65 عاما على أول رحلة فضائية ناجحة لقردين

قبل 65 عاما، في 28 مايو 1959، أصبح اثنان من قرود المكاك الريسوسي -الأول يُدعى بيكر والثاني آيل- رائدين في استكشاف الفضاء، مما يمثل علامة بارزة في تاريخ البعثات الفضائية.

 

وتحيي هذه الذكرى رحلتهما الرائدة على متن صاروخ "جوبيتر AM-18"، والتي مهدت الطريق لرحلات الفضاء البشرية، ووسعت فهمنا للتأثيرات البيولوجية للسفر إلى الفضاء.

 

وكانت المهمة التي شارك فيها بيكر وآيبل جزءا من سلسلة تجارب رحلات الفضاء البيولوجية التي أجرتها وكالة ناسا والقوات الجوية للولايات المتحدة، وهدفت هذه المهمات إلى دراسة التأثيرات الفسيولوجية والبيولوجية للسفر إلى الفضاء على الكائنات الحية.

وكان الغرض الأساسي هو جمع البيانات المهمة التي من شأنها ضمان سلامة ورفاهية رواد الفضاء من البشر في المستقبل.

 

جانب من التجهيز لأول رحلة فضائية ناجحة للقرود قبل 65 عاما 

 

16 دقيقة لأول رحلة

وفي ذلك اليوم التاريخي، تم تأمين بيكر وإيبل في كبسولات مصممة خصيصا وتم إطلاقهما إلى الفضاء على متن صاروخ "جوبيتر AM-18".

 

واستغرقت مهمتهما حوالي 16 دقيقة، سافرا خلالها على ارتفاع 300 ميل فوق الأرض وعاشا في ظروف انعدام الوزن، وتمت مراقبة القردين عن كثب، وتم تسجيل علاماتهما الحيوية طوال الرحلة.

 

وكانت الرحلة الناجحة بمثابة إنجاز كبير، إذ قدمت بيانات لا تقدر بثمن حول أثار السفر إلى الفضاء على النظم البيولوجية، مما يدل على أن الكائنات الحية يمكن أن تتحمل ضغوط الرحلات الفضائية وتعود بأمان إلى الأرض، وكانت هذه المهمة خطوة حاسمة نحو البعثات الفضائية المأهولة ومهدت الطريق للاستكشافات المستقبلية.

 

جانب من التجهيز لأول رحلة فضائية ناجحة للقرود قبل 65 عاما 

 

4 مساهمات علمية

وساهمت البيانات التي تم جمعها من مهمة بيكر وإيبل في العديد من المجالات الرئيسية لعلوم الفضاء منها:

 

الآثار البيولوجية لرحلات الفضاء:

قدمت المهمة رؤى حول كيفية تأثير انعدام الوزن والتعرض لظروف الفضاء على الوظائف الفسيولوجية مثل صحة القلب والأوعية الدموية، وضمور العضلات، وكثافة العظام.

 

التطورات الطبية:

كان لفهم كيفية تأثير السفر إلى الفضاء على الكائنات الحية أثار أوسع على العلوم الطبية، حيث ساهم في تطوير علاجات لمختلف الحالات الصحية التي يعاني منها رواد الفضاء.

 

الابتكارات التكنولوجية:

حفزت المهمة الابتكارات في أنظمة دعم الحياة، والبدلات الفضائية، وتصميم المركبات الفضائية لضمان سلامة وراحة رواد الفضاء من البشر.

الاعتبارات الأخلاقية:

أثار استخدام الحيوانات في البعثات الفضائية أسئلة أخلاقية مهمة، مما أدى إلى تطوير أساليب أكثر تطوراً وإنسانية لإجراء البحوث البيولوجية في الفضاء.

 

محاولات سابقة.. وأخرى تالية

وسبق رحلة بيكر وإيبل الناجحة، رحلات غير موفقة، وتلاها رحلات أخرى كتب لأغلبها النجاح، بعد أن فتحت رحلتهما الباب نحو مزيد من الرحلات التي تستخدم القرود، لاستكشاف تأثيرات الرحلات الفضائية طويلة الأمد على الصحة والبيولوجيا.

 

وكانت أول رحلة غير موفقة للقرد "ألبيرت الأول"، وهو قرد من نوع المكاك الريسوسي، أطلق في 11 يونيو 1948 على متن صاروخ V-2 ألماني معدل، لكنه لم ينجح في الوصول إلى الفضاء فعليا، حيث توفي بسبب نقص الأوكسجين.

 

وأرسل قرد آخر من نوع المكاك الريسوسي، وهو "ألبيرت الثاني"، في 14 يونيو 1949، ووصل إلى ارتفاع 134 كم، لكنه توفي بسبب عطل في المظلة أثناء العودة.

 

وبعد رحلة بيكر وآبل الناجحة في 28 مايو 1959، شاركت عدة بعثات لاحقة بالقردة كجزء من الجهود المستمرة لفهم الآثار البيولوجية للسفر إلى الفضاء، وهي:

 

رحلة سام 4 ديسمبر 1959:

تم إطلاق (سام) على متن صاروخ "ليتل جوي" بهدف اختبار نظام الهروب من الإطلاق وجمع بيانات حول التأثيرات البيولوجية للسفر إلى الفضاء، وكانت رحلة سام دون المدارية، حيث وصلت إلى ارتفاع حوالي 55 ميلا، وكانت المهمة ناجحة وتم انتشال سام بسلام.

 

رحلة الآنسة سام 21 يناير 1961:

كانت الآنسة سام جزءًا من اختبار آخر لنظام الهروب من الإطلاق الخاص بمركبة ميركوري الفضائية، على غرار المهمة التي شملت سام، وكانت المهمة ناجحة، وحققت هدفها المتمثل في اختبار نظام الهروب من الإطلاق، وتم استعادة الآنسة سام بصحة جيدة.

 

جانب من التجهيز لأول رحلة فضائية ناجحة للقرود قبل 65 عاما 

 

رحلة جالوت 10 نوفمبر 1961:

تم إطلاق جالوت على متن مركبة فضائية تابعة للقمر الحيوي لدراسة تأثيرات الفضاء على الكائنات الحية، ولسوء الحظ، لم تنجح المهمة حيث فشلت المركبة الفضائية في الوصول إلى مدارها، ولم ينج جالوت.

 

رحلة إينوس 29 نوفمبر 1961:

تم إطلاق إينوس على متن المركبة الفضائية ميركوري-أطلس 5، وهدفت المهمة إلى اختبار أنظمة المركبات الفضائية وتأثيرات الرحلات الفضائية على الرئيسيات قبل إرسال البشر في مهمات مدارية، وأكمل إينوس دورتين حول الأرض وتم استعادته بأمان، وكانت هذه المهمة الناجحة بمثابة خطوة حاسمة نحو رحلة جون جلين المدارية التاريخية في عام 1962.

 

وكانت هذه الرحلات الناجحة دافعا لتكريم بيكر وآيبل، لدورهما في فتح الباب نحو استكشاف الفضاء، وذلك بدفنهما بعد وفاتهما في عام 1984 في حديقة مركز الفضاء والصواريخ في هنتسفيل بألاباما، حيث يتم تكريمهما بانتظام من قبل الزوار.