الحركة الشرائية.. نشاط ظاهري وأزمة كامنة


يارا بادوسي

يؤكد ضعف الحركة في الأسواق أن النقد المتداول قليل وأن المواطنين لا يملكون المال الكافي للشراء. بمعنى آخر، عندما تكون الأسواق خالية، فهذا دليل على نقص السيولة بين أيدي المواطنين.. لكن ما نلاحظه حالياً أن هناك أسواق ومطاعم ومقاهي وأروقة تعج بالحركة، لكن بدون حركة شرائية فعلية وبلا جدوى اقتصادية بحسب الأرقام.

بناءً على الإحصائيات الأخيرة الصادرة عن البنك المركزي، نجد أن السيولة الفائضة بلغت 3.624 مليون دينار حتى تاريخ 17 من الشهر الجاري.
من هنا لا بد أن يكون هناك عوامل أخرى وراء هذا الضعف في الحركة الشرائية والجمود. حيث لا يمكن تجاهل العامل الأكبر المؤثر على القوة الشرائية وهو ارتفاع معدلات التضخم، وهو السبب الأول والرئيس في مشكلة نقص "الكاش" في جيوب المواطنين، خاصة أن الحركة الشرائية تشهد ارتفاعًا "وقتيًا" في الفترات ما بين 23 -27 من كل شهر، وهي فترة تسليم الرواتب.
يعود ذلك إلى ارتفاع تكاليف المعيشة، ما يجعل من الصعب على المواطنين توفير المال للإنفاق على الكماليات ويدفعهم إلى التركيز على الضروريات فقط.

كما يلجأ الكثير من المواطنين إلى القروض والبطاقات الائتمانية لتغطية نفقاتهم اليومية، ما يزيد من العبء المالي عليهم ويقلل من قدرتهم على الإنفاق.. ان ارتفاع تكاليف المعيشة يقلل من القوة الشرائية للمواطنين، وهذه الحالة من عدم الاستقرار الاقتصادي تولد حالة من عدم الثقة من قبل المستهلكين بالاقتصاد، ما يدفعهم إلى الاحتفاظ بالنقد بدلاً من إنفاقه.

ورغم محافظة السيولة المحلية في الأردن على مستويات جيدة، إلا أن القطاعات الاقتصادية لا تزال تشكو من حالة الركود في الأسواق وتراجع القدرات الشرائية وانخفاض أداء قطاعات كثيرة ونقص السيولة فيها.

لذا، لا بد للحكومة من وضع خطة لضخ السيولة في الوزارات مثل وزارة الصحة والأشغال والبلديات وغيرها وضخها في المشاريع الرأسمالية عبر العطاءات لتحريك عجلة الاقتصاد وإنعاش قطاعات مختلفة وتنشيط النمو الاقتصادي، لتعويض ما مر به من ركود في ظل الأزمات الاقتصادية العالمية التي شهدتها جميع القطاعات المحلية وأثرت على المواطنين.

وعليه، يتوجب على وزارة المالية العمل على وضع خطط جديدة قيد التفيذ بأسرع وقت، لا سيما أن هناك تجارب سابقة لحكومات حققت فوائد للمواطنين والقطاعات الاقتصادية، عبر ضخ مبلغ نصف مليار دينار أردني في الوزارات التي تطرح العطاءات مع شركات وقطاعات مختلفة ما أدى إلى دوران عجلة الاقتصاد الوطني وانعاش الحركة الشرائية.. خاصة في هذه الاوقات حيث فترة وجودة المغتربين وعطل المدارس والجامعات وهو ما أدى بشكل ظاهري إلى وجود حركة نشطة في الأسواق والبنوك الأردنية .