حدادين: العنف الانتخابي شوكة في خاصرة الديمقراطية

الدكتورة هبا حدادين
تُعدّ الانتخابات حجر الأساس لبناء أيّ نظام ديمقراطي نبيل وسليم، فهي تُتيح للمواطنين/ات التعبير بحرية واختيار ممثليها في السلطة بإرادتهم إلا أنّ هذه العملية النبيلة قد تُشوب أحياناً بظاهرة سامة تُهدّد جوهرها وتُعيق مسارها، ألا وهي ظاهرة "العنف الانتخابي".
وتتخذ هذه الظاهرة اعاقة مشاركة المواطنين/ات في الاستحقاق والعرس الوطني الديمقراطي ونزاهة الانتخابات ممّا يُشكّل خطرًا حقيقيًا على استقرار المجتمعات العربية وتماسكها.
يُعرّف العنف الانتخابي على أنّه أيّ سلوك يهدف إلى التأثير على نتائج الانتخابات أو عرقلة سيرها بشكل غير قانوني، وذلك من خلال استخدام القوة أو التهديد او التخريب الذي يمارس بهدف التأثير على إرادة الناخبين/ات، أو منعهم من المشاركة في الانتخابات، أو إفساد العملية الانتخابية باي شكل من الاشكال.

وتتخذ أشكالًا مُتعددة كالعنف الجسدي كالقتل والاعتداء الجسدي والتخريب، والعنف النفسي كالتهديد والترهيب والشتائم والضغط النفسي مرورًا بالعنف الإلكتروني ونشر الشائعات والتشهير عبر الإنترنت والقرصنة والهجمات الإلكترونية واخير التدخل في العملية الانتخابية من خلال شراء الأصوات والتزوير والتلاعب بالأصوات.
من آثار العنف الانتخابي تقويض الثقة بالعملية الانتخابية وفقدان الثقة في نزاهة العملية الديمقراطية وتشكل انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان، بما في ذلك الحق في المشاركة السياسية وحرية التعبير وزعزعة الاستقرار السياسي واعاقة سير التنمية في المجتمع.
وتُعدّ جذور العنف الانتخابي عميقة ومعقدة كبؤرة ساخنة تنتظر شرارة انتخابية وتشمل الصراعات السياسية والاختلافات الأيديولوجية والضعف المؤسسي والفقر والبطالة، بالإضافة إلى الخطاب التحريضي خطاب الكراهية والتمييز ضد بعض المرشحين/ات على أساس عدة اعتبارات مما يودي إلى خلق بيئة غير ديمقراطية.
إنّ العنف الانتخابي ظاهرة خطيرة تهدد الديمقراطية وحقوق الإنسان، وتُعيق سير العملية الانتخابية بكل نزاهة وحرية وشفافية.

لذا، من المهم اتخاذ خطوات جادة لمكافحة هذه الظاهرة، من خلال رفع الوعي حول مخاطر العنف الانتخابي وتشجيع المواطنين/ات على المشاركة في الانتخابات بحرية وأمان، تعزيز سيادة القانون ومحاسبة مرتكبي جرائم العنف الانتخابي

، إصلاح النظام الانتخابي لجعله أكثر عدلاً وشفافية ودعم مشاركة كافة فئات المجتمع كالمرأة والرجال والشباب والأشخاص ذو الاعاقة في الحياة السياسية وتوفير بيئة آمنة لهم للمشاركة في الانتخابات بحرية وامان.
إنّ مسؤولية مكافحة العنف الانتخابي تقع على عاتق الجميع، من حكومات ومؤسسات مجتمع مدني وأفراد، من أجل ضمان سير عملية انتخابية ديمقراطية حقيقية تُعبّر عن إرادة الشعب، فعلى الحكومات أن تضع الأطر القانونية والمؤسساتية اللازمة لضمان نزاهة الانتخابات ومكافحة أيّ ممارساتٍ عنيفةٍ قد تعيفها وأيضا يقع على عاتق المجتمع المدني دورٌ هامٌ في نشر الوعي بأهمية المشاركة السلمية في العملية الانتخابية، وتعزيز ثقافة الحوار والتسامح، ومراقبة الانتخابات ورصد أيّ مخالفاتٍ قد تحدث وأخيرًا، على كل فردٍ أن يتحمل مسؤوليته في التصويت بوعيٍ وإدراكٍ، وأن يرفض أيّ محاولاتٍ للتأثير عليه من خلال العنف.

إنّ تضافر الجهود من قبل جميع الجهات الفاعلة في المجتمع هو السبيل الوحيد لضمان انتخاباتٍ حرةٍ ونزيهةٍ تُعبّر عن إرادة الشعب الحقيقية، وتُرسّخ دعائم الديمقراطية والعدالة.

وختامًا، إنّ مكافحة العنف الانتخابي واجبٌ أخلاقيٌ ووطنيٌ على كل فردٍ في المجتمع، ولن يتحقق ذلك إلّا من خلال تضافر الجهود وتعاون الجميع للحد من هذه الظاهرة.