في اليوبيل الفضي الملكي الميمون!
بقلم : عبدالله محمد القاق
احتفل الأردنيون، امس الأحد، باليوبيل الفضي لجلوس جلالة الملك عبدالله الثاني على العرش، عاقدين العزم على مواصلة مسيرة الإنجاز، ليكون شاهدا على منعة الأردن، وحكمة وحنكة قيادته.
فهذا العيد الذي احتفل به الاردنيون يؤكد البيعة والعهد لجلالته التزاماً مقدساً وايماناً راسخاً وولاء ثابتاً بالمبادئ التي اراده الهاشميون لتكون رسالتهم ومواقفهم تنطلق من عقيدتنا الاسلامية التي نشر نورها هذه القيادة الملهمة.
لقد لعب جلالة الملك عبدالله الثاني منذ ان تسلم مهامه دوراً كبيراً من اجل تحقيق المزيد من الانجازات الكبيرة في الميادين السياسية والاقتصادية على كافة الصعد الوطنية والقومية.
فقد قام جلالته بعد رحيل الحسين بن طلال طيب الله ثراه باعمال كبيرة ومهمة تتصل بدعم الديمقراطية وتعزيز التعددية، ودعوة الحكومة لاجراء الحوار بين مؤسسات المجتمع المدني بالاضافة الى الشروع في عمليات النهوض بالاجهزة الحكومية وتطوير الاقتصاد وتكريس حقوق الانسان واطلاق قوى التجديد والخلق والابداع والاصلاح لمواصلة تنظيم الاجهزة الحكومية لتحسين ادائها على اكمل وجه.
ان المتتبع لجهود جلالته، يشعر بمزيد من الفخر والاعتزاز بسعيه الدؤوب لتحقيق التضامن العربي وازالة الخلافات والدفاع عن مصالح الدول العربية بشتى الوسائل، وذلك من خلال زياراته واتصالاته مع القادة العرب تحقيقاً للاهداف الرامية الى تطوير علاقات الاردن والنهوض باقتصادها، فضلاً عن الدفاع عن قضاياه المصيرية.
ولم يأل جلالته جهداً في دعم مسيرة الفلسطينيين حيث اكد على دور الاردن الطبيعي من اجل شجب الممارسات الاسرائيلية ضد الفلسطينيين، فقد دافع جلالته عن الفلسطينيين عبر كل المحافل بغية اقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف، وضرورة حل قضايا اللاجئين والقدس والامن والمستوطنات والحدود والمياه ودعم المفاوض الفلسطيني بغية اقامة السلام الدائم والعادل في المنطقة. وضرورة توقف امذابح والمجازر التي ترتكبها سرائيل ضد الغزيين
ولقد تجلت مكانة الاردن من خلال مشاركة جلالته في العديد من المؤتمرات العربية والدولية وخاصة قمة الدول الثماني التي عقدت في المنامة وي الرياض وفي قطر وفي جورجيا بالولايات المتحدة الاميركية لبحث مختلف القضايا العربية، وبخاصة قضية الاصلاح السياسي في المنطقة ودعوته للسلام ومكافحة الارهاب، وخفض الديون للدول النامية.. ودعوته لانهاء الازمة السورية بالحوار والتفاهم ووقف مسلسل العنف بالعراق وليبيا .هذه الرؤى القومية جسدت لجلالته استراتيجية ونهج السلام باعتبار أن السلا م شكل عند جلالته محور السياسات الاردنية على المستويات المختلفة دون تفريط او افراط.
واذا كانت سياسة جلالته قد شهدت اعمالاً كثيرة وحققت مكاسب كبيرة على مختلف الصعد، فانه لا يسعنا الا ان نذكر بكل الفخر والاعتزاز لقاءات وزيارات الملك عبدالله الى المناطق المختلفة في الريف والمدن للوقوف على احتياجات المواطنين والاستماع الى ارائهم ومطالبهم وتلمس احتياجاتهم. وقد كان ذلك موضع التقدير ومحبة المواطنين.
ففي هذا اليوم الكبير والفرحة تغمر قلوب المواطنين بهذه المشاعر الصادقة بهذا اليوم فإننا نثمن مواقف جلالته تجاه الوطن والامة والتي تؤكد على سلامة النهج وقوة العزيمة وسداد الرأي والاصالة التي مبعثها موروث جلالته الهاشمي العربي، حيث تعتبر انجازات جلالته استمراراً للعطاء الموصول الذي قدمه آل هاشم بسخاء من اجل رفعة هذا الوطن والنهوض بهذه الامة لتأخذ مكانتها المرموقة بين الأمم والشعوب.
ولعل ابرز محاور الفكر التنموي والذي تجلى في المنتدى الاقتصادي العالمي الذي عقد على شاطئ البحر الميت والتي تشرفت بحضوره اكثر من خمس مرات مع قادة دول العالم بحضور لفيف من زعماء العالم وقادة التنمية والاقتصاد، هو سعي جلالته الدؤوب في تنويع مصادر الدخل وجذب اكثر قدر من المستثمرين للاسهام في نهضة الاردن والنهوض به والاعتماد على الذات اقتصادياً بما يكفل رفد هذه المشاريع بالمنجزات التقنية المعاصرة حيث اولى جلالته اهتماماً خاصاً بضرورة اقبال المواطن على احترام مهن الآباء والاجداد، لأن تقدم المدن لا يقاس بالازدهار العمراني فقط وانما بمدى اصالة هذا التقدم واستيعابه لقدرات المجتمع وتقاليده في العمل والعطاء والبناء.
