وزير الخارجية يبحث مع لازاريني جهود توفير الدعم اللازم لوكالة الأونروا

بحث نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي، والمفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) فيليب لازاريني، الجهود المبذولة لتوفير الدعم اللازم للوكالة لتتمكن من القيام بواجبها الإنساني تجاه الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة وخاصة غزة.
كما بحث الصفدي ولازاريني، الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة والمتواصلة على الوكالة وموظفيها، وعراقيل تضعها إسرائيل أمام الوكالة تحول دون قدرتها على القيام بواجبها وفقاً لتكليفها الأممي.
وفي مؤتمر صحفي مشترك بعد الاجتماع، أكد الصفدي، اليوم الأحد، استمرار المملكة في تقديم الدعم اللازم لوكالة الأونروا، مبينا أن دعم الوكالة أولوية لجلالة الملك عبد الله الثاني، منذ ما قبل السابع من تشرين الأول الماضي، وهو موقف أردني ثابت.
وأشار إلى أن ما تقوم به الأونروا هو دور إنساني نبيل ضروري يلبي احتياجات حقيقية، ويعطي الحد الأدنى من التأكيد للاجئين الفلسطينيين بأن حقهم لم ينسى، وأن العالم ما زال يكترث بهم، وبالكارثة التي يواجهونها.
وأكد أن الاتهامات التي وجهت لـ 12 موظفا من أصل13 ألف موظف تابع للأونروا ثبتت أنها باطلة، ومحاولة اغتيال الأونروا سياسياً فشلت.
وقال، إن "الكارثة الإنسانية في غزة تتفاقم، والخطوة الأولى إزاء وقف هذه الكارثة هي وقف هذا العدوان الهمجي على غزة، وبعد ذلك فتح كل المعابر أمام دخول كل المساعدات، والسماح لمنظمات الأمم المتحدة وفي مقدمها الوكالة بالعمل بحرية وبدون اعتداءات.
وأضاف، "رغم كل الضغوطات، الوكالة مستمرة في القيام بدورها، وتقوم بكل ما تستطيعه لتقديم المساعدات لـ 2.3 مليون فلسطيني يعانون الآن هذه الحرب الوحشية وتبعاتها اللاإنسانية من قتل ودمار وغياب للغذاء والدواء والعلاج والتعليم، والأردن وقف مع الوكالة سابقاً ومستمر في الوقوف معها".
وأكد " أن وجودها حق، ودورها لا يمكن الاستغناء عنه ولا يمكن استبدالها بأي جهة أخرى، لأن لا جهة أخرى تمتلك القدرة والمعرفة والإمكانات التي تمتلكها الأونروا في مساعدة الشعب الفلسطيني الذي يواجه كارثة إنسانية غير مسبوقة".
وشكر الصفدي باسم المملكة المفوض العام للوكالة وكل طواقم الأونروا على الدور البطولي الذي يقومون به، وعلى تصميمهم على تجاوز كل التحديات.
وقال إن "الأونروا ومن قبل السابع من تشرين الأول الماضي، كانت تواجه محاولة اغتيال سياسي، ولأن دورها حق، ولأن العالم يعرف أنه لا يمكن الاستغناء عنها، استمرت بدعم الكثير من الأصدقاء والأشقاء".
واضاف أن "في اللحظة الأولى لصدور هذه الاتهامات تصرفت الوكالة بمسؤولية، وتصرفت الأمم المتحدة بمسؤولية؛ حيث بدأت تحقيقات داخل الأمم المتحدة وتحقيقات مستقلة، والتقرير الذي صدر عن اللجنة المستقلة التي ترأستها وزيرة الخارجية الفرنسية السابقة كاثرين كولونا أكد أن الوكالة تملك كل أدوات التأكد من أن ما تقوم به ملتزمٌ كل مبادئ العمل وأخلاقيات العمل ومواثيق وأنظمة الأمم المتحدة".
