الذكاء الاصطناعي .. ثورة كبرى بعالم البحث العلمي

 
الانباط - شذى حتاملة

شهدنا في السنوات الأخيرة انتشارًا واسع النطاق للذكاء الاصطناعي القادر على إنشاء نصوص وصور تحاكي الإنسان بدقة متناهية، حيث أثار هذا التطور المذهل اهتمامًا غير مسبوق بتقنيات الذكاء الاصطناعي وفتح  المجال للحديث عن كيفية دمجها في شتى مناحي الحياة ومن ضمنها البحث العلمي . 

وللحديث عن حديث عن اهمية الذكاء الاصطناعي ودوره في البحث العلمي قامت "الانباط " باجراء مقابلة صحفية مع خبير الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي المهندس حسام الحوراني .

ما علاقة الذكاء الاصطناعي  بالبحث العلمي ؟

الحوراني: في عصر البيانات الضخمة والتقدم التكنولوجي المتسارع، تشكل تقنيات الذكاء الاصطناعي (AI) نقطة تحول حاسمة في مسيرة البحث العلمي الذي يعتمد بشكل كلي على البيانات، حيث بفضل قدرة الذكاء الاصطناعي الفائقة على اكتشاف الأنماط المعقدة وتحليل كميات هائلة جدا من البيانات، وتعزيز التنبؤ والنمذجة وأتمتة التجارب العلمية و إجراء محاكاة أكثر دقة، موضحا: أصبحت الخوارزميات الذكية شريكًا لا غنى عنه للعلماء لتسريع وتيرة الاكتشافات العلمية وتحسين جودة الأبحاث في مختلف المجالات مثل تشخيص الأمراض النادرة وايجاد ادوية فعالة وعلوم المناخ وعلوم المواد واستكشاف الفضاء والهندسة وجميع المجالات الاخرى بدون استثناء، حيث سيكون الذكاء الاصطناعي محركًا للاكتشافات العلمية المبتكرة ويفتح آفاقًا جديدة في مجالات لم تكن متصورة من قبل.

ماهي الطريقة التي يمكن للعلماء والباحثيين الاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعي ؟

الحوراني : يمكن  للبحوث العلمية والعلماء والباحثين  الاستفادة من قدرات الذكاء الاصطناعي المتطورة بشكل كبير جدا و على نحو غير مسبوق ، إذ بفضل تقنيات مثل التعلم العميق والتعلم الالي وتقنيات الذكاء الاصطناعي المتقدمة، يمكن للباحثين والعلماء اكتشاف أنماط وعلاقات جديدة في مجموعات البيانات الضخمة التي كانت تمثل تحديًا في السابق، نظرا لعدم قدرة العقل البشري دراسة مجموعة بيانات ضخمة في وقت قصير جدا واستيعاب جميع ابعاد هذه البيانات والانماط المترابطة والمتشابكة، لافتا إلى أن الذكاء الاصطناعي سيمكن العلماء من إجراء محاكاة أكثر دقة وإنشاء بيانات اصطناعية باستخدام الذكاء الاصطناعي ، إضافة إلى البيانات  الحقيقية حيث ستساعد الباحثين والعلماء على تقييم فعالية التدخلات المحتملة بشكل أدق وايجاد حلول جذرية وفعالة للتحديات الملحة في جميع القطاعات التكنولوجية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية وغيرها.

وتابع أن في العديد من المجالات العلمية، يتم إنتاج كميات هائلة من البيانات بشكل مستمر وبالتالي يصعب فهم وتحليل هذه البيانات بالشكل التقليدي اليدوي او حتى بالبرامج الحاسوبية التقليدية، مثلاً، في علم الجينات، يستخدم الذكاء الاصطناعي لتحليل تسلسلات الحمض النووي بسرعة وكفاءة عالية جدا، مبينا أن ذلك يساعد الباحثين والعلماء الذين يركزون على هذه الابحاث في فهم الأمراض الوراثية وتطوير العلاجات المخصصة والفعالة وباقل تاثيرات جانبية، وفي الكيمياء مثلا، يمكن استخدام الروبوتات المدعومة بالذكاء الاصطناعي لإجراء تجارب معقدة بشكل مستقل مما يسرع عملية الاكتشاف ويقلل من تكاليف البحث ،  وهناك الكثير من الامثلة الاخرى حيث ستخدم الباحثون هذه التقنيات لتطوير نماذج أكثر دقة للتنبؤ بالتغيرات المناخية، وفهم سلوك الجزيئات في الكيمياء، وتوقع انتشار الأوبئة وغيرها الكثير.

ما هي التحديات التي يجب مراعاتها في هذا المجال ؟ 
الحوراني : أن على الرغم من الفرص الهائلة التي يتيحها الذكاء الاصطناعي، إلا أنه لا يأتي دون تحديات ، فالاعتماد المتزايد على هذه التقنيات يثير مخاوف بشأن التكاليف العالية ، و ربما عدم  القدرة على  تطبيق مبادئ العلوم المفتوحة بفعالية وما سيحدثة من تغيير جذري في المناهج التعليمية التقليدية، مما قد يغير قلب وعقل وجسد النظام العلمي بأكمله ، مشيرا إلأى انه يجب التاكد من دقة وصحة البيانات المستخدمة، وتجنب التحيز في الخوارزميات، وضمان حماية الخصوصية والشفافية وحماية حقوق الملكية الفكرية ، و أن يكون هناك توجيه أخلاقي واضح لاستخدام الذكاء الاصطناعي، لضمان تحقيق فوائد مستدامة وآمنة ، إضافة إلى ضرورة التغلب على هذه التحديات من خلال تعاون وثيق بين العلماء وصانعي السياسات والمجتمع ككل لان ذلك سيمثل ثورة علمية حقيقية وفرصة ذهبية لتسريع وتيرة الاكتشافات والتقدم في جميع المجالات.

وختم الحوراني حديثه أن من الضروري العمل معا بروحٍ من الإلهام والتعاون نحو هدفٍ سامٍ ومشترك، مع الحفاظ على توازنٍ سليمٍ بين المناهج التقليدية والحديثة ، بحيث يمكننا ضمان أن ثورة الذكاء الاصطناعي تظل في مسارها الصحيح لصالح البشرية جمعاء ويجب أن نستغل هذه الفرصة لتحقيق القفزة التالية للبشرية وربما الوصول الى مجرات وعوالم اخرى وبدء مرحلة جديدة يمكن تسميتها "التكامل البشري والتطور المستدام"، مضيفا أنه يجب أن نوجه طاقاتنا نحو التعاون والابتكار والابداع الحقيقي الاصيل الذي هو روح الوجود الانساني في الارض، ونسخر الذكاء الاصطناعي لبناء مستقبلٍ أفضلٍ للجميع . 
وتابع انه لا ينبغي لنا أن ننظر إلى الذكاء الاصطناعي كتهديد للبشرية، بل كأداةٍ قوية يمكننا تسخيرها لتحقيق الخير واذكر بقول الله تعالى في الحث على البحث العلمي: ﴿قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ۚ ثُمَّ اللَّهُ يُنشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾.