إبراهيم ابو حويله يكتب : هل يستطيع حزب أن يدير البلد ...


التحديات كبيرة وما أؤمن به أن التأهيل الحزبي دون المستوى في الكثير من المجالات ، وهذا ليس إتهاما بل إستقراء للواقع ، يعاني العالم اليوم من نقص في القادة ، نعم نقص في القادة ، هذا الأمر تم طرحه على كثير من المستويات المختلفة السياسية والإعلامية والفكرية ، ومنها أوباما فقد طرح في مذكراته أننا نواجه نقصا في القادة ممن يملكون الكرزما المناسبة ، فقد خسر العالم الكثير من القادة من أصحاب الشخصية القوية ونعلق اليوم في شخصيات لا تستطيع اقناع الشعب بحضورها .

اذا يبدو أن المشكلة ليست مشكلة محلية فقط ، ولكنها أزمة عالمية ، وفي استقراء لقدرات الأحزاب القوية في العالم على تشكيل حكومة حزبية مقنعة تجد الإجابة واضحة من الشعوب ، ففي بريطانيا خسرحزب المحافظين بخسارة قوية لم يواجه مثلها منذ قرنين ، وفي أمريكا يواجه الرئيس بايدين مشكلة وكذلك في فرنسا يواجه ماكرون خسارة كبيرة ويصعد اليمين بشكل قوي في أوروبا ، كيف ستكون الصورة في العالم في حال صعود اليمين في فرنسا وأوروبا وأمريكا وهذه قصة اخرى .

لنعد إلى تجربة عربية قريبة من واقعنا إلى حد كبير ، حيث استطاع الاخوان المسلمون في مصر الفوز في الإنتخابات وتشكيل حكومة ، ولكن ما الذي حدث ، نعم نقرّ بأن هناك قوى عالمية على رأسها الولايات المتحدة والكيان والإتحاد الأوروبي ودول عربية ، وقفت في حالة عداء وعمل داؤوب ومستمر للتخلص من هذه الحكومة بأي صورة إنقلاب عسكري أو مدني أو داخلي أو خارجي ، ووظفت كل الوسائل والسبل الداخلية والخارجية والدعم المادي والمنظمات الدولية في سبيل شيطنة هذه الفئة والتخلص منها ، وأقر بذلك ولكن ليس هذا ما أريد أن أتكلم فيه ، فقد تم تناول هذا الأمر مررا وتكررا في مختلف المنابر والوسائل الإعلامية .

لم تكن هناك رؤية حزبية واضحة للمرحلة وما هو مطلوب وطريقة الوصول إليه ، ولم يكن لدى الحزب الإستعداد الفكري والإستراتيجي ولا المرحلي ، ولم يكن لديه الإستعداد للتحرر من عقلية ادارة الحزب او الجماعة للوصول إلى فكر ورؤية ادارة الأمة ، ولذلك ادار البلد بنفس الطريقة والعقلية التي يدير بها جماعته .

من النقاط الاساسية التي لم يلتفت إليها الحزب هي وحدة الصف الوطنية ، والإعتماد على الخطاب التجميعي ، والتصرفات التي تتعامل مع الشارع على أنه وطن ، وليس فقط الحزب ، ولذلك كثيرا ما كانت تتعارض القررات التي تم اتخاذها مع المصلحة العليا للوطن ، لانها تحقق النظرة الضيقة للحزب ، وهذا يعتبر مقتل سواء في العلاقات العربية العربية أو الدولية .

الوطن للجميع فكرة كانت غير موجودة تقريبا في اجندة الحزب ، وتم إدارة ملفات الوطن والسياسة الداخلية والخارجية على اساس اثارة المشاعر والخطابات الحماسية ، وتم التعامل مع الأخرين بنفس الطريقة ، فرفض الرئيس مرسي لقاء رئيس الولايات المتحدة في وقته أوباما ، لأن هذا اللقاء سيصدر عنه تقرير مشترك يشير إلى القضايا التي تم التطرق إليها ومنها الكيان .