وأضاف "هذه الاتهامات ثبتت أنها باطلة، ومحاولة اغتيال الأونروا سياسياً فشلت، لكن الوكالة ما تزال تواجه تحديات مالية كبيرة"، وأن 16 دولة أوقفت تمويلها للوكالة بعد إطلاق هذه الاتهامات، والآن عادت 14 دولة عن قرارها وأعلنت استئناف دعمها للوكالة، لكن رغم ذلك وفي ضوء حجم الكارثة التي تواجهها غزة وحجم المعاناة التي فرضها العدوان الإسرائيلي في غزة، ما تزال الوكالة بحاجة إلى دعم كبير حتى تستطيع أن تقدم الغذاء والماء والطعام والدواء والتعليم إلى أهلنا في غزة، إضافة إلى مسؤولياتها الكبيرة في مناطق عملها الأخرى".
وزاد الصفدي "حديثنا اليوم كان في سياق الشراكة القديمة والمستمرة والصلبة بين الأردن وبين وكالة الأونروا، واتفقنا على خريطة طريق من أجل الإعداد لأكثر من جهد بحيث نحقق أهداف متعددة، منها التصدي لكل محاولات الإساءة لها وسمعتها ودورها الإنساني الكبير، والتأكيد على ضرورة استمرار المجتمع الدولي بتقديم الدعم للوكالة حتى تستطيع القيام بدورها الذي هو منطلق من قرار للجمعية العامة للأمم المتحدة".
وأكد الصفدي أن الوكالة تعمل ضمن تفويض من الجمعية العامة للأمم المتحدة، ودعم الأونروا مسؤولية على كل الدول التي فوضت الوكالة بالقيام بهذا الدور، وعلى العالم أجمع.
وأضاف "اتفقنا على مجموعة من الخطوات من بينها المؤتمر السنوي الذي نعقده على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في شهر أيلول، ولكن لا ينحصر في ذلك، فثمة خطوات أخرى نعمل على تطويرها من أجل ضمان أن الوكالة ستستمر في أخذ الدعم الذي تستحقه".
وأكد الصفدي "الوضع في غزة ما زال كارثياً، وما زال يتفاقم على كل المستويات، حتى لو أدخل ما يكفي من الغذاء إلى غزة، وهذا لا يحدث، الكميات التي تدخل لا تلبي الحد الأدنى من حاجات الناس، فالكارثة الإنسانية تتفاقم لأن البيئة الكلية هي بيئة كارثية مع استمرار العدوان ومع تصعيده في رفح وفي شمال غزة".
واشار إلى التحديات الجمة التي تواجه الفلسطينيين في قطاع غزة، "ثمة تحدي الملاجئ المكتظة، وتدمير البنية التحتية الصحية، وعدم وجود مرافق صحية آمنة، وتدمير المدارس، حيث هنالك جيل كامل من الفلسطينيين الآن لا يذهب إلى المدارس، فبالتالي كل من يحاول أن يقول بأن الوضع في غزة تحسن، لا يقول الحقيقة، فالوضع في غزة يزداد سوءاً، والمساعدات لا تدخل بالشكل الكافي ولا يوجد هنالك أي خطوة تضمن حتى قدرة وكالات الأمم المتحدة التي تعتمد على الأونروا في توزيع القليل الذي يصل من الغذاء إلى مستحقيه في غزة".

وفي إجابة على سؤال حول الاغتيال السياسي الذي تتعرض له وكالة الأنروا، والهجمات الإسرائيلية المستمرة على الأنروا والموظفين الدوليين، والإنزالات الجوية على القطاع، قال الصفدي " جميع المعابر كانت مغلقة أمام إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة، وبالتالي استخدم الأردن خيار الإنزالات الجوية، وهذا الخيار لم يكن عنه بديلا في ذلك الوقت، وجلالة الملك عبدالله الثاني كان أكد أكثر من مرة، على أن الانزالات الجوية لا تلبي نقطة من بحر الاحتياجات التي فرضها العدوان الإسرائيلي على غزة، وموقفنا واضح، كل المعابر يجب أن تفتح، وكل القيود المفروضة على عمل منظمات الأمم المتحدة في غزة، يجب أن ترفع، ويجب السماح بإدخال كل الاحتياجات الإنسانية إلى غزة، ويجب التوقف عن استخدام التجويع سلاح حرب، وهذا يشكل في القانون الدولي جريمة حرب".
