رفقا بنا يا!! وزارة التربية والتعليم
الدكتور: محمود المساد
يقف العاقل مندهشا أمام التعليمات، والإجراءات التي تصدر عن وزارة التربية والتعليم يوميّا، ومع أنها مرتبطة بتوجّهات التحديث الإداري، ونظام الموارد البشرية الجديد الذي تم تمريره عبر مراحله التشريعية بسهولة. إلا أن الوزارة من ناحية عملية تستعجل عمليات التنفيذ، عن طريق حزمة من التعليمات التي تصدر عنها تِباعا.
بالأمس، ألغت الحكومة قرارا يتعلق بالدوام خارج أوقات العمل الرسمي، وتم تكليف لجنة حكومية لدراسته، وترشيده،وتخفيف آثاره الناجمة في حال إن كان لهذا القرار الذي يقضي بتحميل المسؤولية لكل من يعمل خارج أوقات العمل الرسميّ أي تأثير على العمل.
واليوم يصدر هذا القرار الذي يلغي تعليمات صادرة بموجب نظام رتب المعلمين المعمول به حالياً ، وكان قد سبق للنظام أن استكمل مراحل إصداره القانونية عام 2022؟ لا أعرف مسوّغات هذا السباق، أو التسابق مع الزمن الذي تنهجه الوزارة، وما الغرض التعليمي المكتسب من ورائه لتحسين مستوى الميدان التعليمي القائم، فهل يخفف من نسب الفاقد التعليمي؟ أم يقلل من سنوات الفجوة التعليمية التي نتصدر بها العالم ؟ وحقيقة تتسارع هذه الإجراءات لإقناع المعنيين بأن الوزارة قادرة على قهر العاملين الذين يكظمون غيظهم كلما هبّت رياح السّموم تجاههم،وإذكاء توترات المجتمع طيلة العام؟ أليس من الأولى للوزارة أن تُعدّل نظام رُتَب المعلمين بكامل مواده، وأن تمرّره بمراحل إقراره القانونيه، لا أن تلجأ فقط لإلغاء ما يفيد بعض العاملين، ويدفعهم للعمل خارج أوقات الدوام الرسمي!!.
إن عودة أي وزير للعمل في حكومة جديدة، أو استمرار أي قيادة فيها، لا يرتبطان - كما أعلم - بمدى قدرته الفائقة، أو نجاحه الباهر، أو انتصاره المؤزّر في خلق التوترات المجتمعية، في وقت نحن أحوج ما نكون فيه إلى خفض مستوى الانفعالات المأزومة،والإحباطات المتتالية، وزيادة لحمة الوحدة الوطنية.
إن التوترات التي رافقت امتحان الثانوية العامة كانت كافية لضمان توجه الوزارة نحو المنطق ومصلحة نظام التعليم، لا بل وأن تتوجه الوزارة نحو مصالح العاملين فيها، وبالذات إلى هيئات التدريس، والإشراف الميداني، هذه الفئة التي تأخذ على عاتقها المساهمة الحقيقية في بناء المواطن الصالح، كي تقدمه يدا بانية لا هادمة، نعم على الوزارة أن تتعهد بكل ما من شأنه أن يعزز القرب من هذه الفئة التي تعمل بصمت، وتخفف معاناتهم، وتحسّن من مستوى معيشتهم. ففي مثل هذه الإجراءات ومقترحات الحلول الذكية التي تهدف إلى رفع روح العاملين المعنوية يتسابق المتسابقون.
لا أشك في أن نوايا الوزارة صادقة في تسكين المشكلات، والدخول في مرحلة الهدوء والاستقرار، وخاصة أن حرارة الصيف عالية، مناخيّا، وسياسيّا، واجتماعيّا، وبعيدا عن لهيبه الحاد اقتصاديّا، إلا أن إغراءات الكراسي، والفهم الخاطئ لمعايير القبول الحكومي، تقود بهم، أو ببعضهم على أقل تقدير إلى أن يقعوا في شرَك هذه السلوكات غير المنطقية!!
حماك الله يا وطني وأبقاك قوة وفخرا في قلوبنا جميعا