د.حازم قشوع يكتب:تحصين الذات خير وقاية من المتغيرات !

تحصين الذات خير وقاية من المتغيرات !
 
د.حازم قشوع
 
يمكن التنقل بالمشاهدة بين انعقاد محكمة العدل الدولية لإدانة اسرائيل بجريمة الابادة الجماعية، وبين قمة العرب فى البحرين التى راحت لتؤكد دعمها للاعتراف بالدولة الفلسطينية، وبين معركة جباليا في غزة التي ذهبت تستهدف السيطرة على مفترق نتساريم كونه الشارع الفاصل بين شمال القطاع وجنوبه حتى تتمكن المقاومة الفلسطينية من تغيير قواعد الاشتباك عبر معركة جباليا لأن ذلك سيقود لتغيير الميزان السياسي على طاولة التفاوض او ان تذهب باتجاهآخر تجاه قمة تيار التعددية القطبية الذى استضافته بكين بين " تشي وبوتين" فى أول زيارة يقوم بها الرئيس الروسي بعد انتخابه رئيسا للجمهورية الروسية حيث كانت جملة التأكيد لوقف حرب غزة حاضرة وأهمية إقامة الدولة الفلسطينية موجودة.
 
أو أن تذهب تجاه حفلات التخرج بالجامعات الامريكية والاوروبية حيث دخلت الكوفية الفلسطينية في مراسم التخرج عند طلبة الجامعات واخذت علامات الانتصار لفلسطين محط ترحيب عند الجميع تشكل ظاهرة نوعية ترى أن فلسطين باتت تشكل فى كل هذه المشاهد محور أساس فهى حديث أروقة القانون الدولي كما هى حديث العرب في قمتهم وفلسطين موجودة على طاولة البحث القطبى (الجيواستراتيجي) كما لها حضور ميداني مقاوم وآخر متمم دبلوماسي بصوت متزن تمثله منظمة التحرير فى المحافل الدولية كما كانت فلسطين حاضرة على المستوى الشعبي بشكل كبير عندما تشكلت "أيقونة للحرية" عند حركة الشباب العالمي.
 
وهذا ما يدل على أن العالم يتغير عندما تتبدل الأولويات فالقضية الفلسطينية لم تكن أولوية فى بيت القرار الدولي ولا حتى الإقليمي وكانت الصورة الطاغيه فى المشهد العام هى صور التطبيع ومكانة اسرائيل الدوليه وهالتها العسكرية ومنزله اسرائيل الجيوسياسية، وهى جميعها تغيرت عندما انكشفت الصورة الحقيقية لاسرائيل وظهرت امكاناتها العسكرية العادية وصورتها اللاإنسانية وهو ما أثر على مكانتها الاقليمية والدولية، وغدت صورة اسرائيل في غير المكان الذي كانت عليه بنظر الكثير من المتابعين على الرغم من الدعم الدولى والرسمي الذي مازالت تتلقاه من البيت الأبيض لكن حقيقة فلسطين باتت تحمل حضور أوسع على كافة الاصعدة وهو مسلم من المهم بيانه كونه سيحمل بداية تغيير وعنوان لحركة متغير قادم سيما وان الاعتراف بالدولة الفلسطينية ستشكل بداية إطلاق واسع لمتغيرات شاملة قد تطال الكثير من الصورة فى الجغرافيا السياسية بالمنطقة.
 
صحيح ان مسالة التقيد بالنص وعدم الخروج عنه مازالت حاضرة بالخطاب الرسمي، لكن هذا التقيد مازال يأخذ بالشكل الظاهر وإن كانت اجواء التغيير مازالت حاضرة بالجوهر الباطن، واخذت تصيب بيت القرار بخلل مركب "بين مايراد وبين ما يمكن" الأمر الذي أخذ يشكل اهتزازات عميقة قد تحدث مفاجئة في أي وقت سيما وأن عوامل الاشتعال مازالت حاضرة وهو ما يجعل حالة التغيير قائمه وتبحث عن فتحة الخروج اذا لم تستدرك بعملية إجهاز عسكرية أو تتم عملية احتواء سياسية تنزع فتيل الأزمة بقرار يوقف الحرب ويقوم على حوصلة نيرانها بهدف عدم انتشارها، سيما وأن التحضيرات مازالت على قدم وساق على الرغم من اعلان الجميع الالتزام بقواعد الاشتباك لكن قمة "تشي وبوتين" دائما تسبق عنوان لحدث قادم على امتداد الأربعين لقاء الذى تم بينهما وهو ما يشير لمتغير قادم !
 
وهو المتغير الذي يقرأه الاردن جيدا ويجعله يتخذ خطوات حازمة لتحصين حدوده واجواءه فلا يخترقها أحد مهما كانت دوافعه وغاياته، وهي الإجراءات الأمنية التي اتخذها الأردن لغابات احترازية وليست لدواعى سياسية، الاردن كان وسيبقى نعم الداعم للقضية الفلسطينية ونعم النصير لقضيتها المركزية التى تعتبر قضيه وطنيه أردنية وليست فقط قومية لكن ذلك لن يكون على حساب امن الاردن وحالة استقراره، هذا ما يجب على القوى الإقليمية والتيارات السياسية معرفته جيدا حتى تتوقف محاولات اختراق الحدود الأردنية.
 
فالتغيير لن يكون عبر الأردن ولا من خلاله، فهذا خط احمر للكل الأردني بكل أطيافه وكل احزابه، واما الإسناد السياسي للقضية الفلسطينية فهذا ثابت تماما كالإسناد الإنساني الذي سيبقى متواصل بكل السبل وعبر كل المسارات، لكن المتغير وما تحمله رياحه من تغيير فلن يكون على حساب الاردن ولا حتى عبر اجواءه هذا ما قاله الاردن عندما قام بحماية اجواءه أيا كان مصدرها (إيرانية أوإسرائيلية) منعا لأية تجاذبات إقليمية وهو الأمر الذى يجب ان يكون معلوم للجميع فى ظل المتغيرات الإقليمية السائدة فان سياسية تحصين الذات أساسية وفي مرحلة الاهتزازات والمتغيرات الإقليمية فإنها تصبح واجبة !