وأضاف "الإنزالات الجوية كانت وليدة ضرورة، لم يكن هنالك خيار، وانطلقنا بها من قاعدة أن كل لقمة خبز تسهم في إنقاذ حياة، في الوقت الذي كان الأطفال لا يجدون ما يأكلونه في أي يوم من الأيام، لكن الحل الأساسي هو في فتح كل المعابر، رفع كل القيود عن إدخال المساعدات، ورفع كل القيود عن منظمات الأمم المتحدة وحريتها عملها في غزة، والتوقف عن الاعتداء على موظفين الأمم المتحدة، والموظفين الإغاثيين، وعلى قوافل الإغاثات، وهاتان أيضاً جريمة حرب، وحل كل القضايا التي تسبب الكارثة الإنسانية التي يشكل نقص الغذاء والدواء والوقود جزء منها".
وزاد "هنالك فلسطينيون الآن يعيشون في مدارس الأنروا التي بدل أن تكون مدارس يتعلم فيها الأطفال، صارت ملاجئ يقتل فيها النازحون أيضاً جراء استمرار القصف الإسرائيلي على غزة، وثمة جرائم حرب كثيرة ارتكبت في غزة موثقة ونحن طالبنا ونطالب بتحقيق دولي كامل شفاف شامل يطبق القانون الدولي ويوقف جرائم الحرب هذه ويحاسب كل من هو مسؤول أو تثبت مسؤوليته عن هذه الجرائم".
وختم الصفدي "أتطلع إلى الاستمرار للعمل معاً من أجل أن نتجاوز هذه المرحلة الكارثية، لتبقى أنموذجاً على العمل الأممي الناجح القادر الذي ينطلق من مبادئ إنسانية جامعة، ويلبي حاجات حقيقية، ويسهم فعلاً في تخفيض التوتر، وفي بناء مستقبل أفضل لأجيال من اللاجئين الفلسطينيين الذين حرموا حقهم في الحرية والدولة والحياة الكريمة، والمدرسة، والعيادة".
وفي إجابة على سؤال حول دعم الأنروا، والتوصل لوقف لإطلاق النار في غزة، قال الصفدي "نحن نعمل على ذلك منذ اليوم الأول للتوصل لوقف لإطلاق النار، وشركاء آخرون؛ قطر ومصر والولايات المتحدة الأميركية، حاولوا وبذلوا الجهد للتوصل لوقف لإطلاق نار مقابل تبادل الأسرى، لكن العدوان الإسرائيلي استمر وعلى إسرائيل إيقاف عدوانها، ونحن ندعم صفقة تبادل الأسرى".
وزاد "من المهم أن نصل إلى هدنة، ولكن هنالك عدوان غير إنساني يستهدف المدنيين، والكثير من الفلسطينيين قتلوا؛ أكثر من 36 ألف فلسطيني معظمهم من النساء والأطفال قتلوا".
وأكد الصفدي ضرورة حشد الدعم الدولي اللازم للتوصل لوقف دائم لإطلاق النار، لأنه من دون وقف دائم لإطلاق النار لن نتكمن من إيقاف الكارثة الإنسانية التي تتزايد يوماً بعد يوم، ونحن نعمل من أجل ذلك ولا يوجد بديل آخر عن وقف العدوان".
وأشار إلى الأوضاع في الضفة الغربية، حيث قال "تشن إسرائيل حرباً على الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة عبر الاقتحامات المتواصلة للمدن الفلسطينية ومخيمات اللاجئين والسماح بهجمات المستوطنين الإرهابية التي تبث الرعب في قلوب الفلسطينيين، والهجوم على قوافل الإغاثة".
