المرأة الأردنية ... تتحدى العيب وتبدع
الخزاعي : لا يوجد مهنة حكرا على الرجال أو النساء
العشا : التنميط الاجتماعي يؤثر على عمل المرأة في بعض المهن
المومني : الحكومة الأردنية تبنت العديد من السياسات التي تدعم تمكين المرأة اقتصادياً ألا أنها غير كافية
الانباط – شذى حتاملة
شهد العالم تطور ملوحظا في مجال عمل المرأة الاردنية في السنوات الاخيرة، وتحدت نفسها واثبتت انها قادرة على النجاح في مجالات عديدة بعد أن كانت مقتصرة سابقا على الرجال من قاعات المحاكم ومن استديوهات التصميم والتصوير والدي جي إلى مناصب عليا ، ما يعكس تغيرات جذرية في التصورات التقليدية حول ادوراهن في العمل.
ومع التعليم والتدريب المستمر اثبتت المرأة الأردنية قدرتها ونجاحها ومن المتوقع أن تستمر في تحقيق نجاحات اكبر في مختلف المجالات ، ويتفوقن ويحققن انجازات ملحوظة في العمل وبذلك تكون المرأة الأردنية قد تخطت ثقافة العيب وجميع المعيقات والحواجز التي تحول دون نجاحهن .
"سارة " تتحدى التقاليد وتعمل في "الكازية" لتامين لقمة العيش
وتقول سارة وهي فتاة عشريينية تقطن في احد احياء العاصمة عمان ان ظروف الحياة واوضاع اسرتها المعيشية أجبرتها أن تتحدى التقاليد والقيود والعمل في احدى محطات الوقود، بعد أن كان قطاع مقتصر العمل فيه على الرجال، وتعتبر قصة سارة من القصص التي تؤكد على قدرة المرأة التحدي والصمود وتعكس قوتها وتصميمها على تامين لقمة العيش لها ولاسرتها .
واضافت في حديثها لـ " الانباط " أنه منذ صغرها وتحلم بمساعدة اهلها التي تتكون من والدها الذي يعاني من امراض صحية التي تمنعه من القدرة على تامين لقمة العيش لها ولعائلتها، ووالدتها ربة منزل واخوتها الصغار ، ورغم جهودهم الكبيرة لتوفير حياة كريمة لها ولاخوته الا أن الظروف الاقتصادية الصعبة تشكل تحدي كبير لهم .
وذكرت سارة أن في بداية عملها واجهت صعوبات عديدة حيث كانت النظرات والاراء السلبية من قبل المجتمع تشكل عائقا امامها لاكمال عملها إلا أن دعم عائلتها واصدقائها على الاستمرار واثبات جدارتها وقدرتها على النجاح .
"ياسمين " شابة تتحدى الاعراف والتقاليد
"ياسمين" شابة في العشرينات من العمر، تقول انها تتمتع بشغف عميق بالموسيقى ، واختارت أن تسلك طريقا غير تقلدي في الحياة المهنية والعمل بمجال "الدي جي"، وكان حلمها منذ الصغر أن تصبح منسقة دي جي مشهورة، مبينة أن مجتمعها واختياراتها المهنية كانت محدودة والعمل بهذا المجال غير مناسب للفتيات إذ ينظر إلى هذا العمل على انه مجال ذكوري في الغالب .
وبينت أن منذ صغرها كانت ياسمين تستمتع بالاستماع للموسيقى ودمج الاغاني عبر الابتوب الخاص بها ، وعندما بدات تاخذ خطوات جدية نحو تحقيق حلمها واجهت في البداية رفض من قبل عائلتها والانتقادات من قبل مجتمعها ، ومع ذلك لم تمنعها العقبات من تحقيق حلمها والعمل كدي جي .
واشارت إلى أنها مع مرور الوقت اصبحت ياسمين تحصل على عروض ومناسبات عديدة واثبتت أن العمل كدي جي ليس حكرا على الرجال وأن الحلم يمكن تحقيقه بالأرادة والجهد .
الى ذلك، اظهرت نتائج مسوح قوة العمل للربع الرابع من عام 2023 أن هناك ارتفاع معدل مشاركة المرأة الاقتصادية للإناث الأردنيات اللأتي أعمارهن 15 سنة فأكثر بنسبة بلغت 15،1 % مقارنة بـ 14 % في الربع الرابع من عام 2022 ، كما أظهرت البيانات أن معظم المشتغلات هن مستخدمات بأجر وبنسبة بلغت 95،9 % ، في حين لم تتجاوز نسبة المشتغلات لحسابهن الخاص وصاحبات الاعمال 4 % ، حيث انخفض معدل البطالة للإناث الأردنيات اللاتي أعمارهن 15 سنة فأكثر في الربع الرابع للعامين 2022 و 2023 من 31،7% إلى 29،8% على التوالي وبنسبة انخفاض حوالي 6 % مقابل انخفاض معدل البطالة للذكور من 20،6% إلىى 18،9% وبنسبة انخفاض 8% للفترة ذاتها .
استاذ علم الاجتماع الدكتور حسين الخزاعي ، قال ان لا يوجد في الأردن ثقافة العيب بحيث اصبح الاردنيات يشاركن في جميع المهن والمهمات السهلة والشاقة منها كـ الانشائية والادارية والمهنية والمكتبية والتعليمية ، مبينا انه لم يصبح هناك مهنة حكرا على الرجال او حكرا على النساء ، إذ اصبح الشباب يعتمدون على انفسهم ويقبلون باي اجر سواء الحد الادنى للاجور أو الاعلى لتوظيف قدراتهم وابداعاتهم والمحاولة من الخروج من عالم البطالة .
