الاردن .. بين الواقع المحتوم والهمز المكتوم .
محمد علي الزعبي
لا يحتمل الواقع تلك المناكفات والمهاترات ولا وضع اللوم على مؤسسات الدولة وشخوصها بضعف التخطيط او التنفيذ ، فالعناوين واضحة لا تشكيك فيها ولا لبس ولا يحق لنا الطعن في وطنية احد ،،، في سياسات الدولة ورسائلها وبرامجها وخططها التي تحمل آفاق وتطلعات حقيقية لما هو قادم ، بما تحمل من نتائج وبرامج تنتهجها الحكومة مرتسمة على الانجاز لا العبثية والتجاوزات او قول بلا فعل ، او فلسفة تصريحات لم تلامس الواقع ، سياسات أردنية بحته تتعمق في حل كل الازمات التى تواجه حاضرنا ومستقبلنا .. والاردن بكل مؤسساته تجاوز بكل وعي وتخطيط وادراك لواقع حياة المواطن وضيق المعيشة ، نتيجة تلك الازمات الداخلية والعالمية التي عصفت به ، وخلق اجواء اصلاحية اقتصادية واستثمارية وسياسات معتدله خارجية ، ونهج عالي في الادارة والتمكين والسيطرة والمتابعة لكل برامجها السياسية والاقتصادية ، لماذا لا نتحدث عن ما تحمله الاردن من اعباء نتيجة ما آلت إليه المنطقة .. اسئلة ووقائع برسم الاجابة لمن يعتقدون او يتجاهلون الانجاز والعطاء في الداخل والخارج والسياسات المتمكنة في رسم خارطة الطريق والمسارات التي تخدم الاردن وشعبه ويضمن حقوق الفلسطينيين وغيرهم من العرب .
ما افهمه وما هو واضح وضوحاً لا غباش فيه ، ان الهوس وجنون العظمة لدى البعض ، والسعي وراء كل الانماط الاستفزازية والعبثية ، من ادنى درجاتها لاقصاها ، هي طريقة تنم على عدم مقدرة الشخص المستفز بفهمه لواقع القرارات وايجابيات تلك السياسات ، او ضعفه في فهم ما يتحدث عنه البعض ، وسوء تفكيره وظنه بالاخرين وعدم رضاه عن كل قرار وطعنه بالاشخاص وطريقة طرحه للامور ، وعجزه كلياً عن فهمه للاسباب الموجبة في التأخير والتنفيذ او السرعة في التنفيذ ، فليست من صفات المؤسسات والاشخاص الذين يديرون المؤسسات محاولة المماطلة ويسعون لتحقيق ما يستطيعون فكل انجاز يسجل لهم ، ويسعون الى تحقيقه لغايات ان كانت انسانية او ما فرضهُ الواقع المحتوم عليهم ، فالابواب مشرعة لك منتقداً بادب دون اذى لفظي وعدم الصيد بالمياه العكرة والترهيب في نشر الاشاعات ، وتعزيزها لفظياً دون قرائن او دلالات ملموسة باسلوب همجي او ببهرجة صوتية لغايات ، وليست من اصول المخاطبات والتعامل ان تكون مستفزاً ، متعنتاً في الرأي غير آبه لما حولك ، وغير مطلع على نظرية العمل والسياسات ونتائجه الآنية والمستقبلية ، ساعياً الى الشعبوية على حساب الآخرين .
الاستدراج في الاستفزاز تعمي بصيرة البعض عن تفاصيل كثيرة وتجاهله في معرفة المعايير الواقعية ، فتلك الاوهام وجنون العظمة ، وعدم الاعتراف بواقع الحال وعدم احترام الاخر ، والاستهتار والاستقواء على الاخرين محتمياً بما لديك من وسائل تواصل او شاشات او متابعين ، وسوء تقديرك لصاحب القرار وتجاهلك لقدرتهُ العلمية والعملية ، هي صفة من صفات الضعفاء ، فلا تعيش في اوهام القوة ، فانت اضعف مما تتوقع ، فالحوار ميت ما دامت الكلمات لا ترقى الى مستوى الحديث والنقاش وادب الحوار ، سواء كان الحوار اجتماعي او سياسي او عام ، لذا وجب علينا منهجية الطرح وقبول ما لدى الآخر من طرح عملي ومنهجية اداء .
الكثير منا لا يعرف كيف يعوم الى عمق الرشاقة وانتقاء الكلمات ، فعملية الانفصال عن الذات يتطلب عوامل ثقافية واجتماعية يقررها العقل بكل بساطة ، فهي تولد العنف والانفصال عن الذات ، وهي ما ينتج عنها شخصية هزلية ناقمة يتقمص من خلالها شخصية القوة والمتانه ، اما اساليب الاستفزاز والطغى والتطاول والتجبر وهذا ما نشهده في هذه الايام من البعض ، ليست الطريقة المثلى للحصول على ما يخدم مصالح الوطن ومواطنيه ويحقق الرغبة في الانجاز ، والتعاطي مع مجريات الامور والرؤية الشفافة لخدمة الوطن ، بحيث يكون الرد عليه بطريقتين ، اما رداً ضمن الاطر الرسمية وياتي بحجم الاساءة بعد ان ينفذ مخزون الحلم ، والثانية تكون رد آني بنفس اسلوب المستفز ، فكل رد في حينه له مبرراته .
لماذا نطرق ابواب الجفى والتباكي على مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الالكترونية ، ولما هذه الهجمة غير المنطقية البعيدة عن العقلانية والرشد ، لماذا لا نقبل الملموس والحقيقة ، لما لا نقبل واقعنا وما فرضته علينا الظروف الاستثنائية والصراعات الجيوسياسية ، وعلينا كذلك ان ندرس قبل ان نطرح مواضيعنا وانتقادنا ، ونتطلع الى حياة مشتركة نسعى من اجل وطن ومن يعيش في اكنافه ، بعيداً عن الاستفزاز والنكران .
اقول للمنضرين تواضعوا وأنتم تتحدثون عن انفسكم أو سياساتكم فاساليبكم مكشوفه ..خصوصاً فيما يتعلق بقدرتك على الصمود والطرح والتنظير وتجاوز الحقائق .. واقول لاصحاب القرار أن التجارب تثبت وعلى مر التاريخ، إن سقط اُناس في هاوية الخسة والمجون ان تبتعد عن امثالهم ، فالأفضل من ذلك أن تدعوا الله أن يجنبك الفتنة ، وان يلهمك الصمود أمامها ، مرددين قول المتنبى …. ذو العقل يشقى فى النعيم بعقله ،،، وأخو الجهالة فى الشقاوة ينعمُ …