الانكفاء ام الاستغناء.. ثنائية ظالمة

بهدوء
عمر كلاب
الانكفاء ام الاستغناء.. ثنائية ظالمة
لم تصدح تكبيرات العيد, معلنة نهاية شهر رمضان المبارك, فقط, بل حملت معها نهاية الدورة العادية الاخيرة من عمر مجلس النواب, فاتحة الباب لكثير من الشهوات السياسية في الاردن, ليس اولها حل المجلس النيابي, وما يعقبه من تداعيات سياسية, يرى كثيرون انها ستكون في منتصف ايار, ويرى المتفاؤلون الرسميون, بانها ستكون بعد منتصف تموز, او بعيد الانتخابات النيابية, لكن مراكز صنع القرار ما زالت مرتبكة بعض الشيء في حسم المواقيت الوطنية, في ظل تداعيات الاقليم, واستمرار الحرب الابادية على فلسطين كلها وعلى قطاع غزة بتركيز اعلى.
صحيح ان صانع القرار, لا يسمح للاقليم بالضغط على اعصابه الحساسة ومواقيته الوطنية, لكن الامر مختلف هذه المرة, فالحرب على غزة القت بكل الظلال, على المشهد الوطني, وادارة ملفها داخليا يحتاج الى مراجعة عميقة, فتفسير المواقف الملكية, والديبلوماسية الاردنية التي يقودها الملك, حملت تطبيقات مزدوجة, فالجهد الانساني والسياسي, كان في اوج عطائه, لكنه لم ينعكس على الحراك الشعبي, الذي ظل يمارس بعض الانفعالات السياسية, وجاءت التوقيفات لتزيد الامر تعقيدا, فما يقوله المعتصمون والمتظاهرون, في معظمه تظهير للخطاب الديبلوماسي, رغم بعض حالات الشذوذ المحدودة جدا.
الامر الذي يستدعي مراجعة الخطاب الرسمي الداخلي, وليس التوسع في التوقيف وملاحقة النشطاء السياسيين, في مرحلة وطنية عنوانها الابرز, التحديث السياسي, والانتخابات على اسس حزبية لثلث المجلس النيابي, وهو ما صب في خدمة اعداء التحديث والاصلاح السياسي, ممن يرغبون في تأبيد حالة الاستعصاء السياسي, سواء ممن جحدوا الدور الاردني والجهود المبذولة قياسا بقدرة الاردن, او ممن يسعون الى تخريب الحالة حرصا على مصالحهم ونفوذهم, واظن ثمة توافق بين الطرفين على ابقاء حالة الاستعصاء, لانها تخدم اجندتهم على شدة تناقضهم.
الحالة السياسية, متوترة وليست مستعصية, فهي بحاجة الى ادارة حصيفة للملفات الوطنية, قوامها الايمان بأن الشارع الاردني وسطي بكل معاني الوسطية الايجابية, لكن هذا التيار الواسع, لم يجد من يقدم له المعلومة الوافية والحقيقية, فآثر الصمت والاستلقاء على فراش القلق, فظهر الصوت المتشنج من اطراف متباينة تحاول حشر الشارع في زوايا ضيقة, اما الانكفاء واما الاستغناء, وكلاهما متطرف, والغائب هو الخطاب الرشيد, والسردية الوطنية, التي تضع الشارع امام مسؤولياته الوطنية الكاملة, والشارع يتقن مهارة الحفاظ على دولته وامنه وسيادته, كنا كشفت كل التجارب التاريخية.