواة في الأجور ما بين العمالة المحلية والأجنبية من ناحية الحد الادنى للأجور ، وضرورة نقل الخبرات والمهارات من العمالة الأجنبية إلى العمالة المحلية ومنها تقنية القص لانها تتطلب مهارات عالية، مشيرة إلى أن البطالة ليس لها علاقة بالعمالة الأجنبية انما ترتبط بعوامل اخرى تتعلق بعدم وجود مشاريع تنموية كبرى ، وعدم وجود استراتيجيات للتشغيل ، وعدم وجود مشاريع للتنمية خارج العاصمة عمان .
بدوره قال رئيس مركز بيت العمال المحامي حمادة ابو نجمة ، ان هناك أسباب متعددة تقف خلف ارتفاع نسبة استخدام العمالة المهاجرة في الأردن واعتماد الشركات المحلية والأجنبية عليها في العديد من الأعمال منذ مطلع الثمانينات إلى يومنا هذا، ومن أهمها عدم التوافق في المهارات بين ما يتطلبه سوق العمل وبين ما يمتلكه العمال الأردنيون، موكدا أن ما تتسم فيه الكثير من الأعمال التي تستخدم فيها العمالة المهاجرة من غياب شروط العمل اللائق وانخفاض الأجور وضعف الحمايات القانونية كقانون العمل وقانون الضمان الإجتماعي، وما تتطلبه من مجهود بدني عال في ظل ظروف عمل صعبة، ولا شك أن وجود العمالة المهاجرة في الأردن ذو أهمية استراتيجية كونها تمثل أحد المكونات الأساسية لسوق العمل الأردني، ورغم ذلك فهي تعتبر من أكثر الفئات هشاشة في المجتمع الأردني وتعرضا للإنتهاكات في عدد من قطاعات العمل .
وبين ابو نجمة أن آخر الأرقام الرسمية تشير إلى أن مجموع العمالة المهاجرة الحاصلة على تصاريح عمل قد بلغت 300 ألف عامل ، حيث أن محاولات إحلال العمالة الأردنية في العديد من المهن مكان العمالة الوافدة لم تنجح إلا في نطاق ضيق، خاصة وأن المهن التي تعمل بها العمالة المهاجرة هي في الغالب مهن غير جاذبة للأردنيين أو لا تتناسب مع مؤهلاتهم، موضحا أن الإحلال لا يمكن أن يتم بنجاح إلا من خلال تحسين ظروف وبيئة العمل في الأعمال التي لا يقبل الأردنيون على العمل بها، وتوفير الحماية لجميع العمال أردنيون وغير أردنيين، ومعالجة الإختلالات في السياسات التعليمية التي أدت إلى تكدس الآلاف من الخريجين في تخصصات غير مطلوبة في سوق العمل .
ولفت إلى أن سوق العمل يعاني من غياب سياسة واضحة فيما يتعلق بالعمالة المهاجرة، فمن جهة يتم استقدام العمالة من الخارج دون وجود ضوابط فعالة للحد من تسربها إلى الأعمال غير المصرح بالعمل فيها، ودون رؤيا واضحة حول الحجم الفعلي لحاجة سوق العمل منهم، ودون ضوابط محكمة للحد من استغلالها سواء من البلد المرسل أو في داخل المملكة، مشيرا إلى أن أعداد العمالة المخالفة أصبحت تفوق ضعفي العمالة المنظمة، ومن جهة أخرى يتم الإعلان عن حملات متكررة للتصويب أو لملاحقة المخالفين منهم وتسفيرهم دون جدوى نظرا لاستحالة النجاح في ملاحقة وتسفير أكثر من نصف مليون عامل مخالف لا تملك الجهات الرسمية أي بيانات واضحة بشأنهم سواء ما يتعلق بأعدادهم الحقيقية أو أماكن تواجدهم أو البيانات الشخصية الخاصة بكل منهم .
