إجبار الطلبة على تخصص معين بين التوجيه والقيود

عبيدات: اختيار العمل والتخصص حق لـ الطالب ويمكن للأهل نصحه
درويش: الإجبار على اختيار التخصص يؤذي الطالب وقد يؤدي إلى عزلته
الانباط – ليث حبش
في ظل التطورات الاقتصادية والتكنولوجية المتسارعة تزداد اهمية التخصص الجامعي ، حيث يعتبر اختيار التخصص الجامعي خطوة محورية في حياة الطلاب، ليس فقط لأنها تحدد مسارهم المهني المستقبلي، بل لأنها تؤثر بشكل كبير على صحتهم النفسية ، ومع ذلك يتعرض العديد من الطلبة لضغوط كبيرة من قبل الأهل لاختيار تخصصات معينة، سواء خلال مرحلة التوجيهي أو عند اختيار التخصص الجامعي ، وبدوره هذا الضغط يمكن أن يؤدي إلى آثار نفسية سلبية على الطلاب تتمثل في الشعور بالتوتر والقلق وفقدان الدافع للتحصيل الأكاديمي ، إضافة إلى تاثيرها على مستقبل الطلبة المهني.
وبدوره اكد الخبير التربوي الدكتور ذوقان عبيدات ، ان هناك اضرار اخلاقية عند اجبار الأهل الطلبة على اختيار تخصص لا يرغبون به ، بحيث لا يحق لاي سلطة اجبار شخص أن يعمل بوظيفة لا تناسبه، ولذلك حق من حقوق الانسان اختيار العمل الذي يناسبه ، مضيفا أن اجبار الشخص على العمل يؤدي إلى قضايا نفسية إذ يشعر الشخص بانه مهمش على مدى حياته ، إضافة إلى تاثيرات اقتصادية بحيث انه لا يمكن للشخص تحقيق الانتاجية بوظيفة لا يرغب بها لان الشغف هو اساس الانتاج.
واضاف في حديث خاص لـ " الانباط " ان اجبار شخص على تخصص معين يشترط ان توفر له وظيفة بنفس التخصص ، حيث يوجد اشخاص يعملون بوظائف بغير مجال تخصصهم الجامعي ، مبينا ان اجبار الأهل الطلبة على دراسة تخصص معين يؤثر على مستقبلهم المهني ، بحيث لا يمكن أن يجبر شخص على تخصص وأن يبدع بعمله.
واشار العبيدات إلى أن يمكن للأهل أن يساعد ابنائهم الطلبة على اختيار التخصص دون اجبارهم عن طريق التوعية واقناع الطالب باختيار تخصص يناسبه دون الضغط عليه ، إضافة إلى ضرورة الغرس في عقول الاطفال منذ الصغر اهداف قيمة و حب الاعمال دون التركيز على وظيفة محددة ، مشيرا إلى أنه لا يجوز للدولة أن تجبر شخص على دراسة تخصص معين بحيث تضع الجامعات الخاصة شروط معينة لقبول شخص في تخصص معين ، إضافة إلى دور الدولة في تنظيم برامج توعوية تساعد الطلبة على اختيار التخصص المناسب، وأن يرتبط التعليم بخطط التنمية .
وفي السياق ذاته قالت استشارية الصحة النفسية الدكتورة مها درويش ، ان إجبار الأهل على اختيار تخصص جامعي لا يتناسب مع اهتمامات وقدرات الطلاب يؤدي إلى عدة تأثيرات نفسية سلبية،إذ يشعر الطلبة بالتوتر والقلق المستمر، مما يؤثر على أدائهم الأكاديمي ويفقدون الدافع والتحفيز للدراسة،مضيفة أن الطلبة قد يصابون بالاكتئاب والإحباط نتيجة عدم الرضا عن مسارهم الأكاديمي، إضافة الى تاثيرها على احترام الذات وذلك عندما يشعرون بأن قراراتهم ليست محل تقدير، وبالتالي تؤدي إلى شعور بالعجز والصراعات الأسرية وبدوره يزداد التوتر الناتج عن فرض التخصص مما يؤثر على الاستقرار العاطفي.
و اضافت درويش أن اجبار الاهل الطلبة على اختيار التخصص الجامعي قد يؤدي إلى انعزال الطالب اجتماعياً ويصبح يعاني من الاستنزاف العاطفي والجسدي بسبب الدراسة في مجال لا يرغب به ، مما يؤثر على صحتهم العامة ، موكدة على ضرورة أن يقوم الأهل بتقديم الدعم النفسي لابنائهم أثناء اختيار التخصص دون إجبارهم،عن طريق الاستماع لهم بفعالية واحترام رغباتهم واهتماماتهم الأكاديمية،إضافة إلى تشجيعهم على اتخاذ قراراتهم بأنفسهم وتقديم لهم المعلومات والإرشاد اللازم .
وتابعت حديثها أن يجب على الأهل دعمهم في استكشاف خيارات متعددة، وأظهار التفهم لتغيرات اهتماماتهم بمرور الوقت،وضرورة التواصل المستمر وتجنب المقارنة مع الآخرين، موكدة على أهمية الصحة النفسية والعاطفية لضمان نجاحهم الأكاديمي والمهني.
وبينت درويش أن اختيار تخصص غير مرغوب فيه يمكن أن يؤدي إلى عدم الرضا الوظيفي، مما يتسبب في الإحباط والعدم السعادة في العمل، إضافة إلى تاثيره السلبي على الإنتاجية وجودة العمل ، مضيفة أن الشغف المفقود يمكن أن يؤدي إلى ضعف الأداء المهني وعدم التقدم والابتكار، مما يقلل من فرص الترقية ويضطر بعض الأشخاص لتغيير مسارهم المهني، وبالتالي يؤثر على استقرارهم المالي ويتسبب في ضعف الثقة بالنفس وصعوبة التكيف.
وقال الطالب ع ، م أنه تم إجباره في البداية على اختيار تخصص في مرحلة الثانوية العامة عن طربق ضغط الأهل عليه لاختيار التخصص العلمي ، حيث كان يواجه صعوبات شديدة مع التخصص بسبب عدم اهتمامه به ، وكان لذلك تأثير كبير على نفسيته وأدائه الدراسي ، مضيفا أنه بعد محاولات عديدة نجح في تخصصه لكن بمعدل متدني ، إذ كان يفكر في تغيير تخصصه لكنه واجه رفضًا شديدًا من قبل الأهل،.
واضاف أن في المرحلة الجامعية تدخل الأهل في اختيار تخصص لا يرغب به ، حيث اجبر على اختيار تخصص المحاسبة على الرغم من توجهه المختلف ، موكدا أن هذا الضغط تسبب له صعوبات اضافية في فهمه لبعض المواد الجامعية وتنافرها مع اهتماماته.