واضاف أن المجتمع الاردني يثق بنجاحها في العمل باي مجال وعطائها في اي مهنة عملت بها ، لذا فالمجتمع مساند للمرأة الأردنية ، لافتا إلى أن هناك اعتزاز وفخر بالشباب والشابات الذين يتجاوزن ثقافة العيب ويعلمون في تخصصات بعيدة عن تخصصهم الاكاديمي وهذا يجسد مدى حب ابناء المجتمع على العمل ومشاركتهم في التنمية والاعتماد على انفسهم .
وقالت المحامية ومستشارة جمعية معهد تضامن الأردني انعام العشا ، ان هناك تحديات ومعيقات تمنع النساء من العمل بمجالات جديدة كانت سابقا حكرا على الرجال ومنها التحديات الاجتماعية والثقافية واخرى تتعلق بعوامل التنشئة وعدم الايمان بقدرات المرأة على العمل بمجالات معينة ، حيث هناك تنميط جندري بناء على جنسها وليس بناء على قدرتها وكفاءتها ، إلا ان المفروض أن ترتبط بقدرات الشخص وليس بناء على نوع الجنس ذكر أو انثى ، مضيفة أن التنميط الاجتماعي يؤثر على عمل المرأة في بعض المهن بحيث يشكل تحديا امام النساء وانها غير لائقة للعمل بها .
واضافت أن التجارب وواقع الحال اثبتت أن الاختلالات التي تحدث في العلاقات الزوجية ليست ناجمة عن عمل المرأة ، فالنساء العاملات عليهن ادوار مركبة و لديهن القدرة على تنظيم اوقاتهن والتخطيط والاستفادة من الوقت بالشكل الانسب ، مبينة أن هناك متغيرات تتعلق بالتشريعات طرات على مجتمعنا حيث أن الأردن حريص على مبدا المساواة ما بين الرجل والمرأة .
وفي الوقت ذاته، اكدت الصحفية المتخصصة بالعمل والعمال رزان المومني ، أن المرأة الأردنية تواجه كغيرها من نساء المنطقة العديد من التحديات عند دخولها لمجالات عمل جديدة كانت تعتبر حكراً على الرجال سابقاً ، ومنها التحيزات الثقافية والاجتماعية التي لا تزال تربط أدوار معينة للنساء مما يقلل من فرصهن في التقدم ويؤثر على الجانب النفسي وبالتالي على كفاءتهن واستمرارهن في العمل ، مضيفة أن النساء تواجه عند الدخول في مجالات عمل جديدة، عدم المساواة في الأجور مقابل نفس العمل أو المسمى الوظيفي .
وتابعت حديثها أن هناك معيقات اخرى تواجه النساء وهي قلة السياسات الداعمة للمرأة داخل المؤسسات، كـ عدم حصولها على إجازات بما فيها إجازة الأمومة والحمايات الاجتماعية مثلا تأمين صحي، ضمان اجتماعي، حضانات الأطفال ، مبينة أن تحقيق التوازن بين الحياة المهنية والحياة الشخصية من التحديات التي تواجه بعض النساء ويعتمد بالدرجة الأولى على الأسرة ودعمها، ومجال العمل وطبيعة وبيئة العمل وطبيعة الحياة الشخصية للمرأة ما إذا كانت عزباء أو متزوجة ولديها أطفال أو مثلاً تكمل تعليمها .
واشارت المومني إلى الطرق والسياسات التي يمكن من خلالها القضاء على التحديات التي تواجه النساء اثناء دخولهن لمجالات عمل جديدة وهي وضع تشريعات داعمة تحمي حقوق المرأة العاملة، إضافة إلى زيادة برامج التوعية لتغيير النظرة التقليدية لدور المرأة، وتشجيع المؤسسات على تبني سياسات صديقة للمرأة ، لافتة إلى ضرورة توفير بيئة عمل داعمة وتمكين المرأة اقتصادياً لتستطيع المنافسة في سوق العمل .
ولفتت المومني إلى أن التحولات الثقافية والاجتماعية في العقود الأخيرة أثرت بشكل مباشر على دور المرأة في المجتمع وسوق العمل ، وهذه التحولات، أسهمت في خلق بيئة أكثر قبولاً لعمل المرأة في مختلف المجالات، موكدة أن نسبة النساء الحاصلات على التعليم ازدادت ، مما زاد من مؤهلاتهن وجعلتهن أكثر قدرة على المنافسة في سوق العمل ، حيث انتشرت حملات التوعية التي تؤكد على أهمية دور المرأة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وأصبح هناك تقبل أكبر لأداء المرأة لأدوار كانت حكراً على الرجال .
واكملت حديثها أن الحكومة الأردنية تبنت العديد من السياسات التي تدعم تمكين المرأة اقتصادياً،مثل قوانين العمل التي تحمي حقوق المرأة العاملة وتوفر الإجازات والحمايات الاجتماعية وحضانات الأطفال وإن كانت هذه السياسات غير كافية ، مشيرة إلى أن نمو القطاع الخاص أدى إلى خلق فرص عمل جديدة للمرأة في مختلف المجالات، ورغم وجود العديد من التحديات التي فرضها القطاع الخاص، إلا أنه أسهم بزيادة مشاركتها في القوى العاملة .
وذكرت المومني أن ثقافة العيب قضية اجتماعية حساسة وبشكل عام، يمكن القول إن هناك تقدماً ملحوظاً في تقبل عمل المرأة في الأردن في مجالات كانت حكراً على الرجال الا أن مع ذلك، هناك العديد من التحديات التي تواجه المرأة العاملة في الأردن .