واكد ابو نجمة أن من الضروري العمل على مجموعة من الإصلاحات في المجالات التشريعية والتنظيمية لمعالجة الإختلالات التي يعاني منها سوق العمل في مجال استخدام العمالة المهاجرة، والتي تضمن بشكل خاص شمول جميع العاملين أردنيون وغير أردنيين بكافة أحكام قانون العمل وقانون الضمان الإجتماعي، والإنضمام في سبيل ذلك إلى الاتفاقيات الدولية الخاصة بحماية حقوق العمال المهاجرين ومواءمة التشريعات المحلية معها، مضيفا أن تكفل التشريعات والإجراءات حق العامل المهاجر بالإنتقال من عمل إلى آخر بشكل طوعي عند انتهاء عقد العمل دون اشتراط موافقة صاحب العمل، وتشديد العقوبات في حالات استغلال العمال المهاجرين والسمسرة والعمل الجبري وكافة أشكال الإساءة للعاملين، ووضع إجراءات وآليات تسهل عليهم الإبلاغ عما يتعرضوا له من انتهاكات، وتوعيتهم وأصحاب العمل بحقوقهم والتزاماتهم القانونية .
واوضح أن منذ سنوات ظهر جليا بأن مشكلة غياب قاعدة بيانات شاملة خاصة بالعمالة المهاجرة تمثل عائقا رئيسيا في التعامل مع قضاياها، سواء من حيث تنظيم عملها أو من حيث توفير الحمايات اللازمة لها، وكذلك في مختلف سياسات سوق العمل، لافتا إلى ان من الضروري بمكان العمل على استكمال الجهود التي بذلت في سنوات سابقة لإيجاد قاعدة البيانات هذه وبمشاركة جميع الجهات الرسمية المعنية .
وتابع كما أن تعدد الجهات والمؤسسات الرسمية ذات العلاقة بالتعامل مع قضايا العمالة المهاجرة وضعف التنسيق بينها، انعكس على تنظيم استخدامها وساهم في تقليل فرص التقدم في التشريعات والإجراءات الهادفة إلى تعزيز وضمان حقوق هذه الفئة من العاملين وفق معايير العمل الدولية ومعايير حقوق الإنسان، لافتا إلى أن ادت عدم وضوح الرؤية لحجم العمالة الموجودة في الأردن، وغياب قاعدة بيانات شاملة ومؤشرات تحدد المسار المستقبلي في التعامل مع العمالة المهاجرة في ظل الإجراءات المتعلقة باستقدامها وتنظيم شؤونها، وهو ما يتطلب تطوير آليات استقدام العمال المهاجرين والتنسيق الكامل بين الجهات القائمة على المنافذ الحدودية والمطارات من جهة، والجهات المشرفة على تنظيم سوق العمل من جهة أخرى.
الى ذلك، قال رئيس الجمعية الأردنية لريادة الاعمال الدكتور ليث القهيوي ، أن العمالة الأجنبية لها تأثير مزدوج على سوق العمل الأردن من جهة تساهم في سد الفجوات في بعض القطاعات التي تعاني من نقص في العمالة المحلية المؤهلة، وتجلب خبرات ومهارات جديدة قد تكون غير متوفرة محلياً ، هذا يساعد في رفع مستوى الإنتاجية وتطوير قطاعات معينة ، والعمالة الاجنبية تصنع منافسة على فرص العمل من جهة أخرى، ما قد يؤدي إلى تقليل فرص التوظيف للأردنيين وضغط على الأجور في بعض القطاعات .
وبين، أن هناك جوانب سلبية لتوظيف العمالة الاجنبية منها تقليل فرص العمل للمواطنين الأردنيين، خاصة في القطاعات التي يمكن أن يشغلها العمال المحليون، غير ذلك ضغط على الأجور نتيجة زيادة العرض في سوق العمل ، لافتا إلى ان العمالة الاجنبية تؤدي إلى تقليل حوافز الشركات للاستثمار في تدريب وتطوير العمالة المحلية ، إضافة إلى زيادة معدلات البطالة بين الشباب الأردني ، وتحديات اجتماعية وثقافية ناتجة عن وجود نسبة كبيرة من العمالة الأجنبية .
