الفاقد التعليمي.. تأثيراته وسبل التغلب عليه لتحقيق التنمية المستدامة
الانباط – شذى حتاملة
في الفترة الاخيرة تزايدت المخاوف والقلق من تاثيرات الفاقد التعليمي على الطلبة ، الذي بدا يتفاقم في الاردن وبالاخص مع جائحة كورونا ، إذ يعيق الفاقد التعليمي امكانية وصول الطلبة إلى التعليم الجيد ، إضافة إلى تاثيره على مستقبلهم الاكاديمي والمهني ، لذا يتطلب تدخل واهتمام فوري من قبل وزارة التربية والتعليم لمعالجة المشكلة وتعزيز الفرص التعليمية ، وتحسين جودة التعليم عن طريق العديد من الاستراتيجيات .
وللحديث حول الموضوع تواصلت صحيفة "الانباط" مع عدد من المختصين لاخد ارائهم بما يخص اسباب والعوامل المودية لحدوث الفاقد التعليمي واثره على مستقبل الطلبة ، والاستراتيجات الممكنة لعلاجه .
الخبير التربوي الدكتور ذوقان عبيدات قال : ان جميع الانظمة التعليمية في العالم تعاني من الفاقد التعليمي و تنتج عن عوامل متعددة اهمها ضعف التعليم ، ووجود بيئات تعليمية غير مناسبة ، و بيئات اقتصادية واجتماعية ضعيفة ، إضافة إلى عدم وجود معلمين مؤهلين ومناهج لا ترتبط باحتياجات الطلبة وبالتالي ضعف اتقان الطلبة لمهارات التعلم الاساسية ، مضيفا أن جائحة كورونا التي حدثت موخرا ساهمت بزيادة الفاقد التعليمي إلا انها لم تكن السبب الرئيسي في حدوثه .
واشار عبيدات إلى الاستراتيجات التي يمكن اتباعها لعلاج مشكلة الفاقد التعليمي ومنها تنمية مهارات المعلمين ، وتحسين البيئات الاجتماعية والاقتصادية عن طريق تقديم دعم مالي لكي يواصل الطلبة تعليمهم ومساعدتهم على حب المدرسة ، إضافة إلى تطوير المناهج التعليمية ، لافتا إلى ضرورة واهمية التركيز على تعليم المهارات الاساسية كـ القراءة والكتابة والحساب أو اي مهارة اخرى تعتمد على التعلم ، وتطوير برنامج الطلبة اليومي عن طريق زيادة الحصص التي تركز على تطوير المهارات الاساسية .
وبين أن الفاقد التعليمي يؤدي إلى حدوث مشكلتين الاولى لا يتقن الطالب المهارات الاساسية والاخرى لا يستطيع تعلم الدروس الاخرى ؛ لأن الفاقد التعليمي في معظمه مرتبط بالعلوم الاساسية ، موضحا أن الفاقد التعليمي يمكن علاجه بتحسين نوعية التعليم واتاحة الوقت للطلبة لتعلم المهارات الاساسية ومنع المصادر الرئيسية للفجوات .
وفي السياق ذاته اكد مدير المركز الوطني لتطوير المناهج سابقا الدكتور محمود المساد ، ان الفاقد التعليمي يعد من أخطر وأهم النواتج التي تؤشر على ضعف النظام التعليمي، وهذا المفهوم يعني أن الطالب/ الطالبة لم يحقق متطلبات الصف الدراسي الذي أنهى مدته الزمنية من معارف ومهارات واتجاهات محددة له ، موضحا ذلك أن لكل صف دراسي متطلبات يجب أن يتمكن منها الطالب/ الطالبة، ويتم تقييمه على مستوى إتقانه لها في نهاية العام الدراسي.
وبين أن تصنيف الأردن على معيار الفاقد التعليمي للنظام التعليمي الأردني يصل إلى ٧'٧ من ١٢ عام دراسي، وهذه الدرجة تعني أن مقدار الفاقد يصل إلى ما يزيد على أربع سنوات دراسية، ويعني أيضا أن طلبتنا بعد دراستهم ل ١٢ عاما دراسيا تحصلوا أو تمكنوا من المطلوب من الصف الثامن فقط ،لافتا إلى إن الفجوة التعليمية في النظام التعليمي الأردني كما يحلو للبعض تسميتها تصل إلى أربع سنوات دراسية في حدها الأدنى ، ويعزي البعض أسباب هذه الفجوة لتراكم هموم المعلمين وتراجع رضاهم عن عملهم بالدرجة الأولى، ومحاصرة دور الإشراف التربوي الميداني، وإضعاف مهامه الإشرافية والتدريبية، لأسباب شتى أقلها غياب الوعي بأهمية دور الإشراف التربوي في تحسين وتفعيل أداء المعلمين وخاصة الجدد منهم .
وتابع المساد أن السبب الثالث في الأهمية التعليم الإضافي المرتبط بالموارد البشرية، ويمكن القول أن فضل ديوان الخدمة المدنية ودائرة الموازنة العامة كان مدمرا للتعليم، في وقت زاد تسلطهم فيه، وزاد ضعف دور الوزارة في إقناعهم بفشل هذا الاتجاه ، مضيفا أن المعلم الإضافي الذي تنامت نسبته في النظام التعليمي إلى ما يربو على ١٢-١٥٪ هبط بمستوى الأداء للنظام التعليمي لمستويات كارثية ، فضلا عن غياب الرؤية لقيادات الوزارة التي وصلتها بمعايير لا تمت للكفاءة والخبرة والقيادة بصلة .
ولفت المساد إلى هناك أسباب كثيرة أخرى تتصل ببيئات التعلم من حيث: فقر المكان ومصادر التعلم فيه،واكتظاظ الطلبة لمستويات عالية، ونظام الفترتين، والأبنية المستأجرة غير المناسبة،وفوق ذلك كله مناخ التعلم السائد على المدرسة المتسم بالتمرد والتذمر على أفضل تقدير ، مشيرا إلى أن هذه الأسباب المتراكمة عبر عقدين من الزمن رافقها تهجير للكفاءات من جهة، واستقطاب لها من دول أخرى، ترك آثاراً هامة على مستوى نواتج التعلم من فقر، وفقد، وتسلط،وعناد، هبطت بمجموعها بمستوى النظام مقارنة مع دول العالم إلى مستويات كارثية، وأثّرت بالضرورة على مستوى القطاعات في الدولة كافة، في مجالات الصحة والنقل والتكنولوجيا وغيرها مما باتت معه الدولة في ذيل قائمة دول الأقليم العربية .
واشار إلى أن الحل فهو في متناول اليد إن كانت هناك إرادة للاقتراب منه، والعمل عليه، فالتعليم ودوره الذي لا يستطيع غيره القيام به في بناء الإنسان الذي هو رأس المال البشري ، والذي يحمل بفكره وإخلاصه على أكتافه النهضة الشاملة لقطاعات الدولة جميعها ، موكدا أن عكس ذلك كما نحن عليه الآن يتحمل التعليم الضعف الشامل لقطاعات الدولة كافة ، وهذا يؤشر على أن الحل هو في معايير اختيار الكفاءات القيادية والفنية والتدريسية والإشرافية ،وربط نظام رتب المعلمين وتقدمهم الوظيفي بالأداء والإنجاز والتميز ، إضافة إلى الاقتراب من المعلمين وتلبية رغباتهم وتحقيق رضاهم القائم على الاحترام والتدريب والنمو المهني وتحسين مناخات التعلم .