شكلي ...
إبراهيم أبو حويله ...
نعم في أحيان كثيرة نرضي بأن نكون في ذلك الأطار من الصورة على ذلك الجدار حيث لا يلتفت إليه أحد ، نعم نرضى بالهدوء والسكينة حيث لا يرانا أحد ولا يتفاعل معنا أحد ، وقد تمر السنين ولا يلتفت أحد أن هناك صورة معلقة على ذلك الجدار .
كم مرّ علينا في حياتنا ذلك الإنسان الذي لم يشعر بوجوده أحد ، وغادر دون أن يلتفت إليه أحد ، حيث أنه لم يكن إلا مجرد صورة في ذلك الإطار على ذلك الجدار المنسي ، وكان أيضا في زواية ميتة من تلك الصورة .
نعم لقد رضي الكثيرون منّا بهذا الدور ، هو دخل إلى هذه المؤسسة أو تلك ، ولم يقم بشيء ، لم يحرك في هذه الغرفة شيئا ، بل لم حرص على أن يفعل أي شيء ، وهكذا لم يلتفت إليه أحد .
هو لم يتصدر لأي أمر ، ولم يقم بأي اضافة على هذه المؤسسة أو الوزارة أو الشركة .
هو رقم في هذه الحياة ، ولكنه مجرد رقم ، لا شيء قبله ولا شيء بعده ، وعندما غادر لم يحدث شيء لم ينقص شيء ، لم يتغير شيء .
هل خشي صاحبنا من شؤم الموظف المجتهد في رواية نجيب محفوظ ، ولكني أخشى أن مثل هذا لا يعرف هذا ، وربما لم يعرف نجيب محفوظ إلا من خلال قصته المشهورة مع تلك الراقصة ، فقد أعطتها قلة الأدب ما لم تعط نجيب .
على كل ، ليس المقصود من كلامي هو ان تحدث تغييرا لأجل التغيير ، ولا أن ترفع حجرا هو في مكانه قنطار ، ولكن المقصود هو أن تزيل تلك الصخرة من طريق الناس ، أن تحرك الماء الراكد حتى لا يصيبه العفن ، أن تجعل هذا الماء حياة ، أن تحيي تلك الأرض البور ، أن تدخل مكان العمل وقد كان العمل يأخذ أياما فيأخذ ساعة أوساعتين ، ان تجعل مكان العمل مكانا أخر قابل للأبداع والإنجاز والعمل والأمل مكانا أفضل ، أن يشعر كل من حولك بأن هناك شيء أفضل ، هناك شيء تطور عما كان في الأمس لأنك انت هنا.
قد يكون هذا مراسلا أو عامل نظافة ، ولكنك تشعر معه بأنه مختلف ، كم موظف تعاملت معه في حياتك كانت له مساهمات وتحسينات وساهم بقوة بأن يكون كل شي أفضل ، لا يهم ما هو العمل الذي تقوم به المهم هو أنت ، أنت من يصنع الفرق ، من يجعل كل شيء مختلف ، من يعطي من روحه روحا لما يقوم به ، فيصبح كل شيء أفضل .
هنا وأنا أتكلم عن مجلس النواب للأسف ، وهذا المجلس الذي كما قيل فقد الفاعلية والحياة ، ولم يقم بشيء حسب ما جاء في تقرير راصد ، هذا المجلس الذي هو مكان سخط وغضب من قبل الكثيرين من أبناء الشعب .
ولكن مهلا ، هل يختلف النائب عن كل ما حوله ، أليس نحن جميعا نقوم بالعمل بنفس الطريقة ، فلما نعتب على نائب ، ولا أقول ذلك تبريرا طبعا ، ولكن استفزاز من أجل التغيير .
ولذلك أقول بأن بناء الإنسان هو بناء الوطن ، لا يهم أين يكون هذا الإنسان ، وما هو العمل الذي يقوم به ، لأن الإنسان عندما يقوم بالعمل يعطي العمل أي عمل حياة ، ويصبح العمل مختلفا والإنجار مختلفا .
وطعم ذلك الكأس من الشاي مختلفا ، لأن صبي الشاي كف عن المقال ، وليس المقصود طبعا ان لا نؤشر على الخطأ ، ولكن ان نلتفت إلى اتقان العمل، فيصبح كل شيء في هذه الحياة متقنا ، حتى ذلك الكأس من الشاي .