واكمل حديثه أن العمالة المحلية يمكنه أن تستفيد من التنافسية التي تجلبها العمالة الاجنبية عن طريق عدة طرق ابرزها ؛ تعزيز المهارات وتطويرها باستمرار لمواكبة متطلبات سوق العمل ، و‎ الاستفادة من برامج التعليم المهني والتقني لاكتساب المهارات المطلوبة ، مبينا أن من الضروري التركيز على الابتكار وتحسين الأداء لتحقيق التميز في مجالات العمل ، إضافة إلى التوجه نحو القطاعات الناشئة والواعدة في الاقتصاد الأردني ، و الاستفادة من نقل المعرفة والخبرات من العمالة الأجنبية المؤهلة .
‎واشار، إلى السياسيات والتنظيمات الحكومية التي من الممكن أن تحقق التوازن ما بين العمالة المحلية والاجنبية وذلك عن طريق تحديد نسب توظيف إلزامية للأردنيين في الشركات والمشاريع الكبرى ، وتعزيز برامج التدريب والتأهيل للعمالة المحلية لزيادة قدرتها التنافسية ، مشيرا إلى ضرورة تنظيم استقدام العمالة الأجنبية بما يضمن عدم الإضرار بفرص العمل للمواطنين ،و تقديم حوافز للشركات التي تلتزم بتوظيف نسب عالية من العمالة الأردنية ، إضافة إلى دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة التي توظف الأردنيين .
وذكر أن هناك قطاعات تتاثر بشكل اكبر من قطاعات اخرى وهي قطاع البناء والإنشاءات، والزراعة ، والخدمات كـ الضيافة والسياحة وبعض الصناعات التحويلية ، موكدا أن الاعتماد على العمالة الأجنبية قد يوثر على العمالة المحلية من جوانب عديدة منها تقليل الفرص المتاحة للمواطنين في هذه القطاعات ، والضغط على الأجور بسبب وفرة العمالة ، إضافة إلى صعوبة اكتساب الخبرة للعمالة المحلية في هذه القطاعات .
‎ولفت إلى ضرورة تعزيز العمالة المحلية والمهارات، وتطوير برامج تدريبية متخصصة تستهدف القطاعات التي تعتمد على العمالة الأجنبية ، وضرورة تحسين جودة التعليم المهني والتقني لتلبية احتياجات سوق العمل ، مضيفا إلى اهمية تشجيع الشراكات بين القطاع الخاص والمؤسسات التعليمية لضمان مواءمة المهارات ، وتعزيز ثقافة ريادة الأعمال والعمل الحر ما بين الشباب الأردني .
وتابع أن من الضروري العمل على تغيير النظرة المجتمعية تجاه بعض المهن الوظائف التي يعزف عنها الأردنيون ، وتعزيز قيم العمل والإنتاجية في المجتمع ، وتشجيع التعليم المهني والتقني كمسار تعليمي وظيفي قيّم ، واهمية التوجه المستقبلي للعمالة المحلية ، مضيفا إلى ضرورة التركيز على تطوير المهارات الرقمية والتكنولوجية لمواكبة متطلبات الثورة الصناعية الرابعة ، وغير ذلك ضرورة توجيه العمالة المحلية نحو القطاعات الناشئة مثل الاقتصاد الرقمي ، الذكاء الاصطناعي ، والطاقة المتجددة ، وتشجيع التعلم المستمر والتكيف مع المتغيرات السريعة في سوق العمل .
‎و اختتم حديثه أن تحقيق التوازن في سوق العمل الأردني يتطلب جهوداً متكاملة من الحكومة، القطاع الخاص، والمؤسسات التعليمية،لافتا إلى ضرورة التركيز على تطوير مهارات العمالة المحلية، تحسين بيئة الأعمال، وتنظيم العمالة الأجنبية بشكل يحقق المصلحة الوطنية ويدعم النمو الاقتصادي المستدام .