في المقابل كان العالم يراقب كل التصريحات التي تصدر عن رئيس الدولة المصرية على أنه رئيس ، وفي المقابل كان التصرفات والتصريحات ، تتكلم عن دولة عظمى وغذاء ودواء وتصنيع وسلاح ، ولم تكن سياسة البلد قد إستقرت اصلا ، ولا النواحي الأمنية قد تم الإنتهاء منها ، ولم تستقر له الدولة من حيث المبدأ .

وهناك بعد أخر فيمن سعى إلى التغيير أو انتخب الحزب ، لأن كل من شارك في التغيير الذي حدث كان يسعى إلى هدف خاص ، ولكنه لم يرد التخلي عن المكاسب التي كانت تتحقق له من الوضع القديم ، فالقاضي أراد الإحتفاظ بمميزات القضاة ، وعدم فتح القضاء للشعب ، ويجب أن يبقى محصورا في فئة معينة ، وليس على اساس التنافس الشريف ولا الكفاءة ، وخذ هذه القياس وعممه على كل الفئات الأخرى من كبار الضباط إلى كبار الموظفين إلى غيرهم ، حيث كل منهم يريد مكسبا اضافيا ولكنه لا يريد التخلي عمّا يعتقد انه حقوقه المكتسبة .

وهنا اصطدم الحزب المنتخب ليس مع الدولة العميقة التي هي راضية عما تحصل عليه فقط ، و لكن مع الفئة التي انتخبته ، ولكنها تريد مكاسب إضافية ، ولا تريد المشاركة ولا التنازل ولا التغيير في تلك النقاط التي تتعلق بهم .

ومن الأخطاء التي وقع بها الحزب ، وبإعترافات داخلية أو قريبة ممن كان يعمل في هذه الوزارة أو على اتصال مباشر مع الرئيس ، وعدم القدرة على توظيف الكفاءات والتعامل معها إلا من خلال دائرته الضيقة ، التي تنقصها الخبرة والكفاءة في التعامل مع هذا الأمر ، ودخلنا في دوائر توظيفية ومؤسسية واعلامية مغلقة ترفض الانفتاح والتعامل مع فئات المجتمع المختلفة ، وتأخذ تعليماتها من دائرتها ، وترفض أن تتعامل مع الوطن على أنه وطن ، لقد علقوا في مفهوم الدائرة الضيقة ولكن يريدون أن يديروا الوطن بهذه الطريقة .

والنظرة إلى مشاكل الوطن على انها مشاكل إقتصادية فقط ، والسعي الحثيث على التركيز على قضايا ليست ذات وزن كبير في التأثير ، وكان يجب الإلتفات إلى الأوزان المرجحة في التعامل مع المشاكل حسب وزنها ، وهذا ما لم يحدث ، مثل مشاكل الأمن والغذاء والفساد والإقتصاد والدولة العميقة والدول المحيطة ودول العالم ، والتحالفات والمنظمات والمنح وغيره .

هنا هل تتضح تحديات الحكومة الحزبية في التعامل ، مع اننا والحمدلله نملك مؤسسة قصر ذات حكمة وقدرة وسياسة واعية ، وقادرة على التعاطي والتعامل مع التحديات الدولية ، ولديها رؤية ووعي وعلاقات وحكمة واضحة في اتخاذ قررات متزنة ، جعلت الوطن يتجاوز الكثير من الزوايا الحرجة التي وقع فيها غيرنا من البلدان المحيطة .

ومع ذلك نعلق في اختيارات الحكومة وتحدياتها الإجتماعية والاقتصادية ، ونبحث عن مخارج في بعض الأمور .

وتم التكفل بباقي القضايا الحرجة والصعبة من قبل مؤسسة العرش .

هذا ما أثاره سؤال من أحد الأخوة عن الحكومة الحزبية وتحدياته ، وهذا غيض من فيض ، هل اتضحت صعوبة الموقف .

إبراهيم ابو حويله ...