فالاصالة والتقدم يمثلان هاجساً اساسياً من لدن جلالته، حيث يرى انهما خطان يسيران معاً.. فلا حياد عن الاول ولا تقصير في الثاني.. ومن هذا المنطلق اخذت سياسة جلالته بهذه السياسة التنموية التي انتهجت ايجابيات النظم المعاصرة لتصب في نهر الواقع وتسهم في ارواء الشخصية الحضارية الاردنية.
والواقع ان النهج السياسي الذي اختطه جلالته يستند على الصراحة والصدق والوضوح والممارسة التي تقوم على الاحترام المتبادل بين الدول في ظل المواثيق الدولية لتحقيق المصالح المشروعة ومد يد الصداقة للجميع و عدم التدخل في شؤون الغير، مما اكسبه ثقة عربية وعالمية، مما حقق للاردن ريادة استقلالية واضحة معززة بذلك حضوره الاقليمي والدولي بموضوعية الطروح السياسية والواقعية وعدم الانحياز.
واذا كان جلالته قد اسهم في تطوير الاقتصاد وتنويع الدخل، والأخذ بالنظم العصرية، فإن جلالته لم ينفك في بناء الانسان والوطن لينطلق عبر عصرنة الدولة، وتأمين البنية التحتية لهذه الدولة، حيث اكد جلالته في اكثر من مناسبة على ضرورة بناء الانسان وتعليمه وتأهيله ليقوم بدوره في وطنه.. عبر اعلاء مستوى كفاءته الفكرية والعلمية. وثمة نقطة جديرة بالتقدير وهي مدى اهتمام جلالته بالشباب، ومطالبته باعداد الخطط الكفيلة للنهوض بهذه الشريحة التي تزيد نسبتها عن اكثر من خمسة وخمسين في المائة من هذا المجتمع، باعتبار ان الشباب لا يشكل في عصرنا هذا مستقبل الامة فحسب بل يحتل حيزاً مهماً واساسياً في حاضرها.. وهذا بالطبع لم يغب عن بال جلالته في حتمية ربط عجلة التنمية برعاية الشباب وتفجير طاقاته، ايماناً بدوره بصنع الحاضر والمستقبل وذلك انطلاقاً من المحافظة على قواعدنا الاسلامية وتقاليدنا وعاداتنا العريقة الموروثة عن الأجداد.. هذا الالتزام الذي يحمي الشباب من اخطار الموجات الهدامة التي تغزو شباب العالم اليوم...
واذا كنا نتحدث عن الانجازات السياسية والمكتسبات الاقتصادية والثقافية والاهتمام في بناء الانسان. في هذا اليوم الاغر، فلا بد ان نذكر بمزيد من الفخر والاعتزاز الدور الكبير الذي قام به جلالته من اجل تطوير قواتنا المسلحة تطويراً حديثاً على المستويين الكمي والنوعي، حيث حققت سياسة جلالته بفضل هذه الرعاية للقائد الأعلى للقوات المسلحة انجازات كبيرة في سبيل بناء القوات المسلحة واجهزة الأمن العام والمخابرات العامة والتي اصبحت ولله الحمد قادرة على ارساء قواعد الامن والطمأنينة في النفوس وحماية منجزات النهضة، لأنها امتدت سياستها عبر عزيمة صادقة في العمل.. وعقيدة راسخة وقيم فاضلة واصول حضارية اختطها جلالته لتواكب النهضة العسكرية المتطورة في انحاء العالم وتزويدها بأحدث الانظمة والاجهزة القتالية والامنية فضلا عن تأهيل الكفاءات الفنية اللازمة في مختلف القطاعات لبناء الوطن ومكافحة الارهاب والقضاء على الجريمة فضلا عن تدريب قوات عربية عراقية وفلسطينية في اراضيها حيث اصبحت رائدة في مجال التخصصات الامنية.
اننا اذ نهنئ جلالة الملك عبدالله الثاني في يوبيله الفضي على عرش الاردن المهيب، ضارعين الله ان يمتع جلالته وجلالة الملكة رانيا العبدالله بالصحة والعافية ليواصل جلالتهما مسيرة النهضة الرائدة في الاردن، وانطلاقتها الوثابة الواثقة بكل ثقة واقتدار وعزيمة نحو اهداف الاردن العليا لتحقيق المزيد من التقدم والرفاهية وتعزيز الديمقراطية لابناء هذا الشعب الذي محض جلالته كل المحبة والتقدير بفضل قيادته الحكيمة التي انارت طريق المستقبل من اجل حاضر مشرق مفعم بالبذل والعطاء، ومستقبل واعد مبني على ارضية من التخطيط السليم والمنهجية الواضحة المعالم.
abdullaalqaqq@hotmail.com