وقال الصفدي "إن الحكومة الاسرائيلية تقوم بخنق الاقتصاد الفلسطيني من خلال حجز أموال الفلسطينيين، في الوقت الذي تجاهر به إسرائيل على أن السلطة الوطنية الفلسطينية غير قادرة على دفع الرواتب".
وشدد على أن العالم يجب أن يجبر إسرائيل على الالتزام بالقوانين الدولية وعدم استخدام التجويع سلاحاً، وعلى فتح المعابر حتى يتمكن الفلسطينيون من الحصول على الغذاء والدواء، وعلى السماح لوكالات الأمم المتحدة في العمل بحرية وأن لا يتم إطلاق النار عليهم وعلى موظفي الأمم المتحدة.
وأضاف "يجب وقف العمليات العسكرية في رفح، وطلبنا من إسرائيل عدم الدخول إلى رفح بسبب الوضع الكارثي الذي سيسببه الاقتحام، إلا أنهم قاموا بمخالفة القوانين الدولية ولا يسمحون للمساعدات الإنسانية بالوصول إلى هنالك، ويجب على المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤولياته اتجاه الفلسطينيين وإيقاف المعاناة والحرب في غزة".
وزاد "لا يوجد هناك أفق سياسي لحل الدولتين، هناك دولة تحتل 5 ملايين شخص في الضفة الغربية وفي غزة، وما لدينا الآن هو فصل عنصري، هل الفصل العنصري هو وصفة للسلام أم أنه وصفة لمزيد من التعقيدات والخلافات؟"
من جهته، ثمّن لازاريني دعم المملكة المستمر للوكالة وتضامنها مع اللاجئين الفلسطينيين.
وقال "تحدثنا عن الوضع الإنساني، والقلق الذي أبدته الأمم المتحدة في غزة، وعن تقرير وزيرة الخارجية الفرنسية السابقة".
وأضاف "بالرغم من كل النداءات من المجتمع الدولي لمنع القيام باجتياح رفح، بدأ الاجتياح في السادس من أيار، واليوم لدينا نصف سكان غزة مجبرين على الهروب، وبالتأكيد لا يوجد مكان يذهبون إليه، فليس لدى الناس أي خيارات أخرى إلا العودة إلى الأماكن والمرافق التي تهدمت بما فيها مباني الأمم المتحدة".
وبين "منذ السادس من شهر أيار، والمساعدات تصل إلى غزة شحيحة، والمعبرين الرئيسين في الجنوب؛ رفح وكرم أبو سالم، تحولا إلى منطقة نزاع وحرب، ولا يوجد معابر لنقل المساعدات عبر الحدود حالياً".

وأشار لازاريني إلى موظفي الإغاثة الذين تم قتلهم، حيث قتل 189 موظفاً من الأونروا، وإلى المواقع التي تم تدميرها إما جزئياً أو كلياً وبلغت 160 موقعاً، وإلى الموظفين الذين تم اعتقالهم وتعذيبهم وإجبارهم على الاعتراف بجرائم لم يقترفوها".
وفيما يتعلق بتقرير وزيرة الخارجية الفرنسية السابقة كاثرين كولونا، قال لازاريني "تبنينا توصيات هذا التقرير ونحن ملتزمون بشكل كامل بتطبيقه وتنفيذ تلك التوصيات".
واضاف لازاريني، تتعرض الأنروا للاغتيال السياسي، حيث كان هناك نداءات لإلغاء الأونروا ليس فقط في غزة ولكن في القدس، ونحن نواجه ضغوطات مستقبلية لوجود الوكالة في الأراضي الفلسطينية المحتلة".
وأوضح "أن الجهود مستمرة للتوصل إلى وقف لإطلاق النار، ولوقف العدوان على رفح، ولم ننجح، ولكن الجهود يجب أن تستمر ولا يمكن أن نستسلم، ويجب أن نساعد أهل غزة ونحتاج إلى وقف لإطلاق النار وإلى تبادل للأسرى بين الطرفين وأن يكون لدينا ممرات ومعابر آمنة، ونريد إرادة سياسية حقيقية لتحقيق ذلك".
--(بترا)